"وزراة الداخلية" أول من أنشاها محمد على وتحسين باشا أول وزير وسعد زغلول ولطفى السيد أشهر وزرائها.. جهاز أمن الدولة أنشأه الإنجليز وحافظ عليه "ناصر والسادات ومبارك" ..
النبوى كان يكره المعارضة وذكى بدر "لسانه طويل".. ورشدى "قاهر المخدرات" .. و"العادلى" الأكثر مدة ..
عبدالرحمن عباس
حينما حاول الشاعر أن يصف معنى كلمة وطن فقال كلمتين فقط لا غير "مصر العزيزة لى وطن وهى الحمى وهى السكن" هذا هو مفهوم الوطن هو ذلك المكان الذى تشعر فيه بالأمان وحينما يغيب هذا الأمان يصبح وقتها لا شئ مهم ويصبح وقتها لاشئ يستحق الحياة.
من حقك أن تنام وأنت مطمئنا ومن حقك أن تسير وأنت مطمئنا واذا تعرضت لمكروه يجب أن يكون هناك من يأتى لك بحقك ولذلك وجد شئ أسمه دستور ولذلك وجد شئ أسمه قانون ووجد شئ اسمه وزارة الداخلية المسئولة عن تنفيذ تلك القوانين.
الأمان هو الشئ الوحيد الذى نحتاجه وحسبما ذكرت علوم التنمية البشرية فهو إحدى الإحتياجات العشر لأى إنسان لكى يستمر فى تلك الحياة هذا من الناحية الإنسانية أما من ناحية العلوم السياسية فالأمن هو أساس الإستثمار فلا توجد دولة غير مستقرة تحدث فيها إستثمارات ونهوض بالبلاد وبالتالى أصبحت تتخذ معالما اخرى غير الناحية الإنسانية فقط.
وفى مصر "وزارة الداخلية" لها طابع خاص نظرا لإستخدامها أداة قمع فى يد أى سلطة تريد الديكاتاتورية والتسلط ولذلك قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير بالتحديد فى ذلك الوقت عيد الشرطة لتنهى أسطورة الداخلية التى لا تهزم.
والآن وبعد الثورة وبعد تولى أول رئيس مدنى منتخب للبلاد ومع توقع تغيير جذرى فى سياسات "وزارة الداخلية" كان الواقع مريرا فما زال هناك معتقلات ومازال هناك غاز وخرطوش ومازال هناك قيادات "مبارك" فى الوزارة ومازال الإنفلات الأمنى موجود حتى إنك لا تأمن فى السير بعد الساعة السابعة فى بعد المناطق وهو ما جعلنا نفتح ذلك الملف الشائك وهو ملف "وزارة الداخلية" لعل يكون هناك من يستجيب ولعل يكون كلام الخبراء فى هذا الصدد هو ملامح خطة لتطوير الداخلية لتعود مرة أخرى فى خدمة الشعب.
كان اول ظهور ل"وزارة الداخلية" فى عام 1805 على يد "محمد على" حينما أمر بإنشاء ديوان الوالى لضبط الأمن فى القاهرة وفى عام 1857 عرفت بإسم نظارة الداخلية ثم تحولت الى وزارة رأسها وزير الداخلية "تحسين" باشا رشدى وذلك فى أعقاب الحرب العاليمة الأولى وإعلان حالة الطوارئ وتغيير مناصب سياسية ومسميات وكان منها أن سميت تلك النظارة بإسم "وزارة الداخلية".
مثلت "وزارة الداخلية" ركن أساسى من أركان النظام فى مصر حيث إن مهتمها وكما نص الدستور ووصفها بإنها هيئة مدنية نظامية "شبه عسكرية "رئيسها الأعلى هو رئيس الجمهورية وتحتوى على تشكيل شبه عسكرى وهو ما يعرف باسم قوات الأمن المركزى المنوط بها حماية الشعب من أعمال الشغب وفى الاحداث الخارجة أوالخطيرة وأفراد هذا الجهاز خاضعين لقانون التجنيد العسكرى وكما يسمى الجيش هو حامى الحدود الخارجية تسمى الداخلية هى الجناج الثانى وحامية البلاد فى الداخل.
