من المثير ألا تجد وزارة الداخلية في سجلها نقطة مشرقة للاحتفال بعيد الشرطة سوي واقعة محاصرة القوات الإنجليزية لبلوكات وثكنات الشرطة ومبني محافظة الإسماعيلية في 25 يناير 1952 قبل الثورة وإبان العصر الملكي مما يطرح العديد من التساؤلات منها هل غابت الأحداث البارزة من تاريخ الداخلية منذ هذه الواقعة؟ وهل تغير الدور البطولي لرجال الشرطة في ظل أنظمة كل هدفها تسخير هذا الجهاز لحماية أمنه وقمع المواطنين وتعذيبهم واعتقالهم؟ أما عن قائمة وزراء الداخلية بعد الثورة فقد ضمت 18 وزيراً أسوأهم بالطبع العادلي والذي مازال يشغل منصبه منذ 1997 وحتي الآن لتنفيذه أجندة النظام الذي لا يهمه سوي الاستمرار في الحكم حتي لو كان علي حساب اعتقال المواطنين وتعذيبهم وقمع المظاهرات والاعتداء الجسدي علي الصحفيين والصحفيات ونبدأ السيرة الذاتية لوزراء الداخلية من خريجي كلية الشرطة وعددهم 9 وزراء باللواء عبدالعظيم فهمي أول خريج من كلية الشرطة يتولي الوزارة.. ولد عام 1907 في مدينة كسلا بالسودان حيث كان والده الأميرالاي إبراهيم فهمي يعمل هناك وطبقاً لكتاب الدكتور محمد الجوادي الهام قادة الشرطة في السياسة المصرية.. كان فهمي أول ضابط شرطة يصل في عهد الثورة إلي منصب وزير الداخلية حيث عين في وزارة علي صبري الأولي لأنه لم يكن من الممكن أن يبقي زكريا محيي الدين وزيراً للداخلية تحت رئاسة علي صبري وقد ظل فهمي وزيراً للداخلية في وزارة علي صبري الثانية حتي شكل زكريا محيي الدين وزارته في أكتوبر 1965 وتوفي في مارس 1988 بعد أن شهد تعاقب عدد كبير من تلاميذه علي المناصب الشرطية العليا بما فيها منصب وزير الداخلية. الوزير الثاني هو السيد فهمي وكان ثالث وزير للداخلية في عهد السادات بعد شعراوي جمعة وممدوح سالم وفي ابريل 1975 شكل سالم وزارته الأولي واختير سيد فهمي وزيراً للداخلية وبقي فهمي في منصبه في حكومة ممدوح سالم الثانية والثالثة إلي ما بعد أحداث 18 و19 يناير وخرج من الوزارة في التعديل الوزاري عام 1977 وخلفه ممدوح سالم في الوزارة ومعه نائبان هم محمد النبوي إسماعيل وكمال خيرالله ويعد سالم الثالث من خريجي كلية الشرطة والذي ترأس وزارة الداخلية مرتين الأولي عام 1971 والثانية عقب اندلاع إنتفاضة الخبز . الرابع هو اللواء محمد النبوي إسماعيل ولد في عام 1925 وعمل عقب تخرجه من كلية الشرطة في المباحث بعد ثورة 1952 وعمل لفترة في مباحث السكة الحديد وأثناء تولي ممدوح رئاسة الوزراء وفي عام 1977 عين النبوي إسماعيل وزيراً للداخلية وحتي عام 1982 وقاد خلالها جهود الشرطة في التصدي لأحداث أسيوط عام 1981 وأمن مبني الاذاعة والتليفزيون وفي عهده جري الاستفتاء علي ترشيح مبارك رئيساً للجمهورية وخرج من الوزارة في يناير 1982 وفي عام 1987 تعرض النبوي إسماعيل لمحاولة اغتيال واستدعي أمام المحكمة للشهادة في قضية «الناجون من النار» حيث أتهم هذا التنظيم بمحاولة الاغتيال. الخامس هو اللواء حسن أبوباشا والمولود عام 1922 وتم اختياره عام 1982 ليخلف اللواء النبوي إسماعيل وخرج في وزارة كمال حسن علي في 1984 وتعرض لمحاولة اغتيال في 1987 وتلقي علاجاً لفترة طويلة من اصاباته خارج مصر السادس هو اللواء أحمد رشدي المولود في المنوفية عام 1924 اشتهر أثناء خدمته بالصرامة واختير وزيراً في 1984 واحتفظ به إلي أن وقعت أحداث الأمن المركزي عام 1986 وقدم استقالته وترشح لعضوية مجلس الشعب عام 1990 عن دائرة بركة السبع كمستقل وعندما تقدم لحلف اليمين قوبل بعاصفة من التصفيق. أما السابع فهو زكي مصطفي بدر المولود عام 1926 وقع الاختيار عليه عام 1986 وزيراً للداخلية وخرج منها في 1990 وحفلت فترة رئاسته للداخلية بالعديد من المشاكل مع السياسيين والصحفيين وكان زكي بدر حاداً في هجومه علي المعارضة. محمد عبدالحليم موسي هو الوزير الثامن من بين القائمة.. ولد بالمنوفية أطلق عليه فيما بعد «شيخ العرب».. وعمل لفترة طويلة بمباحث أمن الدولة ثم شغل منصب مدير الإدارة العامة لمباحث الضرائب والرسوم من يوليو 1976 وحتي أغسطس 1983 ثم أختير مديراً لمصلحة الأمن العام وكان يشتهر برهافة الحس وكثيراً ما بكي عندما كان يسمع عن وقوع حوادث إرهابية يروح ضحيتها أفراد شرطة أو مواطنون وعقب خروجه من الوزارة دارت بينه وبين زكي بدر معارك إعلامية شهيرة انتقد فيها كل منهما الآخر وانتهت. واحتل حسن الألفي المرتبة التاسعة في القائمة من مواليد سيناء في عام 1936.. وعمل مديراً لمكافحة الأموال العامة منذ عام 1980 وحصل علي رتبة لواء في 1983 وتولي الوزارة في 1993 وحتي عام 1997 قدم استقالته إثر حادث الأقصر الإرهابي ليخلفه اللواء حبيب العادلي والذي مازال يشغل منصبه وحتي لحظة كتابة هذه السطور.. ولد العادلي عام 1938 وتخرج في كلية الشرطة عام 1961 وعمل مساعداً لوزير الداخلية للقناة وسيناء وعين مساعداً للوزير لأمن القاهرة ثم مساعداً للوزير لأمن الدولة ثم مساعداً أول للأمن والمنطقة المركزية ثم مساعداً أول للوزير لأمن الدولة وذلك في عام 1996 ورأس وزارة الداخلية عقب استقالة حسن الألفي في 18 نوفمبر 1997 ونظراً لحرص العادلي علي أمن وسلامة النظام ولو كان ذلك علي حساب حقوق الإنسان اعتقل ومازال الآلاف من المعارضين رافضاً تنفيذ الأحكام القضائية بالافراج عنهم .