دعا حزب الوسط، المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إلى حوار وطني عاجل، فيما بدا أنه أول تحرك سياسي لتفادي صدام محتمل بين الإسلاميين من حكام البلاد الجدد وأنصارهم، وقوى شعبية وسياسية، على خلفية دعوة حملة «تمرد» للتظاهر في 30 يونيو (حزيران) الحالي لإجبار الرئيس محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان، على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وجاءت ردود الفعل الأولية على دعوة حزب الوسط منذرة بفشلها في جمع فرقاء المشهد السياسي قبل نهاية الشهر الحالي. ووصف عمرو موسى، المرشح الرئاسي السابق وأحد المدعوين للحوار، مبادرة الوسط ب«النمطية»، بينما رفضها الدكتور عمرو حمزاوي رئيس حزب «مصر الحرية»، قائلا إن «الرئيس مرسي فقد شرعيته الأخلاقية»، بينما بدأت أحزاب معارضة أخرى استطلاع رأي قواعدها.
وقال مراقبون إن الدعوة تعد مؤشرا على شعور النخبة الإسلامية الحاكمة بجدية ومخاطر المظاهرات التي دعت لها «تمرد» بعد أن حظيت حملتها باهتمام جماهيري غير مسبوق.
وتقول قيادات حملة «تمرد» إنها اقتربت من جمع 15 مليون توقيع على استمارات سحب الثقة من الرئيس مرسي. ورتبت الحملة مع قوى ثورية أخرى سيناريو لتسليم السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا في البلاد، إذا ما نجحوا في إجبار الرئيس على الرحيل في الذكرى الأولى لتوليه منصبه نهاية الشهر الحالي.
وأعلنت قيادات حزب الوسط، في مؤتمر صحافي، أمس، مبادرة ل«المصالحة الوطنية الشاملة»، دعوا فيها رموز وقيادات من قوى المعارضة والموالاة. وقال الحزب في بيان له أمس: «يدعو حزب الوسط كافة القوى السياسية لاجتماع عاجل خلال موعد لا يتجاوز هذا الأسبوع لإنجاز مصالحة وطنية شاملة تجنب البلاد الارتباك وسياسة الحشود والحشود المقابلة ولحفظ دماء المصريين ومستقبلهم».
وأشار البيان الذي تلاه أبو العلا ماضي، رئيس الحزب، إلى أن حزبه «تواصل فعلا» مع القوى والأحزاب السياسية، وأنه بانتظار تجاوب الأحزاب لمبادرته.
وتعددت الدعوات إلى حوار وطني شامل في البلاد أكثر من مرة، لكن قيادات المعارضة الرئيسة التي انضوت تحت مظلة «جبهة الإنقاذ» لم تشارك في أي منها، قائلين إن تلك الدعوات تفتقر إلى جدول أعمال واضح وآلية لالتزام ما يتم الاتفاق بشأنه.
واقترح حزب الوسط جدول أعمال للحوار من عدة نقاط؛ منها «كيفية تحقيق شراكة سياسية بين كل أبناء شعبنا المصري، والموقف من الحكومة القائمة، والموقف من انتخابات مجلس النواب، والموقف من المخاطر الخارجية التي تهدد كيان الدولة المصرية، وعلى رأسها مشروع (سد النهضة) الإثيوبي على مياه النيل».
وضمت قائمة الرموز السياسية المدعوة إلى الحوار 16 اسما، أبرزهم: «محمد البرادعي - حزب الدستور، محمد سعد الكتاتني - حزب الحرية والعدالة، حمدين صباحي - التيار الشعبي، عبد المنعم أبو الفتوح - حزب مصر القوية، أيمن نور - حزب غد الثورة، السيد البدوي - حزب الوفد، يونس مخيون - حزب النور، محمد أبو الغار - الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، حازم صلاح أبو إسماعيل - حزب الراية».
وفي أول تعليق لقيادات «جبهة الإنقاذ»، وصف موسى، رئيس حزب المؤتمر، الدعوة التي أطلقها حزب الوسط ب«النمطية»، قائلا ل«الشرق الأوسط»: «الحوار دائما مطروح، لكن أي تحرك سياسي عليه أن يأخذ في اعتباره الإحباط الذي يسود الشارع المصري الذي عبرت عنه حملة (تمرد).. هذا تعبير صادق عن المزاج الشعبي».
وأضاف موسى: «فكرة الحوار المطروح نمطية.. سبق أن تقدمنا بمقترحات واضحة. ما نريده إجراءات فورية للتعامل مع الأوضاع الحالية لمعالجة الغضب الشعبي والانقسام. هذا وقت لا يحتاج إلى حوار، بل قرارات، مع الأخذ في الاعتبار ما تحمله حملة (تمرد) من دلالات واضحة عن المطالب الشعبية».
من جانبه، رفض حمزاوي، وهو قيادي في «جبهة الإنقاذ»، دعوة حزب الوسط، قائلا ل«الشرق الأوسط»: «الرئيس مرسي فقد الشرعية الأخلاقية ولم يحصل على شرعية إنجاز، وموقفنا من هذا الأمر واضح، ينبغي تغيير الرئيس عبر صندوق انتخابات رئاسية مبكرة».
وكان حمزاوي أول سياسي في البلاد يدعو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لكن قبوله مؤخرا دعوة الرئاسة لإجراء حوار وطني حول أزمة بناء سد إثيوبي على منابع النيل أثار عاصفة من الجدل.
وأضاف حمزاوي: «قبولي لحوار أزمة مياه النيل جاء على خلفية كونها قضية أمن قومي، لن تنتظر حل خلافاتنا الداخلية، لكن الموقف مختلف مع القضايا السياسية الداخلية، وحزب (مصر الحرية) لن يشارك في مؤتمرات أو حوارات، بل في الضغط الشعبي السلمي من أجل انتخابات رئاسية مبكرة والإنهاء الديمقراطي لرئاسة فاشلة».
ولا تزال أحزاب أخرى معارضة تدرس موقفها من الدعوة. وقال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: «أبو العلا ماضي فاتحني في الأمر قبل يومين، وأنا حاليا في انتظار استطلاع رأي الحزب في قبول الدعوة أو رفضها».
من جهته، قال عمرو مكي، المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، إن حزبه يرى أن الحوار هو الطريق الوحيد لإبعاد البلاد عن النفق المظلم وشبح الحرب الأهلية الذي يلوح في الأفق، لافتا إلى أن «النور» يقبل الدعوة وسيعمل على إقناع قيادات «جبهة الإنقاذ» بالمشاركة.