من يظن أن وزارة الداخلية بريئة من دم الشهداء فهو غافل.. من يظن أنها تضرب وتعتصم بدافع وطنى فهو واهم.. من يظن أن محمد البلتاجى عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة ليس له علاقة بالداخلية فهو مخدوع. الداخلية هى جهة تنفيذية وهذا ليس جديدا، ولكن الجديد هو ماتنفذه، فهى الآن جهة تنفيذ مخطط الإخوان المسلمين فى السيطرة على مصر بقتل الثوار والقضاء على المعارضين وقمع كل من له صوت عال يزعج مقر الجماعة بالمقطم ويصيب المرشد بالصداع، بئس الدور الذى تلعبه وبئس المكانة التى احتلتها فى نفوس المصريين.
بعد أن كذب البلتاجى التصريح الذى صرح به للباحث الأمريكى فى مجلة فورين بوليسى «إريك ترايجر» بأنه هو المسئول عن هيكلة وزارة الداخلية وقال إنه لم يقل ذلك، صدقه البعض وكذبه آخرون ، وبصرف النظر عن حدوتة «إريك» فإن البلتاجى بالفعل هو من يسيطر على وزارة الداخلية وهو من يعيد هيكلتها بما يناسب مخططات جماعته فى التمكن منها.
فقد علمنا من مسئول يتقلد منصباً مهماً فى الوزارة أن الدكتور محمد البلتاجى القيادى البارز فى الجماعة وعضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة هو المسئول بالفعل عن كل شىء يجرى داخل الوزارة وهو المعنى بهيكلة الوزارة منذ أن تولى الرئيس محمد مرسى مسئولية البلاد، وتحدث المصدر تفصيليا عما فعله البلتاجى خلال الفترة الماضية على سبيل المثال فى الداخلية وليس الحصر بالطبع، بما يؤكد مسئولية البلتاجى عن وزارة الداخلية.
لقد أصبح القيادى الإخوانى يحرك الأمور فى وزارة الداخلية كما تحرك العرائس على المسرح، فهو مهندس خطة تمكين الإخوان من الداخلية حتى وإن أنكر البلتاجى ذلك فهناك دلائل تؤكده وتدل عليه
1- اقتراح نقل الوزارة
كان الخبر الذى تناقلته الصحف ووكالات الأنباء خلال الأسابيع الماضية بأن وزارة الداخلية تستعد للرحيل من مكانها التاريخى فى شارع الشيخ ريحان بمنطقة عابدين إلى مكان آخر، ولكن المسئول الأمنى أوضح لنا ماحدث.
قال إنه من بالغ الصعوبة أن تنقل الوزارة بأكملها إلى مكان جديد، ولكن ماحدث أنه كان هناك اقتراح من الدكتور البلتاجى بأن تنقل بعض الإدارات المتواجدة بديوان الوزارة إلى الخارج وإلى أماكن متفرقة فى القاهرة والجيزة حتى لايحدث أن تتجمع كل الإدارات فى مكان واحد كما هو الحال.
وتضمن اقتراحه أن تنقل إدارة الإعلام والعلاقات إلى خارج الوزارة وإدارات أخرى على أن يظل مكتب الوزير وإدارة اتصالات الشرطة فى الديوان، وكان يريد البلتاجى من وراء اقتراحه هذا أن يحدث تفكيك عملى لوزارة الداخلية لأنه بذلك يكون ديوان الوزارة قد تفرغ من إداراته ولا يكون هناك بعد ذلك «وزارة الداخلية» لأنه لن يوجد وقتها ديوان.
وقال إن البلتاجى كان يريد أيضا أن ينقل قطاع اتصالات الشرطة ولكن المسئولين بالداخلية أقنعوه بصعوبة ذلك وخطورته لأن نقل الاتصالات يتطلب دراسة واختيار مكان مناسب وإعادة برمجة وكل ذلك سوف يستهلك وقتاً كبيراً ولن يعود بفائدة بل أنه قد يضر بصميم عمل الداخلية، فاقتنع واقترح إدارات أخرى.