ويأتى دور "وزارة الداخلية" بنص الدستور فى كفالة الطمأنية للمواطنين والسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وتتولى تنفيذ ما تعرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك على الوجه المبين بالقانون.
كان ل"وزارة الداخلية" الدور الأساسى فى الأحداث حيث إن من يملكها يملك لعبة الإنتخابات وأشياء أخرى كثيرة ولذلك كان رؤساء الوزارء يجمعون بين "رئاسة الوزارء" ، و "وزارة الداخلية" حتى يضمنوا البقاء نظراً لما تمثله من قوى وكان "سعد زغلول" وزير داخلية بجانب رئاسته للوزارء ، وتولاها يضاً "احمد لطفى السيد" وكان "سعد" قد أبعد المناوئين له وعين من عاونوه فى الكفاح واصبغها بالصبغة السياسية.
حين قامت ثورة يوليو تولى "عبد الناصر" أيضاً وزارة الداخلية نظراً لما تمثلها من أهمية فى المجتمع المصرى ولكن الآن اصبح من يتولى وزارة الداخلية لابد ان يكون شرطيا خرج من كلية وانتهى الطابع السياسى واصبح هناك الطابع الامنى اكثر.
وكانت ل"وزارة الداخلية" العديد من المهام فى حماية منشآت عامة وايضا هناك شرطة التموين والإتصالات والضرائب وكثير من الإدارات كالمرورما الى ذلك من مهام كلها تقع على عاتق "وزارة الداخلية".
ول"وزارة الداخلية" العديد من الأمور الهامة فى الوطن وكان على رأسها هو عام 1951 عندما تصدت للعدوان وكان ذلك هو عيدها يوم الخامس والعشرون من يناير ولكن بسبب توغلها فى الحياة السياسية اصبح هو عيد نكستها وعيد الثورة المصرية التى ثارت ضد الداخلية.
كان الدور الذى تقوم به "وزارة الداخلية" هو دور مقدس ولا شك إلا أن إنشاء جهاز امن الدولة كان له دورا أخر فى مصر لا يقترب من قريب أو بعيد من أمن الدولة وهو الجهاز الذى انشأ عام 1913 وفى ظل الإحتلال الإنجليزى لمصرى وأطلق عليه جهاز الأمن السياسى وهو أقدم جهاز من نوعه فى الشرق الأوسط وتولى إدارته لأول مرة اللواء "سليم زكى" حكمدار القاهرة وفى عام 1936 أنشا له فرع فى الاسكندرية.
حينما قامت ثورة يوليو ظل هذا الجهاز كما هو برغم جميع التطورات التى حدثت فيه واصبح اسمه المباحث العامة وفى عصر "السادات" سمى بمباحث امن الدولة واخيرا سمى بجهاز امن الدولة وكان من تقاليده أن أى رئيس له حينما يخرج على المعاش يتولى منصبا فى الدولة كمحافظ أو ماشابه.
جهاز أمن الدولة هو الجهاز الوحيد الذى كان سببا فى كره الشعب المصرى لتلك الوزارة حيث أن هذا الجهاز كان القمع فيه هو الأساس واجهزة التعذيب متواجدة فيه وتصل إلى حد القتل فى بعض الأحيان وكان هذا واضحا جدا من حوداث كثيرة للمعتقلين ولعل كتاب "عاصمة جهنم" كان خير دليل وكان آخر تلك الأمور هو "خالد سعيد" و"سيد بلال" مفجرى الثورة المصرية وإستمر الوضع حتى أضيف اليهم اخيرا "محمد الجندى".
