نشرت صحيفة الجارديان مقالا اوردت فيه ان الدول الغربية مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا اعترفت بفشلها في رؤية ثورة مصر القادمة. ولكن هل سيقعون في الخطأ نفسه مرتين؟ بعد أقل من عامين من الاطاحة بحسني مبارك من السلطة، احتمي خليفته، محمد مرسي، وراء دبابات الجيش في القصر الرئاسي حيث ندد به المتظاهرون الغاضبون واصفين اياه بأنه "فرعون جديد". لا تظهر الاضطرابات التي بدأت في 22 اكتوبر أي علامة على تراجعه. مع ارتفاع الخسائر البشرية، تصل الاحتجاجات إلى آفاق جديدة يوم الجمعة.
على الرغم من تزايد الغضب من انتزاع السلطة المتصورة، لا يبدو انه من المرجح سقوط مرسي على المدى القريب. حيث تدعمه جماعة الإخوان المسلمين، أقوى قوة سياسية في مصر ، و تقف مباشرة وراء ظهره. و مازال الجيش، الذين عانوا من تجاربهم خلال الفترة الفاصلة ما بعد مبارك، بثكناته. الثوار الشباب الذين يدعون أنهم من قادوا انتفاضة 2011 اصبحوا أقلية. ويتم تقسيم المعسكر المناهض لمرسي.
وقال شادي حامد من فورين بوليسي "المعارضة هي مجموعة متنوعة من الليبراليين والاشتراكيين، النظام القديم والعادي والمصريين الغاضبين، ولكل منهم شكاواهم المختلفة والأهداف الخاصة. الليبراليين واليساريين في المعادلة، بقيادة شخصيات مثل محمد البرادعي، حمدين صباحي وعمرو موسى، لديهم القليل من القواسم المشتركة مع بعضها البعض -، إضافة إلى الخوف من أن يستولي الإسلاميين علي بلادهم ".
حتى الآن، على افتراض أنه سيواجه العاصفة، فقد تعرضت سلطة مرسي وهيبتها لأضرار جسيمة. انتهى شهر العسل الذي أعقب انتخابات يونيو الماضي بشكل نهائي. وقد انفجرت الازمة. وربما تعد شعبية الرئيس هي السبب الوحيد في عدم استمرار الاشتباكات احتجاجا علي المراسيم الجديدة و الدستور.
و لكن احتمال الضعف السياسي المزمن الجاري في مصر يحمل أنباء سيئة بالنسبة للغرب في المنطقة . وقفت الولاياتالمتحدة وبريطانيا و الدول العربية الموالية للغرب في البداية مذعورة من صعود الإخوان المسلمين. ولكن بتمثيل مرسي نفسه شخصية موحدة تعمل علي بناء إدارة شاملة و تتجنب أسوأ أنواع الانتقام ضد النظام القديم وسيلة لتخفيف الخوف. و ظلت إسرائيل فقط متشككة طوال الوقت.
و قد اثار خطاب مرسي في طهران في أغسطس ،عندما قال متحدثا باسم الربيع العربي، ان بشار الأسد قد فقد شرعيته و طالب النظام السوري بالتنحي، غضب مضيفيه الايرانيين بينما اسعد واشنطن.
قيمة مرسي كزعيم لمصر تؤكد دور القيادة العربية، كعداد لايران ونفوذها الاخذ في الانتشار في المنطقة، و كصديق وحليف لعضو حلف شمال الاطلسي تركيا، و كمؤيدا لمعاهدة السلام مع إسرائيل. تمت "مكافأة" مصر باتفاقا مبدئيا للحصول على قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار, و تلاشى الحديث عن خفض الدعم السنوي 1.3 مليار دولار. والشهر الماضي أثبت نفسه مرة أخرى، بمساعدة هيلاري كلينتون التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة.
لكن ارتفاع عدم الاستقرار السياسي الآن يعرض كل هذه المكاسب للخطر. من وجهة نظر غربية، فإن التطورات الأخيرة توقظ المخاوف الأولية، التي لم تتغلب عليها إسرائيل أبدا ، ان مرسي ينفذ ببطء نية جماعة الاخوان المسلمين في التآمر على فرض نظام اسلامي في مصر وتصديره الي جيرانها. في هذا التحليل، قد تكون ثورة مصر الثانية طائفية، ثورة مضادة معادية للديمقراطية.
اذا لم يقفوا و ينددوا باستيلاء مرسي على السلطة، سيتعرض الولاياتالمتحدة وحلفائها لخطر تكرار الخطأ القديم بتأييد الديكتاتورية على نحو فعال، كما يقول المحللون. وهذه المرة قد تكون تلك المعضلة أسوأ. فقد كان مبارك دكتاتورا لأميركا؛ لكن مرسي خارج السيطرة. وقال مايكل وحيد حنا "في خطوة تحمل السمة المميزة لسياسة الولاياتالمتحدة في عهد مبارك، خفضت الولاياتالمتحدة إلى حد كبير علاقاتها مع مصر للحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، وامتنعت عن اصدار تقييم جدي للحكومة التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين، حتى في الوقت الذي تقوض فيه بنشاط التحول الديمقراطي في البلد المضطرب بالفعل ".
أشارت كلينتون، الشهر الماضي، إلى انها تتفهم المشكلة. "وبما أن سقوط حسني مبارك في مصر أوضح انه سيكون من الصعب الحفاظ علي التعاون الدائم الذي نسعى اليه على دون الشرعية الديمقراطية و الموافقة العامة". لذا ماذا ستفعل الولاياتالمتحدة إذا سحق مرسي ديمقراطية مصر الوليدة ، و سار في طريق الديكتاتورية؟ لا يعرف أحد، بما في ذلك الاميركيين، الجواب.