وبداية لا ينتقص من قدر الزعيم الوطنى والعربى والإسلامى ألا يذكره الدكتور مرسى، وبالعكس فقد كشف الدكتور مرسى عما فى قلب كل إخوانى ضد الزعيم الذى لم يضع وقته فى مهاترات، وبدأ منذ الدقائق الأولى من عمر الثورة فى تحقيق انجازات. فبعد 6 أسابيع قام عبد الناصر بضربة الاصلاح الزراعى، وهدم الاقطاع الزراعى، واستفاد ملايين الفلاحين، ومن بينهم اسرة الدكتور مرسى، وتلاحقت انجازات الرجل مجانية التعليم الجامعى، ولولا هذه المجانية لما دخل الدكتور مرسى الجامعة ضمن ملايين من شباب مصر الذين فتحت المجانية أمامهم أبواب الحياة.
وكان عبد الناصر يسابق الزمن للوصول لكل مصرى، فانشأ أكبر شبكة مشروعات صناعية مثلت القطاع العام المصرى، ورعى التعاونيات فى القرى، وأطلق أول نظام تأمين صحى، وأهم قانون للتأمينات الاجتماعية بشهادة المنظمات الدولية.
ورسم خريطة العلاقات المصرية عبر دوائر ثلاث لا تزال تمثل المحيط الاقليمى لمصر رغم تقلب الأنظمة وتغير التواريخ من ضمن هذه الدوائر الثلاث الدائرة الافريقية، وعندما ذهب مرسى لإثيوبيا كانت تجربة عبد الناصر هى القشة التى يتعلق بها الرئيس الجديد.
ولكن أهم انجازات عبد الناصر انحيازه التلقائى والتاريخى للفقراء والطبقة المتوسطة، وكان إعداد الموازنة فى عهد عبد الناصر يدور فى فلك الحفاظ على أسعار السلع الضرورية للمواطن.ممنوع زيادة كام مليم فى اسعار الأرز أو الزيت أو السكر، فالمرأة المصرية لا تجد سوى الزيت لتقلى به الباذنجان أو البطاطس، والأرز هو سندها لأكلة بسيطة، والسكر هو فاكهة الفقراء والفلاحين بنص تعبيره (الفلاح بيأكل بصل وجبنة قديمة ويقطع قلبه فيحبس بكوب شاى نصه سكر).
ولذلك لم أندهش أن تظل مكتسبات يوليو يقظة فى القلوب والعقول بعد سنوات التشهير، وأن يظل رفض الخصخصة ضمن مطالب الثوار فى ميدان التحرير، وإعادة كل الشركات والمصانع ضمن أحلام تنتظر رئيسا ينهض باعباء الرئاسة، رئيس لايضيع وقته فى المهاترات والمعارك التى لم تؤت ثمارها، رئيس يحب الفقراء ويحافظ على حقوقهم على خطى عبد الناصر.
عبد الناصر زعيم تاريخى له أخطاء تاريخية لا يمكن انكارها، وقد يكون من بينها اضطهاد الإخوان فى معركتهم السياسية معه، ولكن الرجل نفسه قدم للإخوان ضمن الشعب المصرى فرصة لحياة كريمة، ومصيراً آخر غير المصير المظلم الذى عاش آباؤهم فيه، فى افلامه تزوج على ابن الجناينى انجى بنت الباشا.
فى الواقع وبعد ستين سنة من الثورة أصبح ابن الفلاح البسيط المجاهد رئيس جمهورية، وسكن القصر الذى ما كان يجرؤ على الاقتراب من شارعه لولا ثورة يوليو وانجازات زعيمها جمال عبد الناصر.