كان لابد أن يتحدث الدكتور سعد الهلالى ... أن نجلس معه وإليه بعد أن قدمنا له ولمنهجه، لن أكون مبالغا أو مجاملا إذا قلت إن الدكتور الهلالى هو مجدد هذا الزمان .. باعث الروح من جديد فى الثقافة الإسلامية .. فقيه الأمة الذى يحمل على عاتقه عبء إيقاظها من غفوتها .. ورفعها من غفلتها. أليس هو الذى لا يستسلم لكهنة وتجار الدين ؟ ..أليس هو من أخرج لنا كتب السلف وعرض ما فيها دون حجب أو منه لنعرف عن قرب مرونة ديننا، وقدرته على أن يتواصل مع متغيرات حياتنا؟ أليس هو الذى يقدم الإسلام بصورة راقية تجذب ولا تنفر ؟....إنه لذلك ولغيره ليس كثيرا عليه أن ندعوه بفقيه الأمة.
قلت للدكتور سعد الهلالى إن هناك خلطًا كبيرًا فى المفاهيم ...وحالة من التخبط بسبب الفتاوي، وأننا نحتاج بالفعل لمن يرشد الناس إلى الحلال والحرام فى مصر، ليس من أجل المنع والتحريم، لكن من أجل أن نعرف ما يحمله ديننا ويمكن أن نصلح به دنيانا.
كانت الكلمة الأولى من الدكتور الهلالى متسقة مع منهجه، وما يشيعه لدينا من رحابة أفق واتساع صدر، قال إن الدين نزل من السماء ليكون فى خدمة الإنسان ومصدرا لسعادته، وليس العكس..فالإنسان لم يخلق ليكون فى خدمة الدين، والدين نزل من أجل بيان مصالح الناس وليس من أجل أن يتغالى الناس فيه.
يستند الهلالى على كتف حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم «يسروا ولا تعسروا ...وبشروا ولا تنفروا» ...فلن يشاد الدين أحد إلا غلبه، ومهما تغالينا على الدين فإن فيه ما يعجز الإنسان عن الوصول إلى تمامه...فكلما زايدت على الدين، فإن الدين يمكن أن يزايد عليك.
يضرب الدكتور الهلالى المثل بالثلاثة الذين وقفوا على باب الرسول صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته لله، علهم يصلون إلى ما يقوم به الرسول الأكرم، ولما سمعوا ما يقوم به النبى فكأنهم استقالوها .. فقال أحدهم :أنا أصوم ولا أفطر .. وقال الثاني: وأنا أقوم الليل ولا أنام .. وقال الثالث: وأنا لا أتزوج النساء.
وعندما استمع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما قالوه، قطع عليهم الطريق على الفور، وقال :أنا أصوم وأفطر ...وأقوم وأنام ...وأتزوج النساء ...فمن رغب عن سنتى فليس مني.
يجزم الدكتور الهلالى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان ترك هؤلاء لما يقولون ...لكنا وصلنا اليوم إلى درجة غير محتملة من المزايدة فى الدين، ولما عرفنا أن نعبد ربنا على الوجه الصحيح، لأن العبادة كانت تتحول إلى ما لايطيقه بشر.
هل لنا أن نخلص من ذلك بشيء؟
يقول الدكتور الهلالى : الله غنى عن أن يعذب الناس أنفسهم من أجله، فهو خلق الدين لخدمتنا .. فلا يجب أن نبالغ فى تفسير النص الذى بين أيدينا، جاعلين من أنفسنا خدما لهذا النص ...فما يريده الله منا هو أن نكون معمرين فى الأرض من خلال الرسالة التى خلقنا من أجلها.
بهذا المنهج نفتح ملفات كثيرة مع الدكتور سعد الهلالى ...نحن نسأل وهو يجيب ...لا يمنح من يريح ...بل يتحدث لوجه الله والإسلام والعلم والإنسان .