البلتاجى هنا كما أشار المسئول الأمنى ينفذ مخطط تفكيك الوزارة بطريقة إخوانية بحتة فهو يريد أن يلغى وزارة الداخلية ولكن بشكل غير مباشر فقد برر مقترحه هذا بأنه يريد تخفيف العبء عن ديوان الوزارة وفى حالة هجوم المتظاهرين على الداخلية أو حصارهم لها فإن ذلك سيعمل على تشتيتهم لأن الوزارة لاتوجد فى مكان واحد بل أماكن عدة، ولكن لايريد ذلك فهو إنما يريد عدم بقائها على حالها المعهود بتفتيت الجهاز الأمنى والغريب أن الوزير محمد إبراهيم مستسلم تماما لهذا المخطط ووافق فعلا على مقترح البلتاجى ويدرس حاليا مع قيادات الوزارة إمكانية نقل بعض الإدارات والأماكن التى تذهب إليها..
2- كلمة السر فى إضراب الشرطة
لأول مرة نرى الجنازير وهى تغلق أقسام الشرطة تعلن رفعها من الخدمة مؤقتا، ونرى الضباط والجنود والأمناء وهم يقولون نحن أيضا لنا موقف وطنى ونرفض أخونة الداخلية، وفى نفس الوقت نشاهد الضباط والعساكر وهم يواجهون المتظاهرين بوحشية عند كوبرى قصر النيل ويقتلون منهم ثلاثة، شاب عمره 36 عاما وآخر 19 وطفل عمره سبع سنوات فقط، دفن المتظاهرون أجزاء مخه التى تبعثرت على الأرض بفعل طلق نارى حى برأسه فى حديقة المجمع، وهو ماجعل الجميع يندهش ويتساءل: كيف يكون هؤلاء مضربين عن العمل وليسوا مضربين عن القتل؟!
مسألة إضراب الشرطة هذه والتى وصلت إلى 70% من قطاعات الداخلية مسألة مربكة فى الحقيقة ولكن المسئول المهم بالوزارة فسر لنا بعض مايحدث، فقد قال إن الإخوان وراء مايحدث وهم المستفيدون مما يحدث وأن فكرة الإضراب أساسا هى فكرة «البلتاجى» واقترحها على وزير الداخلية منذ شهر تقريبا وتأجلت لأن الوقت حينئذ لم يكن مناسبا وتم تأجيله للوقت المناسب والذى رأى الإخوان أنه قد حان الآن حتى يتسنى لهم تكوين لجان شعبية يدافعون عنها باستماتة تحل محل قوات الشرطة.
وبالفعل أعلن بعد إضراب الشرطة مباشرة مايسمى بالضبطية القضائية للمواطنين والتى بمقتضاها يستطيع الإخوان تنفيذ رغبتهم بإحلال ميليشياتهم المسلحة محل قوات الشرطة، ويرى الإخوان أنهم الجهة الوحيدة التى تستطيع ذلك لأنهم مسلحون ومدربون ومنظمون أكثر من غيرهم، والبلتاجى هو مسئول اللجان الشعبية بجماعة الإخوان وكان هو من ينظم عمل هذه اللجان وقت الثورة وبعد الثورة وحتى الآن خاصة فى المليونيات التى كان الإخوان يشاركون فيها أو الخاصة بالتيارات الإسلامية فقط.
