مر عام على ثورتنا المصرية ، صنعنا فيه ما صنعنا من إسقاط نظام ومحاولة بناء نظام جديد قائم على الحريات ومشاركة الشعب فى صنع القرار ، عام وضع الشعب فيه أولي لبنات البناء بإختيار من يأمل أن يكفل له حياة كريمة تشمل الحرية والعدالة الإجتماعية ، ولكن مازال ينقصنا الكثير حتى تكتمل ثورتنا فى النهوض ببلدنا ونقلها إلى الأمام ، والسؤال المطروح هنا ما الذى ينقصنا اليوم بعد أحداث ثورة 25يناير ؟ وما الذى نحتاجه اليوم فى خضم الاحداث المتتالية التى تظهر على الساحة المصرية ؟ هل تنقصنا المعرفة، أم ينقصنا الإيمان ؟ هل ينقصنا العلم، أم ينقصنا العمل ؟ إن الظروف التى نمر بها اليوم تتحدانا، فعلينا أن نقبل التحدي وليس لنا سلاح أقوى من العلم والعمل والمعرفة الصحيحة في مواجهته، فمصر اليوم ليست فقط بحاجة الي القائمين بالحق والفضيلة ، بل هي بحاجة أكثر إلى أناس يحيون حياة الحق والفضيلة ويعملون من أجل الخير ، فنحن بحاجة - الأن - إلي رجال تتحمل المسؤولية بغبطة وفرح ولا يغريها المجد والسلطة . نحتاج إلى حرية يحكمها العقل وإطلاق العقول والنفوس إطلاقاً وبما يتفق مع الكرامة الإنسانية ، حرية تحررنا من الأهواء والشهوات ، حرية تشعرنا بأهمية الزمن و المعرفة ، حرية تبحث عن الحق وتصيغه واقعاً.
ولا شك أن أساس السلامة الاجتماعية هو قانون العدل والإنصاف لا قصف الصواريخ وبتر السيوف ، فقوّتنا تقوم على حيويّة مبادئنا ، والسياسة الدّاخليّة والخارجية في أية دولة تتكيّف حسب أخلاق شعبها ووحي زعمائها ، وجعل الأمانة والإيمان والمحبّة دعائم قويّة ليقوم عليها عالم جديد ، وبدون هذه الخصال والسّجايا لن تفعل قوى الاستعدادات الحربية والمعاهدات الدولية شيئاً سوى تأجيل ما نحن فيه .لذا علينا التسلح معنويّاً وروحيّاً بما يكفل سلام مستقبلنا .
إن ما ينقصنا هو الإخلاص ، فلا ينقصنا الدين ومظاهره، ولا المال ومفاتنه ، ولا البشر وقواهم ، ولا المكان ومزاياه ، ولكن ينقصنا الإخلاص في كل ما سبق ، في ديناً نعتنقه ومالاً نمتلكه وبشراً نرعاهم ومكاناً نستخدمه ، وما اتعجب له أن مُعظمنا يعمل لسلطة أو مال أو شهوة أياً كانت، وليس لوجه الله. كما وأنهة عُقدت الأمور، سواءً كانت أمور دنيوية أو دينية، من قبل قلة، لكي يُصبح للبعض أو للكل سلطة، كلُ في مجاله، على الناس، يأمر وينهي ويتحصل المال يُزكم بها الجيوب، ويحيا ويقول أنه فعل وفعل، وهو لم يفعل بل نافق وقام "ظاهرياً" بالكثير، فأصبحت الأمة "ظاهرياً" قوة، و"باطناً" ضعف وإهتراء.
والشاهد ، أننا بحاجة إلي إخلاص أعمالنا قولاً وفعلاً ، فالإخلاص فيه خلاصنا وقوتنا ،وأن علينا أن نعمل - بناءً علي معرفة ودراسة- بكل صدق وعلى أكمل وجه ممكن وفي ضوء ما تيسر من امكانيات يمكن استخدامها بعناية وأمانة كي نحقق ما نسمو إليه من رضا الله وصلاح أنفسنا وذات بيننا وتنمية مصرنا .
وفي النهاية ، أود التأكيد علي اننا لسنا بحاجة إلي ذكاء يكدس الثروات ، بحيث يمتص الكبير الصغير، ويقسم التاجر وهو كاذب ، ويغرر المحامي بالخصوم ، ويتاجر الطبيب بمرضاه . مانحتاج إليه هو... مجرد عرق وأقدام تهترىء وهي تتحدى الصخور في سبيل الخير وإنسان يسعى للأخر ويفكر فيه كما يفكر فى نفسه . وكل ذلك باخلاص ، لأن .... الله لا يُخدع.