قالت وكالة "الأناضول" الرسمية التركية للأنباء إن المدَّعي العام في مدينة اسطنبول وجَّه بلاغا إلى الجنرال المتقاعد إلكر باشبوغ، رئيس أركان الجيش التركي بين عامي 2008 و2010، طالبا منه الإجابة على أسئلة تتعلَّق بدوره في ما بات يُعرف بقضية "دعاية الإنترنت" ضد رئيس الوزراء الحالي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيِّب أردوغان. وقالت الوكالة إن التحقيق مع الجنرال باشبوغ سيتم بصفته "متَّهماً" بالقضية، وليس شاهدا. كما ذكرت محطَّات التلفزة المحليَّة أن الجنرال باشبوغ سيمثل أمام لجنة التحقيق بالقضية يوم الخميس المقبل.
ويركِّز التحقيق، الذي يجريه الادِّعاء العام، على مزاعم مفادها أن الجيش التركي كان قد أنشأ مواقع على شبكة الإنترنت بغرض نشر الدعاية المناهضة للحكومة، وذلك بنيَّة زعزعة وتقويض استقرار البلاد.
أرفع رتبة ويُعتبر الجنرال باشبوغ، والذي كان قد استقال من منصبه العام الماضي، أرفع رتبة عسكرية تخضع للتحقيق في القضية التي تُتَّهم فيها مجموعة من "غلاة القوميين" بالتخطيط للإطاحة بحكومة أردوغان. ويُنظر إلى القضية برمَّتها على أنَّها حلقة في مسلسل الصراع على السلطة بين العلمانيين والعسكر من جهة وبين الإسلاميين متمثِّلين بحزب العدالة والتنمية من جهة أخرى.
يُذكر أن حزب العدالة والتنمية، الذي قام على أنقاض حزب إسلامي آخر جرى حلَّه، كان قد قد وصل إلى السلطة في عام 2002.
والتحقيق بقضية "دعاية الإنترنت" هو أيضا سلسلة من عدَّة تحقيقات في قضية أوسع تتعلَّق بمنظمة "أرجينيكون" التي كان قد أطلقها عسكريون وعلمانيون قبل نحو خمس سنوات بغرض التخطيط للإطاحة بحكم الإسلاميين في البلاد. مئات المتَّهمين
وقد أُخضع مئات المتَّهمين، بمن فيهم ضبَّاط متقاعدون بارزون ومحامون وصحفيون وأكاديميون، للمحاكمة في قضايا متَّصلة بموضوع شبكة "أرجينيكون".
ومن بين أبرز الشخصيات التي استُدعيت للشهادة في قضية "أرجينيكون" الجنرال المتقاعد حلمي أوزكوك الذي سبق له هو الآخر أن شغل منصب رئيس أركان الجيش التركي، إذ قدَّم شهادته في القضية في عام 2009. اتَّهمت المعارضة التركية حزب أردوغان باستخدام قضية "أرجينيكون" كذريعة لملاحقة المعارضين والمنتقدين
كما أقرَّ أحد المتَّهمين في القضية، وهو الجنرال محمد أروز، بأنَّ الجنرال باشبوغ كان قد أصدر تعليمات بشأن الدعاية على الإنترنت ضد حزب أردوغان. وفي حال إصدار النيابة العامَّة قرارًا يؤكِّد تورُّط الجنرال باشبوغ في قضية "دعاية الإنترنت" ضد حزب العدالة والتنمية، فسيجري تحرير لائحة اتِّهام رسمية بحقِّه، وسيمثل أمام المحكمة في وقت لاحق.
أربع حكومات وكان تحالف العلمانيين مع الجيش في تركيا قد أطاح بأربع حكومات خلال العقود الأربعة التي سبقت وصول حزب أردوغان إلى السلطة في البلاد قبل نحو عشرة أعوام.
إلاَّ أن نفوذ العسكر في تركيا تراجع خلال السنوات الماضية، وذلك بفضل السياسات الإصلاحية التي تتبعها الحكومة، والتي ترمي إلى تعزيز الحكم المدني في البلاد، وإلى الفوز بعضوية الاتحاد الأوروبي. لكن أحزاب المعارضة اتَّهمت الحزب الحاكم في البلاد باستخدام قضية "أرجينيكون" كغطاء وكذريعة لملاحقة معارضي ومنتقدي الحكومة التي تنفي بدوها مثل تلك التهمة.