يأمر الله تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها و حفظ حدودها وأدائها في أوقاتها كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة في وقتها قلت ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله قلت ثم أي ؟ قال بر الوالدين قال : حدثني بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – و لو استزدته لزادني . و خص تعالى من بينها بمزيد التأكيد الصلاة الوسطى و قد اختلف السلف و الخلف فيها أي صلاة هي فقيل إنها الصبح حكاه مالك في الموطأ بلاغا عن علي و ابن عباس و هو الذي نص عليه الشافعي رحمه الله محتجا بقوله تعالى ( و قوموا لله قانتين ) و القنوت عنده في صلاة الصبح .
وقيل إنها صلاة العصر قال الترمذي و البغوي رحمهما الله : و هو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم . وقال القاضي الماوردي هو قول جمهور التابعين . وقال الحافظ أبن عبد البر هو قول أكثر أهل الأثر وقال أبو محمد بن عطية في تفسيره وهو قول جمهور الناس وقال الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في كتابه المسمى بكشف الغطا في تبيين الصلاة الوسطى وقد نص فيه أنها العصر و حكاه عن عمر و علي و ابن مسعود و أبي أيوب و عبد الله بن عمرو و سمرة بن جندب و أبي هريرة وأبي سعيد وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وعن ابن عمر وابن عباس وعائشة على الصحيح عنهم وبه قال عبيدة وإبراهيم النخعي وأبو رزين وزر بن حبيش وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل وعبيد بن مريم وغيرهم وهو مذهب أحمد بن حنبل . قال القاضي الماوردي : والشافعي قال ابن المنذر و هو الصحيح عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد واختاره ابن حبيب المالكي رحمهم الله .
قال الإمام أحمد : عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب ( شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا ) ثم صلاها بين العشاءين المغرب والعشاء .
و كذا رواه مسلم من حديث أبي معاوية عن علي بن أبي طالب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله وقد رواه مسلم أيضا من طريق شعبة عن علي بن أبي طالب وأخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وغير واحد من أصحاب المسانيد والسنن والصحاح من طرق يطول ذكرها .
و عن سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا و شبك بين أصابعه و كل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها وإنما المدار ومعترك النزاع في الصبح و العصر وقد ثبتت السنة بأنها العصر فتعين المصير إليها
ومن هنا قطع القاضي الماوردي بأن مذهب الشافعي رحمه الله أن صلاة الوسطى هي صلاة العصر وإن كان قد نص في الجديد وغيره أنها الصبح لصحة الأحاديث أنها العصر وقد وافقه على هذه الطريقة جماعة من محدثي المذهب .