ألم وأمل كلمتان متشابهتان في الحروف تتكون كل منهما من ألفٌ و لام ٌوميم ٌ ولكن بتغيير ترتيب الحروف يتغير مجرى حياتك فأيهما تختار؟ الألم أم الأمل؟ هل تريد أن تعيش الألم أم تريد أن تعيش الأمل فينعكس هذا الأمل على حياتك بكل نواحيها ، فكثير منا من يبحث عن الألم في الماضي في الحاضر في المستقبل ولكن هل يوجد من يجهد نفسه في البحث عن الأمل ؟ لقد عشنا ثلاثين عام من الظلام الكاحل والألم العصيب الذى جعلنا نصل لما يحدث الأن من فوضى عارمة وانقسامات متعددة وتوهة فكرية بالغة الصعوبة حتى أصبح لسان حالنا وكأنه يقول أرغب فى فهم ما يحدث لنا الان ، الاجابة واضحة ما يحدث لنا الان هو ألم ثلاثين عام ظلم وغش وخداع وكبت وهموم أنصبت على عاتق الشعب المصرى حتى جاءت ثورة الانفجار المصرية التى فجرت ألم ثلاثين عاماً وقلبت الامر رأساً على عقب حتى بات الأمر مجهول من تأثيرات الألم المتعددة التى يعيشها الشعب المصرى بجميع طوائفه ، ولكن السؤال المطروح هنا هل سنجعل تأثير ألم السنين الماضية ينعكس على الاحداث الحالية أو الاحداث المستقبلية ؟ ولماذا نستسلم للالم ونتركه يؤثر فينا بهذا الشكل البالغ ؟ ولماذا لا نحوله الى أمل فى سنين مشرقة بالخير لمصرنا الحبيبة ؟
سيقول قلمى اجابته على هذه الاسئلة ولكن يجب أن يوضح أن الألم والأمل مصاحبين لكل واحد فينا على وجه هذه الحياه فمع تطوّر العالم مع الزمن ، رفض الإنسان أن يظلّ ضحيّة للألم ، ومع كل مرحلة من مراحل دورة الحياة البشريّة تظهر تحديات جديدة تتناسب مع الزمن تصنع منه الأمل ، فبهذا المنظار ظلّ الألم ، والأمل مصاحبين للإنسان منذ حياته الأولى على الأرض ، وسيظلان معه إلى أن يموت ، قد تتغيّر أشكال الألم ، والأمل ، وتتعدد ، وتتعقّد إلاّ أنّهما سيظلان أمرا واقعاً ، ومحتوما في آن واحد ، إنّهما الوجه الأول للحياة ، وعليهما تستمر شئنا أم أبينا .
هذه هى الحياه ألم وأمل دمعة ، وابتسامة نور وظلمة ، منحة ومحنة ، فالله قد خلق لنا عينين أثنتين لكي نرى الجانبين معا ، وليس من العدل أن نرى الحياة بعين واحدة ، ليس من العدل أن نرى الألم ولا نرى الأمل ، أن نرى الدمعة ولانرى البسمة ، أن نرى الظلمة ولانرى النور ، أن نرى المحنة ولانرى المنحة .
لابد من وقفة مع نفوسنا جميعاً لنحول ألم سنين مضت الى أمل فى مستقبل خير لمصرنا الحبيبة ، لقد عشنا أيام صعبة في سعي ،وعناء،وتعب ،ونكد من أجل أن نحيا حياة كريمة ، ونستمرّ فى مواجهة الحياة بكل أحوالها فنشقى ،ونصارع ،ونكافح من أجل ضمان لقمة العيش، وألم الجوع ، والعطش ، وعضات الزمن ،وتقلباته المفاجئة ، ورغم كل ذلك نسعى جاهدين لأن نجعل الحياة تتقدّم من خلال مواجهة الالم بالامل فى غداً أفضل .
حتى ثورتنا المصرية بدأت بأقوى مظاهر الألم من مظاهرات وتقلصات جماهيرية بألم ودم ودموع وضحايا، وتجمعات مختلفة من البشر الناقمين المتمردين الذين يكسرون حاجز الخوف، ويتقدمون للموت لا يهابون ، ثم اذدادت كثافة وحدة التجمعات لتنقلب وتيرتها ، فبعد أن كانت التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات متباعدة بدأ أيامها في التقارب، وشعر الناس بمتعة تفوق قوة المنشطات من طعم الحرية الجديد، وهو طعم يشعر به الثوار ولا يتكرر وهذا هو الأمل بعينه الذى يولد من قلب الالم .
فلنحيا بالأمل فالشمس تضحك دائماً عند الشروق ، ولا تبكى ابداً عند الغروب ، لانها تشرق دائماً على الامل ، وتغرب دائماً على الامل ، ولنملئ حياتنا بالامل والسعى والعمل .
فيا شباب مصر الغالى ونبض الامة المستنير عيشوا الأمل بحكمة الحكيم وعيشوا الألم بحجمه دون تكبير ، ويكفينا فخراً ان ألم السنين الماضية هو ما يجعلنا نطلب الأمل ، وانه غالبا هو الذي يجعلنا نرفع ايدينا الى من خلقنا ليذهب عنا الألم ، من منا لا يتمنى دوماً أن تسبق الميم اللام لنسير دوماً إلى الأمام .
لا تستلموا لليأس والاحباط وانتقاض الاوضاع الحالية والبحث عن محكات الألم دون الاستفادة من مظاهر الألم فى صنع أمل حقيقى فى مصر جديدة وشعب واعى مثقف يعى ما له وما عليه ، تصالحوا مع أنفسكم لتكسبوها ، وعانقوا أحلامكم لتمنحوها القدرة على تحقيق ما ترغبون ، وجردوا قلوبكم من شوائبها وكونوا أكثر نقاءاً فكل أبن آدم مرهون بعمله .