أهدت الإعلامية والكاتبة الدكتورة درية شرف الدين مكتبة الإسكندرية ديوان والدها الشاعر والأديب عبد الحق شرف الدين، وهو بعنوان "أحاسيس الحياة"، ويضم أكثر من 260 قصيدة. يعد الشاعر والأديب عبد الحق شرف الدين من الشعراء المرموقين، وهو حاصل على نوطين ذهبيين في الشعر في العهد الملكي عام 1937 و1946. ومن إنتاجه الأدبي "تراجم الأدباء" و"مصرع خليفتين" و"شجرة العروسين".
ولد شرف الدين في قرية البستان بمحافظة الدقهلية عام 1897. والده هو العالم الشيخ علي شرف الدين، الحاصل على شهادة العالمية من الأزهر الشريف عام 1918. تخرج عبد الحق شرف الدين في كلية دار العلوم سنة 1918، وترقى في وظائف وزراة المعارف، حتى وصل إلى منصب مراقب عام التعليم في محافظة الدقهلية، والتي كان يتبعها وقتئذ التعليم في محافظتي دمياط والشرقية. وتوفي إلى رحمة الله في أكتوبر 1975.
وتقول الدكتورة درية شرف الدين إن هذا الديوان الشعري لوالدها كان كآلة الزمن التي ترد في الروايات الأدبية، وفي أفلام السينما الخيالية، فتأخذ أصحابها إلى الماضي الذي لم يعيشوه، أو إلى المستقبل الذي لم يعرفوه. وتضيف: "استعدت أبي للحظات بدت لي كالحلم المستحيل، بطلعته المهيبة، ووسامته التي لم يستطع الزمن أن يمحو آثارها، وبجديته، وطرف ابتسامته، وفرط حنانه الذي كان حريصًا على أن يخفيه في قلبه، واختار أن يضمنه أبيات شعره". وتصف درية شرف الدين تجربتها عند قراءة الديوان بأنها جمعت في لحظة نادرة من لحظات الزمن خلاصة تجاربه ومشاعره، وأفراحه وأحزانه، قرأن بعينيه و لمست الحروف بيديه، انتشيت فخرًا معه بنسبه إلى أسرته، وزهوًا بمولد أبناءه وأحفاده، وفرحًا بنصرة مصر في حرب أكتوبر 1973. وتقول: "لم أكن أتخيل أبدًا هذا الوجه الجاد عاشقًا أو محبًا، لكن أبيات شعره فضحت مكنون قلبه، وكشفت عن رقة وضعف لم أعهدهما فيه، واستطاع بمهارة أن يخفيها عن عيني". وتبين أنها اقتربت كثيرًا من أبيها، وكانت أصغر أبناءه وبناته، مما منحها صحبة طويلة معه، بعد أن أصبح متفرغًا من عمله الرسمي، يذهب إلى معشوقته، إلى قريته البستان، ويزور أهله، ويتفقد أرضه. وتوضح كيف تعلمت منه الحرف والكلمة وإجادة اللغة، وعشقت الكتاب من مكتبته الثرية. وتقول إن ديوان أبيها أعادها إلى أبيه وجده وجدها لأمها؛ الذين لم تعاصرهم، وعرفها على أصدقائه وأقاربه ومعارفه، ومناسبات أسرته، وأحداث مصر السياسية والاجتماعية لما يقرب من ثلاثة أرباع قرن من الزمان. وتضيف "أمل خيرًا في الملك الشاب فاروق، وصادق الشيخ أحمد حسن الباقوري، وحيا فؤاد باشا سراج الدين، والهلالي باشا وزير المعارف، وأحب عبد الناصر عندما قام بثورة يوليو، ثم غضب عليه عندما حدثت النكسة، وكاد يبكي حزنًا وشعرًا عندما أبعدوه عن وزارة المعارف، وهو في مناصبها العليا إلى وزارة الأوقاف في السنوات الأخيرة من عمله، ربما عقابًا له على اعتراضه على السياسة التعليمية في مصر، عندما تولى الوزارة وزراء من العسكريين غير المؤهلين، وكأنما هدته بصيرته إلى ما سيحدث من تدهور لمستوى التعليم في مصر". ويضم ديوان "أحاسيس الحياة" أكثر من 260 قصيدة تنقسم إلى عدد من الأبواب؛ هي: "الروحيات"، و"المدائح والاجتماعيات"، و"الأهاجي والأوصاف"، و"المراثي"، و"الشكوى"، و"التهاني"، و"الأناشيد". ويأتي تحت باب "الروحيات" عدد من القصائد؛ منها: "مولد الرسول"، و"رجوع إلى الله"، و"تهنئة بالحج"، و"الأمية الدينية"، و"خداع النفس"، و"صراع"، و"وثبة الجيش"، و"عيد الثورة"، و"الجلاء"، و"تأميم القناة"، و"في موكب التحرير"، و"عيد الجمهورية"، و"المنصورة المناضلة"، و"فلسطين" و"النكبة". ويضم باب المدائح والاجتماعيات قصيدة "تحية الشعر"، و"قدمت باليمن"، و"طه حسين"، و"أبا أيمن"، و"قدمت إلى البستان"، و"الشعر"، و"درية"، و"سراج الدين"، و"الهلالي"، و"العمال"، و"سيد"، و"حاكيت مفاضلاً"، و"محمد رفعت باشا"، و"طبيب"، و"علي أفندي"، و"كمال الدين". وتحت باب الأهاجي والأوصاف تأتي قصائد "في موكب الشعر"، و"كرة القدم"، و"مغرور"، و"تافه"، و"خاطرة"، و"طريقي"، و"أتذكرين"، و"ذكرى هواي"، و"شرف الدين"، وغيرها. ويأتي تحت باب "المراثي" عدد من القصائد، منها: "كان حصني"، و"نوار"، و"ذرف الدمع"، و"تفجع وبكاء"، و"يا أيها القبر أشرق"، و"دمعة محزون"، و"والدي"، و"عبرة". ويضم باب الشكوى قصيدة "ظلامة"، و"شكاة"، و"أيها الساري"، و"النذير"، و"عتاب"، و"سناء وعرفان"، وغيرها. أما باب التهاني فيتضمن قصيدة "ليلة السعد"، و"عترة الحب"، و"لطيفة الطبع"، و"فاروق يا خير الملوك"، و"فخار الدهر"، و"النقراشي باشا"، و"أزف التهاني"، وغيرها. ويأتي تحت باب "الأناشيد" عدد من القصائد، منها: "دمياط"، و"نسور البلاد"، و"الجامعة العربية"، و"الإتكال على الله"، و"السلم والحرب"، و"الفلاح"، و"المذياع"، و"وطني الحر"، وغيرها. ويقول الشاعر والأديب عبد الحق شرف الدين في مقدمة الديوان: هتفت بشعري يوم ظلت مشاعري تهز كياني للقريض وتدفع فقيدّته شعرًا ُيجلي طبيعتي وُيبلغ شدوي من يُصيح ويسمح وأودعت ديواني قطوف خياره فكان جنى العمر الذي عشت أجمع