لا شك اننا جميعا نبحث عن شكل من اشكال التواصل بين اصحاب كل الديانات لانه ما من طريق انبذ الخلافات والتي للاسف مع تقدم الزمن ووسائل الاتصالات بين الناس فإنها علي عكس المتوقع تذداد سخونة وإشتعالا بل وتصل احيانا الي الاضطهاد بإسم الدين وإرتكاب الجرائم الجثيمة؛ وكل الاديان براء من هذه الجرائم وهؤلاء الجهلاء والذين لهم علينا واجب ان نحاول معهم التوصل الي فهم الاديان وتوضيح هذه الوجوه المشوههة للاديان حتي نعلم حقا اوجه الداء؛ وتوضيح اوجه التشابه بين الاديان جميعا في حثها علي الخير والسلام وحفظ الحقوق وان يكون شعورنا نحو هؤلاء الذين يرتكبون الجرائم بإسم الدين كما فعل الانبياء تجاه جهلاء اقوامهم لما قالوا عليهم اتم الصلوات والتسليم "اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون " . علينا ان اردنا الاصلاح وهو مبتغانا ان نبحث في اسباب هذه المشكلة وما هي ؟ .انها مشكلة التعصب لدرجة ارتكاب الجرائم بلإسم الدين .وان نحاولجاهدين قدر طاقتنا ان نبرز حلولا لهذه المشكلة وهذا ما اردناه دوما .. إن لهذه المشكلة ولللإسف اسباب عدة ربما لم تتعرض للبحث والتمحيص وهذا ما سنحاول فعله من ذكر بعض الاسباب داعين الله لنا ولغيرنا التوفيق .. انانية اصحاب الديانات .... لعلنا لم نسمع كثيرا بهذا المصطلح ولكنه ولا شك من اهم اسباب المشكلة بالإضافة الي عدم الفهم وعلينا اولا ان نفهم ماهية هذا المصطلح ؛ تتمثل انانية اصحاب الديانات في ان يظن اصحاب كل ديانة انهم وحدهم من تشملهم رحمة الخالق وأن غيرهم هم اعداء لهم لمجرد عدم اعتقادهم بما يؤمنون هم . ولعل من اهم اسباب هذه الظاهرة عدم فهم الرسالة العامة والشاملة للاديان وان جميعها دعت الي تكريمالانسان وتقدير وتقرير معني الانسانية . وايضا من اهم هذه الاسباب هو التربيةالدينية الخاطئة التي ترسخ المعتقدات الخاطئة والتي من شأنها ان تذيد من خطر المشكلة . كأن نزرع في النشيء فكرة ان الاخر هو العدو مع ان هذا ما لم ترد به الاديان ولا اعتقد انه توجد ديانة تأمر اصحابها بإغتصاب الحقوق وسقك الدماء لمجرد ان هذا الاخر لا يعترف بما يعتقده معتنقيها .. اعتقد انه علينا تغيير هذه النظرة للاخر لانه الحل السهل والامثل لهذه المشكلة ..فهل سألنا انفسنا يوما لماذا خلقنا الله مختلفين بهذه الدرجة ؟ لماذا خلقنا امما نختلف في اللون والعرق والدين ؟ .اعتقد اننا لم نخير في ذلك او ربما توافقت إرادتنا مع مشيئة الله ...بالتأكيد ليس الهدف من هذا الإختلاف التناحر والكره والقتال وإلا كان الله ليخلقنا امة واحدة نحيا بسلام لأنه اطلق علي نفسه اسم السلام . قال تعالي " ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين " فإذا علمنا ان هذه مشيئة الله وأن الله ارادلنا ذلك وكأنه اراد ان يعلم من منا يلتزم بما امر الله من العدل والانصاف لمن لايؤمنون بما نعتقد ..فالأجدر بنا أن نقدر اختلافنا وأن نترك الدين لله لانه علاقة بين العبد وربه وليس لاحد اخر ان يتدخل فيها مذيدا او منقصا .. إن كان الله تعالي قد قال " ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا " ..والمعني ايضا ان الله اراد لنا الاختلاف كما جاء في تفسير " التحرير والتنوير .فالمعني ان الله اراد لنا الإختلاف ؛ فأقتضت حكمته أن خلق العقول متأثرة ومنفعلة بمؤثرات التفاوت في ادراك الحقائق فلم يتواطنوا علي الايمان؛ وما كان لنفس ان تؤمن إلا إذا استكملت خلقة عقلها ما يعينها للنظر الصحيح وحسن الوعي لدعوة الخير ومغالبة الهدي في الإعتراف بالحق . فإن كان الله قد اراد لنا هذا فأعتقد أنه من "حسن الايمان" قبول هذا الاختلاف واعتباره سنة لله في الارض و التعامل معه كما يريد الله عز وجل بالرفق والتراحم لا بالعنف والكره والقتل ... ولما كان قبول هذا الاختلاف من حسن الايمان فلم نجد اختلافا بين الاديان والاخلاق في هذا الامر بل كان الاتساق والاتفاق علي احترام الانسان الذي كرمه الله " لقد كرمنا بني ادم " وما لنا أن نهين ونحتقر من كرم الله الا بالحق وان ننظر لما ذا قال تعالي بني ادم ولم يذكر اي فئة ممن امنوا به ؟...إنه العدل الذي وصف نفسه به حتي مع من لم يؤمن به ؛ فإن كان الله قد فعل هذا مع من لم يؤمن به فلا اري لنا دورا إلا أن نكون ربانيين ونحاول أن نقترب من أقرب حد لهذه الصفة العظيمة "العدل" ؛ وقد كان مما امرنا الله به ايضا احترام عقلية هذا الاخر وعدم تسفيه رأيه او معتقداته كما قال " ولا تسبوا من يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ." .فلننظر الي رحمة الله حتي مع من سبالذات الالهية حينما قال " بغير علم" وكأنه يقول لنا ألا نكرههم او نتعصب ضدهم لانهم لم يسبوا الله جحودا ولكن جهلا به وبذاته عز وجلوهنا تكمن رسالة من الله عز وجل وجب علينا فهمها ونشرها وجعلها سنة بيننا حينما يقول " لو خلقتموهم لرحمتموهم " وكأن الله عز وجل يتعجب من بعض من خلق يغيرون علي الحقوق ولا يتفكرون في حكمة الخالق من خلقنا مع هكذا إختلاف وهذا ما ذكره الدكتور عبد الحليم حفني في كتابه " انصاف الخصم في القران" . ولم يذكر القران سببا للكره والبغض للاخر الا في الاية الكريمة " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم أن الله يحب المقسطين " . وكأنه يضع لنا شرطه لمن يجب بغضهم بل وقتالهم وليس اي احد دونهم .. ومن هنا اقول انني اتقبل سنة والله واحب كل ما خلق الله فمالهم يكرهون ارادة الله ؟ويهينون ما كرم الله بغير الحق؟ ويظنون انهم بذلك يرضون الله وينتصرون للدين ولا اري فيهم الا قوله عز وجل " قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا " .فأدعو لهم ولنا جميعا بالهداية وفهم الدين كما اراده الخالق عز وجل . فاللهم انت خالقنا وهادينا ومرشدنا الي الحق المبين اهدي لنا عقولنا الي الحق إنك علي كل شيء قدير .