على بعد 1700 كيلومتر من نيودلهي، تواجه ولاية مانيبور النائية منذ سنوات العنف الانفصالي والمواجهات القبلية والبؤس وسط لامبالاة عامة..الا ان موسيقى الروك اصبحت لسان حال السكان لاسماع صوتهم. في الشوارع الضيقة لمدينة ايمبال عاصمة هذه الولاية الحدودية مع بورما، نبتت هنا وهناك استديوهات تسجيل ومتاجر للموسيقى في حين ان مهرجانات الروك والهيفي ميتال تجذب عدددا متزايدا من هواة هذا النوع الموسيقي.
ويقول كومار احد سكان المنطقة الذي غطت الاوشام ذراعيه لوكالة فرانس برس "معاناتي وقلقي الوجودي وجدا متنفسا في هذا النوع الموسيقي. انها الكلمات والتصرفات (لمغني الروك) التي تجذبنا خصوصا".
هذا الرجل البالغ 32 عاما بدأ بعزف الموسيقى في جامعة بانغالور (جنوب) حيث كان يتابع بانتظام برامج محطة "ام تي في" الموسيقية وكان يخرج مع طلاب من كل ارجاء البلاد اعتمدوا نمط الغربيين الشباب الذين "يتنفسون الروك".
ويلخص الوضع بقوله وهو يرتب الة الدرامز الخاصة به في مكان متواضع مزين بملصقات فرق الهيفي ميتال الاميركية مثل "كول تشيمبر" و "سليبنوت"، "ثمة شيء ما خام ومتمرد وخالص في الروك. يمكننا ان نعبر عن انفسنا بحرية".
ويقول الرجل الشاب "الحياة هنا تجعلك تشعر بالكبت بسبب كل القيود المفروضة علينا. انا غاضب من كل التركيبة. الجيش يمكن ان يوقفنا باي حجة كانت والبطالة مرتفعة جدا ونحن متخلفون عن الولايات الاخرى في كل شيء".
هذا الغضب مرآة لشعور الكثير من الشباب في مانيبور الذين ينتقلون الى مدن كبيرة اخرى لتحصيل العلم او ايجاد وظيفة الا انهم يعودون الى ديارهم في نهاية المطاف.
ويشكل الروك بالنسبة لهم وسيلة لمعارضة الثقافة الهندية الجماعية التي يشعرون انها مفروضة عليهم من قبل السلطات.
وقد حلت موسيقى الروك على ولاية مانيبور الواقعة في اقصى جنوب الهند، عبر تايلاند وبقية دول جنوب آسيا بسبب قرب الحدود مع بورما.
ويقول فيفيك كونسام مدير شركة "ريفير بوت" المتخصصة في تنظيم الحفلات في ايمبال "في مطلع الثمانينات كان الانفتاح على العالم يتم عبر الشرق".
ويضيف "وكانت تصلنا نسخ مستعملة لمجلة +رولينغ ستون+ وبعض تسجيلات الفيديو لحفلات موسيقية صورت خلسة واشرطة تسجيل مقرصنة عبر الحدود البورمية".
ووجد الشباب العاطلون عن العمل اجمالا، انفسهم بسهولة في هذه الموسيقى العدائية وكلماتها القوية.
ويؤكد كونسام الذي حول مخزنا الى استوديو موسيقي يؤجره الى موسيقيين "وجدت هذه الموسيقى فيهم صدى فوريا".
وينظم كونسام ايضا مهرجانات روك في ايمبال تزداد شعبيتها دورة بعد اخرى. ويوضح "عندما بدأنا قبل سنوات قليلة كانت فرقتان او ثلاث فرق تشارك فقط. اما اليوم فتشارك حوالى 20 فرقة وقد زاد عدد الجمهور ليصل الى مئات عدة".
الا ان رياح الحرية التي يثيرها الروك تصطدم بواقع مدينة تغلق فيها كل المتاجر عند الساعة 19,00 وحيث تقتصر الساحة الثقافية على بعض صالات السينما التي تعرض افلاما محلية قديمة بسبب تهديدات الجماعات الانفصالية بالاقتصاص من القاعات التي تعرض افلام بوليوود.
الفينا غونسون احدى الاسماء البارزة في موجة الروك في مانيبور، تروي كيف انها واجهت السلطات لتتمكن من الغناء في اول حفلة لها العام 2009.
وتوضح الشابة البالغة الثلاثين التي صبغت شعرها باللون الاشقر "لم يكن لدينا اي طرف راع لذا لجأنا الى اموالنا الخاصة لتنظيم الحفلة. وقد شكل الحصول على اذن من الشرطة مشكلة كبيرة فهم ارادوا ان نوقف الحفلة عند الساعة 20,00 وكان الامر سخيفا".
وقد صمدت هذه المرأة المسيحية رغم تهديدات الحكومة المحلية ومجموعات المتمردين التي تتحول حروبها الداخلية احيانا الى حمام دم.
وحذرت كلمات احدى اخر اغنياتها التي كتبتها باللغة الانكليزية "استيقظوا ايها الزعماء السياسيون نحن لا نحتاج مالا، المال ينفع في شراء الاسلحة وليس في شراء حياتنا".