منذ نشاة الوزارة وتوافد الوزراء عليها لم يشتهر فيهم أحد إلا أربعة وزاراء كانوا علامة فارقة فى تاريخ "وزارة الداخلية" كلها وكان أولهم هو الراحل "النبوى اسماعيل" أشهر وزير داخلية فى عهد "السادات" وقد تولى "النبوى اسماعيل" منصبه كوزير للداخلية بعدما قضى وقتا وهو نائبا للوزير "ممدوح سالم" الذى جمع بين رئاسة الوزارة و"وزارة الداخلية" وقد ولاه "السادات" هذا المنصب قبل سفره إلى اسرائيل وقال له قبل ان يصعد كما قال :النبوى اسماعيل " خذ بالك من البلد يا نبوى " وهو يقصد الجبهة الداخلية ومن هنا وفى تلك الفترة شهدت البلاد موجة من الإعتقلات كان أشهرها هو إعتقالات سبتمبر التى تمت فى عهده .
"النبوى اسماعيل" صاحب نظرية فى المعارضة المصرية حيث يرى إنها جميعها ممولة من الخارج ولكنه فشل فى أكثر الإاختبارات دقة وهى "اغتيال السادات" حيث قال "النبوى" علمت بموعد الاغيتال وقلت للرئيس "السادات" ولكنه لم يهتم بكلامى فكأنه كان مصمم على الإنتحار !.
أما ثانى الوزاراء من حيث التأثير فى تاريخ وزارة الداخلية كان "احمد رشدى" وعلى الرغم من أن توليته كان فى عامين فقط من عام 1984 إلى 1986 إلى انه كان له الشهرة الكبيرة والثقة الكبيرة عند الشعب المصرى لأنه الوزير الذى إشتهر بقاهر المخدرات.
وقد شهدت مصر فى عصر "رشدى" ازهى العصور حيث أن اشهر المناطق التى اشتهرت ببيع المخدرات كالباطنية هو من تصدى لها وبالضباط وليس المرشدين وأستطاع القضاء عليها بل وعرف الشارع الإنضباط فى عهدة وحينما إستقال بعد أحداث الأمن المركزى الشهيرة أسف عليه الشعب المصرى وأنتخب فى مجلس الشعب وكان اشهر شيئا بعد تركه المنصب ظهور نوع من المخدرات اسمه " باى باى رشدى ".
ثالت هؤلاء الوزارة هو اللواء "ذكى بدر" أعنف وزير داخلية منذ قيام ثورة يوليو وقد كان عنيفا فى كل شئ فى الشتائم قذارة اللسان وقد كان هذا الوزير أكثر من تصدر للتيارات الدينية وفى عهده حدثت مجزرة الاقصر كنوع من رد العنف الذي تعرضت له الجماعات الإسلامية فى سجون "ذكى بدر" الذى حولها لهم جحيم.
واقيل "ذكى بدر" من الوزارة بسبب لسانه فى مؤتمر للضباط تناول المعارضة بأقذر الشتائم وبعض رموز الدولة وهو ما أدى إلى إقالته.
ويأتى اللواء "حبيب العادلى" كرابع وزير للداخلية ، أثر كثيراً فى الوزارة بل وكان سبباً لقيام ثورة 25 يناير وأكثرهم مدة ، فقد تولى المنصب لمدة 14 عاما تصدى خلالها للنشطاء السياسيين وقمع الكثير سواء من التيارات الإسلامية أو المدنية ، وكان آخر جرائم للداخلية فى عهده هو قتل "خالد سعيد" و"سيد بلال" ، وهو من قامت عليه الثورة ويقبع الأن خلف الأسوار بتهمة قتل المتظاهرين.
كانت ومازالت الداخلية هي العدو الأول للحرية في مصر .. فهل سيتم إعادة هيكلتها لتصبح حصن الأمان للمصرين بدلا من حصن العذاب والإهانة ..!!