في وقت تكتم فيه مصر أنفاسها؛ انتظارًا للإعلان الرسمي لنتائج انتخاب رئيسها، تسارعت وتيرة الأحداث بشكل مريب يستوجب على كل وطني صادق في وطنيته أن يتمهل في إصدار مواقفه تجاه هذه الأحداث. ولذلك فقد تمهل حزب النور كثيرا قبل إصدار هذا البيان، وقد تشاور مع القوى السياسية والثورية الوطنية، ووجد لزاما عليه انطلاقا من المسئولية التي يتحملها أن يوضح موقفه في النقاط التالية:
- أولاً: نرفض ونستنكراستباق المجلس العسكري تفسير منطوق حكم المحكمة الدستورية - وهو الملزم قضاء وليس الحيثيات- على أنه يقتضي حل مجلس الشعب بالكلية، وإصداره قرارًا بالحل - مع أنه لا يملك هذا الحق-، لا سيما وقد تحفظ الكثيرون من الفقهاء الدستوريين على حيثيات الحكم الذي يتضمن تجاوزًا لصلاحيات المحكمة، ولاسيما - أيضًا- أن الشعب المصري يرى أن مجلس الشعب هو أعظم الإنجازات السياسية التي حققتها الثورة، وأنه أصدق الكيانات السياسية تعبيراً عن إرادته؛ حيث شارك في انتخابه أكثر من ثمانية وعشرين مليوناً من أبناء مصر المخلصين. وبناء على ما تقدم وحرصا منا على إعلاء الحق والشرعية، ووفاءً منا للشعب وقيامًا بواجبنا الذي كلفنا إياه الناخبون؛ فإننا نؤكد أننا لن نترك بابًا من الأبواب القانونية إلا وسنطرقه، ليس حبًا منا في السلطة أو تشبثًا منا بالمناصب، ولكن لن نخذل آمال شعبٍ منحنا ثقته وعلق علينا أحلامه. وإننا نؤكد على أن الإصرار على حل مجلس الشعب يمثل تضييعًا لآمال شعبنا، ونحذر من ان هذا الاصرار سيدخل البلاد في نفق مظلم لا يخرج منه أحد إلا بخسارة فادحة . - ثانيًا: بالنسبة للجمعية التأسيسية للدستور، فيؤكد الحزب ضرورة الحفاظ عليها كمكتسب جاء نتاجًا لتوافق كبير بين التيارات السياسية المختلفة، كما أنها جاءت بطريقة دستورية صحيحة عبر انتخابٍ من البرلمان الذي انتخبه الشعب وفقًا للاعلان الدستوري المستفتى عليه سلفًا، ولم تأت بتعيين من أحد، وقد صاحب تشكيلها فرحة واستبشارًا بالداخل والخارج، وإعمالاً لحكم المحكمة بأن قرارات مجلس الشعب والقوانين التي تم سنها تظل سارية، وحفاظاً على المكتسبات فإنه يلزم الحفاظ على بقاء الجمعية التأسيسية للدستور وفقا لما تم التوافق عليه من آليات عملها لا أن تفرض عليها جهات أو نسب جديدة. - ثالثًا: في ظل تسارع الأحداث تفاجأ الشعب المصري بإقدام المجلس العسكري على إصدار إعلان دستوري مكمل بصفة منفردة دون أي تواصل مع القوى السياسية، وقد تضمن هذا الإعلان نقاطًا غاية في الخطورة على مستقبل البلاد واستقرارها، نجملها في الآتي: - أعطى المجلس العسكري لنفسه سلطة تشكيل الجمعية التأسيسية في حالة قيام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية المنتخبة لعملها، وهذا يمثل مناقضة واضحة للاستفتاء الشعبي، والتفافًا على إرادة الشعب في أن تكون الجمعية التأسيسية منتخبة من الشعب من خلال ممثليه في البرلمان. - جعل المجلس العسكري لنفسه ولرئيسه صلاحيات واسعة تفوق صلاحيات رئيس الجمهورية، متناسيًا ما أعلنه ووعد به مرارًا من تسليمه للسلطة كاملة وعودته إلى ثكانته في 30/6/2012. ج- أعطى المجلس العسكري لنفسه صلاحيات التشريع في تجاوز سافر للاستفتاء الشعبي. - رابعًا: طالما حلم المصريون بانتخاب رئيس لهم، وها هو حلمهم قد شارف على التحقق بانتخابات على قدر من الالتزام والشفافية حتى الآن، فإننا في حزب النور ملتزمون بنتائج الانتخابات طالما كانت نزيهة وشفافة، ونرى أنه لابد من الحفاظ على مكتسبات الثورة المصرية والعمل على تحقيق كامل أهدافها، وأنه لا عودة إلى الاستبداد والطغيان ولا مكان لإعادة إنتاج النظام البائد، وإنه لابد من الحفاظ على إطلاق الحريات المنضبطة بالشريعة الإسلامية، ولابد من القضاء على الديكتاتورية سواء لفرد أو لتيار أو لمجلس. ونحذر من أي تلاعب بأرداة الشعب ويؤكد الحزب أننا أبناء الشعب المصري أحوج ما نكون في المرحلة الراهنة إلى المصالحة الوطنية الشاملة، والتي نعيد فيها التلاحم الشعبي والنسيج الوطني الواحد، تمهيداً لاستكمال مؤسساتنا السياسية الحرة وأوضاعنا الأمنية المستقرة والتخلص من حالة الفوضى والتشرذم، انطلاقاً إلى نهضة اقتصادية عملاقة ووثبة تنموية متميزة تليق بنا كأمة متحضرة عظيمة وتضعنا في مصاف الدول المتقدمة. إنها دعوة لجميع أطياف الشعب وتياراته الاجتماعية والسياسية والفكرية للتكاتف صفاً واحداً والتعاون على البر والتقوى، والعمل الجاد لبناء مصر القوية الحديثة، وإننا أبناء حزب النور في مقدمة صفوف العاملين لهذا الهدف والساعين لتلك الغاية، والله من وراء القصد وهو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.