ربما تكون المقارنة بينهما صعبة بعض الشيئ، لكن نقاط الاتفاق وأوجه التشابه قد تبدو واضحة لقطاع عريض يتابع الشاشة، ويراقب من يتحدث، ليضع الأمور في نصابها الصحيح.
هما إعلاميان، عرفا طريقهما للشاشة، وبرامج التوك شو، عقب الثورة مباشرةً، فأظهرا مقومات فريدة من نوعها، وغير مسبوقة على المجتمع المصري، لكنها للأسف مقومات تجسد عملة رديئة، ضلت طريقها، واستغلت مناخ الحرية، على أسوأ ما يكون.
في هذه السطور، نتناول ، كلاً من الإعلامي، توفيق عكاشة، وخالد عبدالله، فالأول بات مطارداً من أجهزة الأمن، بعد إغلاق القناة التي يطل من خلالها صباحاً ومساءً، وهي فضائية " الفراعين "، عقب وصلة من الهجوم القبيح، وغير المبرر على رئيس الجمهورية، دون إدراك، ووعي للإرادة الشعبية التى أتى بها.
والثاني، الإعلامي خالد عبدالله، الذي يقدم برنامجاً على قناة " الناس "، ذات التوجه الإسلامي، ليبدأ من خلالها توجيه انتقاداته اللاذعة، التي وصلت أحياناً لدرجة السباب، كطريقة لمواجهة الخصوم، والمعارضين. البداية مع الشخصية التي أثارت جدلاً واسعاً طوال الفترة الماضية، تبارى الكثيريين في الضحك الهستيري على آداءها المثير على الشاشة، وتناولته مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية غير مسبوقة، انه توفيق عكاشة، الذي تفاجأ الجميع بارتفاع شعبيته في الشارع، وتعلق البسطاء بخطابه.
" عكاشة " استغل مناخ الحرية، ليصوب نيرانه، مستخدماً ألفاظاً بذيئة، وتعبيرات تنئ الأسرة المصرية عن سماعها، خاصةً مع تصاعد دور التيار الإسلامي، وخاصةً جماعة الإخوان، عقب الثورة.
لم يكتفِ " عكاشة " بذلك، بل هاجم الحركات السياسية والشبابية، وهاجم الشخصيات العامة، مؤكداً أنه الأوحد، من يفهم السياسة، ويدرك ألاعيبها، ويعلم كل صغيرة وكبيرة في البلاد، بما فيها " تظغيط البط ".
لم يدخل " عكاشة " الحرب بمفرده، بل استخدم، المذيعة بنفس القناة، حياة الدرديري، للقيام بدور المساعد، لتواصل هى الأخرى على نفس الأسلوب، بل الأدهى، حينما تم تسريب مقاطع فيديو داخل كونترول القناة، يظهر خلاله توفيق عكاشة، ملقناً إياها بالجمل والعبارات.
أما المذيع الإسلامي، خالد عبدالله، فقد نسى هو الآخر، أنه يقدم واجهة لإعلام جديد يخطو بحرية عقب الثورة، ويرغب في اثبات جدارته وتقديم نفسه للشعب، الذي اختار بارادته، الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية، ثم الرئاسية. " عبدالله " تجاهل دوره، فذهب يدافع عن رئيس الدولة، وعن التيارات الإسلامية، تجاه من يسيئون إليهم، وهذا حقه، لكن بأسلوبِ يليق بداعية إسلامي في المقام الأول، داعية استخدم في برنامجه، كلمات وانتقادات لاذعة، كان أبرزها لمحمد أبوحامد مثل ( انت شخص تافه .. لحم أكتافك من خير ساويرس ).
في حين قال لهالة فاخر : " انتي محدش رباكي .. وممثلة درجة تالتة .. لو أيام حسني مبارك، كنتوا أخدتوا بالجزمة .. " ولمجدي الجلاد : " انتذ ذو القفا العريض .. وأحمق "، بينما قال لابراهيم عيسى " إحنا مبنتكلمش في الحمالات اللي بتلبسها يبقى متتلكمش في الحجاب أو الدين ".
نكررها، من حق خالد عبدالله، وتوفيق عكاشة، الدفاع عما يحبون، وتبني وجهات النظر التي تروق لهما، لكن من حق الشعب أن يستمع إلى حوار جاد، وأُناس تحترم عقله، بل تخاطبه دون سماع ألفاظ وعبارات بذيئة، موقعها الشارع، وليس الفضائيات.
لم يكن لنا يوماً ما مواقف مسبقة مع " عبدالله " أو " عكاشة "، ولن يكون لنا في المستقبل، بل أردنا توضيح الصورة، لطرد العملة الرديئة التي لا تستحق أن يكون لها موقعاً بين هذا الشعب الأصيل
حقاً نعيش فترة حرية غير مسبوقة، لكنها ينبغي أن تكون حرية مسئولة، منضبطة بالقانون والأخلاق .. حرية هدفها الحق في المعرفة .. الحق في التعبير .