بين السياسة التى تقفز فوق حالة النقاء الثوري، والقيم الثورية التى لا تهتم بالألاعيب السياسية يعيش حزب «التحالف الشعبى الاشتراكي» حالة من الغليان الداخلي، خصوصا بعد فشله فى تحقيق فاعلية تذكر سواء بالمشاركة فى العملية الانتخابية، أو المشاركة فى ميادين الثورة، حيث ظهر أداؤه ضعيفا وسيئا على الساحة السياسية، الأمر الذى تسبب فى انقسام الحزب إلى جناحين؛ الأول يضم قطاعا كبيرا من المناضلين الذين يبغون الحفاظ على نقائهم الثورى ومبادئهم دون النظر إلى مكاسب سياسية،
ويأتى على رأسه أبوالعز الحريرى الذى كان ضد المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب الحالية، ويعد أبرز أنصار الطعن عليها، كما أن له موقفاً واضحاً من تيارات الإسلام السياسي، ومعه قطاع كبير من الشباب الثورى مثل رامى صبرى وآخرين.
أما الجناح الثانى فيمثله أنصار المكاسب السياسية، بقيادة عبد الغفار شكر، وهم الأغلبية من القيادات المؤسسة للحزب، وكانوا من دعاة الدخول فى تحالف الكتلة المصرية، فى بداية المعركة الانتخابية،
رغم الاختلاف الأيدلوجى بين الحزب «الاشتراكي» والكتلة «الليبرالية»، وعندما اعترض الجناح الأول وتم الاحتكام للتصويت، كانت النتيجة فى صالح الانضمام للكتلة بأصوات نحو 80 عضواً من أعضاء الهيئة التأسيسية الذين رأوا أن ذلك سيضمن للحزب عددا من مقاعد البرلمان ويوفر عليه مصاريف الدعاية.
وحتى بعد خروج الحزب من تحالف الكتلة المصرية نتيجة عدم التوافق على نسبة وترتيب المقاعد، ودخوله فى تحالف «الثورة مستمرة» كان لهذا الجناح الدور الأكبر فى تأييد انضمام حزب «مصر الحرية» الليبرالي،
وحزب «التيار المصري» لشباب الإخوان المسلمين المنشق عن الجماعة. ولا ننسى سعى عبد الغفار شكر للتفاوض مع الإخوان المسلمين باسم الكتلة، وهو ما أشار إليه الدكتور محمد البلتاجى أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة فى تصريحات خاصة ل «الفجر»، عندما قال إنهم تلقوا اتصالا من عبد الغفار شكر لبحث التعاون بين التحالف الديمقراطى والكتلة المصرية، إلا أن شكر لم يكن مفوضا من قبل الكتلة، وإنما كانت المبادرة شخصية منه للتوافق حول قائمة وطنية. وعلى الرغم من أن المبادرة لم تكلل بالنجاح إلا أنها كشفت عن عدم ممانعة شكر وفريقه فى التعاون مع الإخوان رغم الخلاف الأيدلوجى بينهم.
على جانب آخر، غض الحزب الطرف عن مشاركة الدكتور مصطفى كامل السيد- أحد قياداته- فى المجلس الاستشاري، على الرغم من موقف الحزب الواضح بعدم المشاركة فى ذلك المجلس.
الأمر الذى يعكس ارتباكا وتخبطا داخل الحزب يتمثل فى الاختلاف الجذرى بين قياداته، كما يكشف عدم وجود خطة واضحة لتفعيل العمل الحزبي، حيث اقتصرت العملية الحزبية على مجموعة محدودة تقوم بجميع الأعمال وتشكل كل اللجان برئاسة عبد الغفار شكر، وهو ما جعل عدداً من أعضاء الحزب يعربون عن ندمهم على عضويتهم فى الحزب مفضلين العودة إلى اللجان الشعبية التى تؤمن بالاحتكاك المباشر مع المواطنين خاصة فى المناطق الشعبية.
جدير بالذكر أن حزب التحالف الشعبى الاشتراكى يضم أغلبية المنشقين عن حزب التجمع فضلا عن عدد من الألوان اليسارية غير الحزبية مما نتج عنه اختلاف فى استراتيجية التفكير والتحرك داخله