قال الفريق أول مصطفى الدابي- رئيس بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا، إن اليوم الأول من مهمة بعثته في مدينة حمص كان "جيدًا جدًا"، وأن "كافة الأطراف أبدت تجاوبًا مع المراقبين". وتداول عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت، مقطع فيديو مسجلاً لمجموعة من أعضاء بعثة مراقبي الجامعة العربية أثناء زيارتهم لأحد المنازل السورية، وكان بالمنزل عدد كبير من الأطفال الذين فقدوا ذويهم في الهجمات الشرسة التي شنتها قوات الأمن السوري ضد المدنيين السلميين المناهضين لحكم بشار الأسد، ووضح المرافقون لأعضاء البعثة طريقة عيش هؤلاء الأيتام، ونوعية الطعام الذي يقدم لهم وهو عبارة عن "خبز يابس" مؤكدين أنهم لا يستطيعون توفيره لهم أحيانًا كثيرة، ومن بين أعضاء البعثة كان هناك من لم يتمالك نفسه ويمنع دموعه من النزول حزنًا على ما آلت إليه الأوضاع في سوريا، وكمية المصائب التي نزلت على هؤلاء الأبرياء.
وذكر موقع "شام برس" المقرّّب من دوائر صنع القرار في سوريا، أن وفد مراقبي الجامعة العربية "أنهى أمس الثلاثاء أول يوم عمل له في حمص، حيث التقى المحافظ عبد العال، وزار المستشفى الوطني في المدينة، وتجوَّل في أحياء بابا عمرو والنزهة والنازحين وكرم الزيتون".
وكان الدابي قد أكَّد أن البعثة "ستتعامل مع الوضع في سوريا كما تنص عليه توصيات الجامعة العربية، وليس بتوصيات أي جهة سوريا". وأضاف، أن البعثة "لا تتعامل بتوصيات الحكومة، أو المعارضة السورية وإنما تتعامل بما تراه وتعايشه على أرض الواقع".
بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرُّه العاصمة البريطانية لندن "إن الجيش السوري سحب 11 من دباباته من حي بابا عمرو بحمص، والذي شهد أعنف المواجهات يوم الاثنين".
وأردف المرصد قائلاً: "إن العديد من الدبابات لا تزال موجودة في الحي، إذ أخفاها الجيش داخل المباني والمنشآت الحكومية"، مشيرًا إلى أن الجيش "أخفى إحدى دباباته في قاعة للاحتفالات".
وقال عبد الله عمر- المتحدث باسم المرصد، إن حوالي 20 ألف شخص على الأٌقل تدفقوا على شوارع حمص للترحيب بوصول المراقبين. لكن شاهد عيان، عرَّف عن نفسه باسم "أبو رامي"، قال إن عدد المتظاهرين تجاوز 50 ألف شخص وأن قوات الحكومة هاجمتهم وقتلت ثمانية منهم".
وبثَّت رويترز لقطات فيديو، جرى تحميلها أيضًا على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب"، ويظهر فيها عدد من سكان حمص وهم يخوضون جدالاً مع المراقبين، محاولين أخذهم إلى داخل حي بابا عمرو بالمدينة لرؤية "ضحايا هجمات القوات السورية"، كما قالوا.
وتنصُّ المبادرة العربية على سحب السلطات السورية لكافة القوات المسلحة من المناطق التي تشهد صدامات. وكانت الدفعة الأولى من المراقبين العرب قد وصلت إلى سوريا مساء أمس الأول الاثنين، للوقوف على حقيقة الأوضاع في البلاد، حسب الاتفاق المبرم بين الجامعة والسلطات السورية. كما وصلت إلى دمشق مؤخَّرا أيضا "بعثة متقدمة مكوَّنة من تسعة أفراد، وبحثت مع المسؤولين السوريين المتطلبات اللوجستية والأمنية اللازمة لضمان إنجاز بعثة المراقبين للمهمة الموكلة إليها على أفضل وجه.
وكان برهان غليون- رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، قد قال "إن عددا من المراقبين الذين وصلوا إلى حمص لم يتمكنوا من التحرك فيها بحرية، بل أصبحوا سجناء لدى النظام السوري"، وأضاف: "نناشد القادة العرب الذين وضعوا هذه الخطة التدخل لإرغام النظام السوري على وقف هذه المذبحة".
ميدانيًا، قال ناشطون سوريون إن "قوات الأمن قتلت 30 شخصًا يوم الاثنين في حمص"، وبالإضافة إلى القتلى الذين سقطوا في حي بابا عمرو، قال المرصد السوري إن 11 آخرين سقطوا في مناطق أخرى من المدينة. وتقول التقارير الإخبارية إن عددًا كبيرًا من العسكريين قد انضموا خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى ما يُعرف ب "الجيش السوري الحر" الذي يستهدف القوات الحكومية.
ونقلت وكالة رويترز عن أحد سكان حمص قوله: "يأتي العنف من مصدرين، فقد شاهدت العديد من سيارات الإسعاف وهي تنقل الجنود الجرحى في الأيام الماضية. فثمة جهة تستهدف الجنود".
من جانبها، اتهمت الولاياتالمتحدة النظام السوري بتصعيد ما وصفته بأعمال القمع قبيل وصول مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر: "الوضع كان مرعبًا خلال أيام عدة تصاعد فيها العنف.
نحن بالتأكيد ندين تصعيد العنف". وأضاف "النظام السوري استغل الأيام الأخيرة لتكثيف هجماته على بعض أحياء مدينة حمص ومدن أخرى قبل وصول مراقبي الجامعة العربية".