أختلف مع كل من وصف مؤتمر الإسلاميين لدعم سوريا فى الصالة المُغطاة بأنه مؤتمر لدعم وطن شقيق فى محنة وتجمُع للتأكيد على وجود رئيس مصرى ينتمى لجماعة تحمل مبادئ سامية لمُساندة الشعوب العربية المقهورة. أختلف لأنه من خلال قراءاتى عن جماعة الإخوان، بل ومن خلال متابعة سلوكهم اليوم بعد خروجهم من الجحور المُظلمة..يتولد لدى يقين بأن أبناء الجماعة المحظورة لا يمتلكون تلك المبادئ التى يتحدثون عنها ولا يمتلكون موهبة الصدق فى الحفاظ على الأمانة.. لكنهم دون شك يمتلكون موهبة التجارة وفن إملاء القطيع..فهم عندما تفوقوا فى تجارة محال الأثاث والسوبر ماركت، تصوروا أن التجارة بالدين سوف تعود عليهم بنفس الربح..لكن هيهات.. بارت تجارتهم..وهبطت أسهمهم.. وأصبحوا عرايا بلا غطاء أخلاقى أمام من كانوا يحسبونهم مُفترى عليهم.
كما أختلف أيضا مع كل من وصفوا المؤتمر بعبارات ساخرة تدل على أنه كان مُباراة اعتزال الرئيس مُرسى! لأن د.مرسى وبكل أسف لم يُدرك بعد أن أوان رحيله قد حان، ولا أن أوان اعتزاله الملاعب السياسية أصبح حتمياً بعد أن بات وشيكا نزول مصر إلى دورى الدرجة الثانية!
فالرجل تربى فى جماعة تتنفس سمعا وطاعة.. فكما انحنى هو يوما ليقبل يد المرشد وكأنه يقبل يد ولى من أولياء الله دون خشا ولا خجل، فهو اليوم يظن أو يريد أن يظن أن من جروا خلفه يقبلون أياديه وسط تهليل الصالة وتكبيرات المُغيبين أمر يدل على شعبيته الخارقة، التى أتصور أنه يستشعر حجمها كل يوم جُمعة حين يخرج للصلاة دون ترتيبات سابقة فتحاصره اللعنات والهُتافات.. وأتصور أنه يتقلب يمينا ويسارا فى ليله الطويل متوسلا إلى النوم الذى يُجافيه كى يأتى وسط مطاردة الكلمة التى تطن فى أذنه كل لحظة: (ارحل.. ارحل).
كما أتصور أن من يمسكون بدفة الحُكم فى مكتب الإرشاد يجبرونه على البقاء وعلى الاستمرار فى إلقاء الخُطب التى يكتبها له أدباء الحرية والعدالة الذين يُعانون من أمية المشاعر وركاكة الكلمات! حتى لو كان الرئيس نفسه يرى أنها كلمات تهوى بشعبيته ومصداقيته إلى بئر الكراهية، وحتى لو كان هو فى قرارة نفسه يستشعر فشل إدارة الإخوان.. فمن منا يستمتع بالهجوم والكراهية والسُباب إلا لو كان أصم المشاعر وضرير الحواس؟
أشعر بالرثاء للرئيس وما يُعانيه من صبر على قضية بلا قوام ولا هدف محترم، وهى قضية تمكين الإخوان على جثة وطن عظيم!.. أشعر بالحزن لما آلت إليه مصر وما وصل به حال الحُكم بها.. فمصر محمد على، ومحمد نجيب، وأنور السادات ليست مصر محمد مُرسى، إنها مثل الشابة التى خط وجهها الزمان بريشة الشيب فتحولت إلى عجوز شمطاء.. لك الله يا مصر.
كنت أتمنى لو كان لدى جماعة الإخوان الشجاعة الكافية ليعترفوا بفشلهم، وليتراجعوا عن خططهم التمكينية من أجل بقاء مصر الأم، لكن يبدو أن خوفهم من العودة إلى سجون العادلى بات ذكرى تطاردهم كلما حاولوا الانسحاب!
إن ما حدث فى الصالة المُغطاة عبث وصورة لحشد ذكرنى بمباريات كرة القدم (لما كان عساكر الأمن المركزى بيلبسوا فانلات حمراء وهما رايحين يشجعوا الزمالك)!
إن كلمة الشيخ محمد عبدالمقصود (لو جاز أن أطلق عليه لقب شيخ) كلمة تُثير الغثيان، أربأ بالرئيس من موافقته على الوقوع فى فخ التواجد وسط هذا الجمع الإرهابى، وأشعر بالشفقة لكل من كان موجودا بالقاعة وصفق لرجل يرتدى عباءة الدين وهو لا يعرف معنى أن يعف لسانه عن تكفير بنى دينه.. أما دعواه بأن نُصرة الإسلام سوف تكون يوم 30 يونيو، فاسمح لى أن أسألك يا أستاذى، من سمح لك بأن تتحدث باسم الإسلام؟ من فوضك لتتبنى خدعة الدعوة فى وطن بلا أنبياء؟!
لقد افتتح الرئيس المؤتمر بمشهد أشبه بافتتاح حفل الدورة الأوليمبية (بس لما تتعمل على ملاعب استاد بركة السبع)!.. وهو مشهد علم سوريا الذى أمسكه وكأنه صلاح الدين حين يتآمر لنُصرة قضية ريتشارد قلب الأسد يوم عاشوراء!
يا د.مُرسى إنك بالأمس تحالفت مع الرئيس الإيرانى واحتضنته بكل الود والحب وكأن إيران هى قلب مصر النابض، واليوم حين أعطت ماما أمريكا إشارة الموافقة على بدء تسليح ثوار سوريا، وقفت تُهلل مؤيداً موقفهم من أجل الفوز باستمرار الدعم الأمريكى الصهيونى لحُكم الإخوان، خصوصا بعدما أصبح وجودكم الشرعى المُغلف بتأييد الشعب على المحك.
وكما افتتح الرئيس المؤتمر قرر أن يختتمه أيضا، ولكن هذه المرة بكلمة تاريخية وصف فيها الذين قرروا التظاهر يوم 30 يونيو «بالواهمين».
يا د.مرسى حركة تمرد ليست مشروعاً وهمياً لأنها خرجت من رحم الغضب الشعبى، والذين وقعوا عليها ليسوا بالواهمين لأنهم يمتلكون صفات أخرى حقيقية.. إنهم سيدى.. مُغرمون وغيورون وحالمون ومحاربون وواثقون.
مُغرمون بحُب مصر..وغيورون على تاريخها.. وحالمون بغد أفضل.. ومحاربون من أجل محو الطغيان.. وواثقون من قدرتهم على التصدى لقلة من المنافقين.
أما كل من كانوا ضمن الحضور فى هذا المؤتمر الذى كان ظاهره سوريا وباطنه عاراً.. المؤتمر الذى كان فحواه الذعر من شعب قرر أن «يتمرد» لحقوقه فى وجه حشد قرر أن «يتجرد» من أخلاقه.
فهؤلاء من الممكن أن نمنحهم لقب «المنافقون»!
فحين تصفقون لباطل أنتم مُنافقون.. وحين ترتعدون من كلمة الحق فأنتم مُنافقون..وحين تموت بين ضلوعكم كلمة الوطن أنتم مُنافقون.. وحين تستعينون بالإرهاب من أجل التمكين فأنتم منافقون.. وحين تتصدون لقضية زائفة فأنتم منافقون.. وحين تتخفون وراء دين لا تمتلكون أخلاقه فأنتم منافقون..