من هنا كان البلتاجى هو صاحب فكرة إضراب الشرطة حتى تحل هذه اللجان التى يشرف هو عليها محل الأمن ولذلك نرى مطالب كثيرة ومتناقضة لكل جهة أمنية مضربة وكل قسم على حدة، فهناك من يقول أننا نضرب لأننا نريد التسليح، وآخرون نضرب لزيادة الرواتب التى حدث وارتفعت فعلا ثلاث مرات على مدى عامين فهى ترتفع منذ تولى اللواء منصور عيسوى الوزارة، أى أن مرتبات الشرطة زادت ثلاث مرات منذ قيام الثورة ولم تصبح متدنية كما كانت قبلها، ونرى جهات أخرى تقول إن إضرابها لرفضها مواجهة المتظاهرين والمعتصمين وغيرهم لرفض أخونة الوزارة، رغم تعاطفهم مع زملائهم الملتحين.
كل ذلك يوضح أنه لايوجد مطلب واحد وأساسى يلتف حوله الضباط فيضربون، ثم تخرج هذه القوات التى أعلنت إضرابها وتقتل ثلاثة متظاهرين منذ يومين فى مواجهات شرسة معهم عند كوبرى قصر النيل مما يبين أن إضراب الشرطة وهمى ومفتعل.. لأنه مجرد اتفاق بين محمد إبراهيم وزير الداخلية ومحمد البلتاجى لتمرير قانون الضبطية القضائية للمواطنين ونزول ميليشيات الإخوان.
3- تحضير الوزير الجديد
لايكف «البلتاجى» عن عقد لقاءات مع قيادات ومسئولين بالداخلية وكان آخرها اللقاء الذى جمع بينه وبين اللواء «أشرف عبدالله» مساعد الوزير للأمن المركزى الذى تولى منصبه يوم الجمعة الماضية خلفا للواء ماجد نوح.
وأكدت المصادر أنه تقابل معه قبل يومين من توليه المسئولية الجديدة، وإذا كانت مسألة إضراب قطاعات الشرطة كلها حديثة، فإن إضراب وتمرد الأمن المركزى يحدث دائما فى كل عهود وزراء الداخلية مابعد الثورة على فترات متباعدة، وإن كان أول مرة تضرب جميع القطاعات فى وقت واحد تقريبا، مما يشير ليد البلتاجى أيضا فى هذا الأمر، والذى اتفق مع وزير الداخلية بضرورة تغيير المسئول عن الأمن المركزى لإحكام السيطرة على تلك القوات المهمة خاصة فى منطقة القناة وجاء اختيار «أشرف عبدالله» لأنه كان من قبل وأثناء ثورة يناير قائد قوات الأمن المركزى فى منطقة القناة، ولديه خبرة فى التعامل مع أهالى مدن القناة، والبلتاجى وافق عليه وقابله ثم تولى مهامه بعدها بيومين، وطلب منه أن يعقد اجتماعات مع قيادات الأمن المركزى وبالفعل عقد عدة اجتماعات ضمت رؤساء القطاعات وضباط وجنود الأمن المركزى، ثم عقد وزير الداخلية اجتماعا منذ يومين مع قوات الأمن المركزى للم الشمل.
وفى وزارة الداخلية خاصة مديرية أمن القاهرة يتردد بقوة أن اللواء «أسامة الصغير» قد يخلف محمد إبراهيم فى حالة الاستغناء عنه وأن الإخوان يجهزونه لتولى الوزارة منذ عدة أشهر وهو السبب الرئيسى فى تصعيده من مدير مباحث القاهرة لمدير أمن القاهرة، وحتى لو لم يتول مهام الوزارة بعد محمد إبراهيم فإنه سيتولاها فى أى وقت آخر، فهو شديد الصلة ببعض القيادات الإخوانية والبلتاجى يثق به ويراه شخصا مناسبا ليكون وزيرا للداخلية فى مرحلة قادمة، ويقابله كثيرا ليدعمه، وهو مايجعل ضباط وقيادات مديرية أمن القاهرة يتعاملون معه على أنه الوزير القادم.
وقد تقابل الرئيس «محمد مرسى» منذ عدة أسابيع مع مدير أكاديمية الشرطة اللواء «أحمد جاد منصور» مما جعل البعض يتنبأ بأنه سوف يحل محل محمد إبراهيم .