تتجه أنظار العالم صوب انتخابات الرئاسة الروسية المقرر عقدها غدًا، الأحد والتى يرى خبراء السياسة أنها شبه محسومة سلفًا لصالح رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين أو "زعيم الأمة" كما يطلق عليه أنصاره. "بوتين" الذى أصبح قاب قوسين أو أدنى من الفوز بمقعد "سيد الكرملين" حسبما أظهرت أحدث استطلاعات الرأى هناك، والتي منحته 66% من الأصوات متقدما بذلك على بقية منافسيه الخمسة، ومن أبرزهم جينادي زوجانوف زعيم الحزب الشيوعي الذي ينافسه على "استحياء". ويبدو أن الوضع على الساحة السياسية فى روسيا، التى تأتي فى مصاف الدول الكبرى، لن يشهد أية مفاجآت خلال العملية الانتخابية، ففوز بوتين اقترب بشكل كبير وكل ما يتبقى فقط هو معرفة حجم الأصوات التي سيحصدها كل مرشح. "روسيا بدون بوتين"، "لا تسمحوا لبوتين بدخول الكرملين" شعاران استندت إليهما المعارضة التى باتت على يقين تام بأن بوتين سيأتي خلفًا للرئيس الحالي دميتري ميدفيديف فى سدة حكم البلاد ولكنها أرادت إيصال رسالة بأن صورة "زعيم الامة" أصبحت مهتزة من وجهة نظرهم. ومن الأمور التي أثارت غضب المعارضة أن وسائل الإعلام الروسية عملت على دعم مكانة بوتين من خلال استعراض جميع إنجازاته التي حققها خلال سنوات حكمه للبلاد، كما أثارت أيضا نتائج الانتخابات التشريعية (مجلس الدوما) التي أجريت في ديسمبر الماضي حفيظة المعارضين، حيث رأت أن فوز حزب بوتين (روسيا الموحدة) بالأغلبية (238 مقعدًا من أصل 450) قد مهد الطريق له للعودة إلى الكرملين من جديد من خلال هذه الانتخابات التى تشكك في نزاهتها المعارضة وتعتبرها مزورة وغير نزيهة على الاطلاق. وترى الطبقة الروسية الوسطى، التي تطالب بتنحي بوتين عن الترشح، أنه لم يعد مقبولاً لدولة عظمى كروسيا أن يحكمها رجل "مهما كان اسمه" طيلة هذه الفترة خاصة أنه فى حال فوزه سيبقى فى الحكم لدورتين متتاليتين، وهذا بالتحديد ما يثير حفيظة معارضيه. بالإضافة إلى ذلك طرحت المعارضة العديد من التساؤلات حول توقيت ما كشف عنه التليفزيون الروسي، والخاص بإحباط مخطط لاغتيال بوتين تم التحضير له من أوكرانيا، معتبرة أن ذلك لا يعدو كونه مجرد "مناورة انتخابية" فى محاولة لكسب تعاطف الناخبين وتأييدهم له. واتهمت المعارضة رئيس الوزراء الحالي بأنه سبب في تكريس البيروقراطية وإصابة مؤسسات الدولة المختلفة بالجمود، واستشراء الفساد الإداري، مستندين إلى استمرار بوتين فى سياسة "الحوكمة" وأنه ليس لديه ما يقدمه فى هذه الفترة، فضلاً عن إطلاقه وعودًا غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع واصفين إياها ب "الواهية". وقبل أسبوع من الانتخابات صعدت المعارضة من وتيرة الاحتجاجات الرافضة لترشح بوتين، وحشدت الآلاف لتكوين سلاسل بشرية على طول الطريق الدائري المؤدي إلى العاصمة موسكو، في محاولة منهم لمنع بوتين من الوصول إلى مبنى الكرملين، والتعبير عن غضبهم ورفضهم للطريقة التي يتم من خلالها انتقال السلطة في روسيا. وتذهب آراء المراقبين والخبراء السياسيين للقول بأن ما يحدث على الساحة السياسية فى روسيا نتج عنه حالة من الاستقطاب الشديد لأول مرة بين مؤيدي بوتين ومعارضيه، فالمشهد لم يألف وجود معارضة فعالة داخل الشارع الروسي غير أن هذه المرة شهدت خروج آلاف المتظاهرين عدة مرات للتعبير عن استيائهم أولا من فوز حزب بوتين في انتخابات مجلس (الدوما) التشريعي وأيضا لاعتراضهم على ترشيح بوتين لولاية رئاسية جديدة خلال الانتخابات المقبلة. وفي المقابل، وتحت شعار "لندافع عن البلد"، انطلقت مسيرات حاشدة إلى شوارع موسكو، لتأييد ترشح بوتين للمرة الثالثة بعد توليه الرئاسة لمدة ثمانية أعوام متتالية خلال الفترة من 2000 حتى 2008 وذلك بدورتين متتاليتين، وللرد أيضا على المسيرات المناهضة لزعيم الأمة.