لا تصدق يا مواطن ما تراه بعينيك، كل هذه مجرد هلاوس بصرية يعانى منها الشعب المصرى بأسره، ففيما عدا الإخوان، هلاوس بصرية انتقلت عدواها إلى جميع أنحاء العالم، نحن لم نسحل أحداً أمام قصر الاتحادية بعد أن جردناه من ملابسه، بل إننا من قام بإنقاذه من المتظاهرين الأشرار، ولم نضغط عليه ليقر بذلك، هو الذى اعترف بأنه كان يشرب الخمر، على حين راح يلقى بزجاجات المولوتوف على قصر الرئيس المنتخب، لا تصدق ما تراه بعينيك، كل هذه مجرد هلاوس بصرية. سلم نفسك يا مواطن، مافيش داعى للمقاومة، المكان كله محاصر، وعلى رأى أخينا فى الله الاستاذ طارق بن زياد، مع بعض التعديلات الطفيفة التى لا تغير فى المعنى بقدر ما تؤكده: الفقر من ورائكم والقهر أمامكم، فتالله أنتم أضيع من الأيتام على مائدة اللئام.
وعلى ذكر اللئام، والشىء بالشيء يذكر: هل تعلم يا مواطن أن أخانا فى الله الأستاذ طارق بن زياد، كافأوه على فتح الأندلس ببيعه - كعبد- فى أسواق النخاسة.
حدث هذا عندما اتهمه الخليفة فى دمشق بسرقة إحدى الرجلين الأماميتين لعرش لازوريق أو رودريجو ملك الإسبان؟ يعنى بالعقل كده: معقولة بسلامتك حتكون أعز علينا من فاتح الأندلس؟
كل الطرق أمامك مسدودة، كلها يا مواطن، سلم نفسك أمال ما تبقاش جبلة، المنطقة مبدورة أمن مركزى، ميليشيات الإخوان فى كل حتة، داخل قصارى الزرع أو فى صفائح القمامة أو تحت حوض المطبخ أو طى رسائل الحب المعطرة أسفل حقائب البنات، خلف الستائر المسدلة، أو ما بين ثنايا الهدوم المنقوعة فى البانيو أو تحت مخدات الأطفال أو على الحائط وراء براويز الصور العائلية القديمة، الوطن - يا بنى يا حبيبي- كله محاصر، أنا حاعد من واحد لتلاتة، هاه، واحد.
مكالماتك التليفونية يستمع إليها صبيان الشاطر، ومن ثقب الباب هناك دائماً عين تنظر إليك، فأنتم - كما هو ثابت تاريخياً- ندل ابن كلب جبان، كحمار البلدية أنت، ما أن ينعس الراكب على ظهرك حتى تقلبه بلا واعز من ضمير، حبيباتك اللائى يأكلن معك الذرة المشوية أو الترمس على الكورنيش، سيعتدى عليهن العشرات من مجموعة العمليات القذرة فى حضور مندوبى منظمات حقوق الإنسان.
مافيش خرم إبره تستخبى فيه، مافيش خرم إبرة، مياه الحنفية يا مواطن، إذا خطر على بالك أن تشرب، سنتسلل معها بكل ترسانة الفيروسات إلى أبعد نقطة فى جهازك العصبى، أما إذا سولت لك نفسك أن تستخدمها فى الحموم، فذنبك على جنبك، الأمراض الجلدية إحنا مش مسئولين عنها، زهقان كده ليه من العفن؟ الإنسان أصله باكتيريا، أهتف بالله، يحيا العفن! الشوارع ليس فيها ما هو أكثر من الحفر، وقد راعينا أن تكون موزعة بالعدل بين جميع الأحياء، خاصة تلك التى يسكنها أصحاب الدخول المهدودة، أو بتوع الحرية الكفرة، بعضها يأخذك مباشرة إلى قاع المجارى، حيث تجد أخيراً ما تأكله، فلماذا ترفس النعمة برجليك؟ لماذا أنت جاحد هكذا؟ نعدك بأن نريح كل من ينتقد الجماعة من عذاب هذه الدنيا الفانية، أبناؤك سيتعلمون فى المدارس البانجو والدروشة وكيفية التحدث بإسهاب عن القيم الشرقية الاصيلة ما بين تجربتى شذوذ جنسى.
الاغنية الحلوة التى كنت تستعين بها على قبح الأيام، جففنا منابعها، كانوا يستلهمون أفكارها أو موسيقاها من الحب، أغلقنا نهائياً هذا الملف، أغلقناه نهائياً، بائعات الفل فى ميدان التحرير ألقينا القبض عليهن بتهمة إثارة الغرائز لدى الشباب المؤمن الطهور الذى يدرأ الفتنة بالتحرش، أخبار المذابح اليومية فى كل محافظات البلد لن تسمح لجفنك بأن ينام، وعلى الوسادة الخالية، لن تجد فى انتظارك كل ليلة سوى صورة تذكارية كبيرة بالألوان الطبيعية تضم أعضاء مجلس الشورى، وهم يحتفلون بالانتصار عليك.
سلم نفسك يا مواطن، مافيش داعى للمقاومة، التهمة ثابتة عليك، والأدلة كلها ضدك، هل تنكر أنك تشعر - أحياناً- بالرغبة فى البكاء؟