الرئيس الإيطالي يشيد بالإمام الطيب: رمز للحكمة وصوت عالمي لنشر السلام والأخوة الإنسانية    مدبولي: نستهدف نموا اقتصاديا يصل ل8% ولا ننسى البعد الاجتماعي ونتحرك في قطاعي الصحة والتعليم    مصر تشارك في فعاليات مراسم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    إدارة ترامب: وقف المساعدات الغذائية الفيدرالية في أول نوفمبر وسط استمرار الإغلاق الحكومي    كييف: روسيا تدخل مدينة بوكروفسك شرقي أوكرانيا بعد أشهر من القتال    خبير استراتيجي: إيران تبحث عن موقع جديد في الشرق الأوسط بعد تراجع نفوذها    ريال مدريد يفوز على برشلونة وينهي هيمنته على الكلاسيكو    السيطرة على حريق بمخزن قطع غيار سيارات بالفراهدة في الإسكندرية    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة وأمطار خفيفة على بعض المناطق.. وتدعو السائقين لتوخي الحذر    عرض مسلسل كارثة طبيعية لمحمد سلام على منصة watch it بدءا من 29 أكتوبر الجاري    عمرو يوسف يقدم وجبة رومانسية لشكل العلاقات الزوجية في السلم والثعبان (لعب عيال)    مدبولي من السويس: تطوير الصحة أولوية رئاسية.. و73% من سكان المحافظة تحت مظلة التأمين الشامل    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    مهرجان القاهرة للطفل العربي يطلق دورته الثالثة 10 نوفمبر    عرض مسلسل «جولة أخيرة» بطولة أحمد السقا على mbc.. قريبًا    أول تعليق من محمد سلام بعد مشاركته في احتفالية «وطن السلام»: عاشت فلسطين حرة عربية (فيديو)    وزير الشباب والرياضة يتلقي خطابًا من رئيس الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة بشأن الجهود الدولية لمكافحة التجنيس    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    الكوكي يعلن تشكيل المصري لمباراة الاتحاد الليبي بالكونفدرالية    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    روزا والبيت الأبيض!    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    الأمن يكشف حقيقة فيديو فتاة «إشارة المترو» بالجيزة    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    لأول مرة في جنوب سيناء.. افتتاح وحدة علاج الأورام والعلاج الكيماوي بمجمع الفيروز الطبي    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تردد في سوريا وتشدد في أوكرانيا
نشر في صدى البلد يوم 18 - 05 - 2014

لماذا تتشدد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين مع روسيا في أوكرانيا وتتراخى في ما يتعلق بالأزمة السورية؟ سؤال يسيطر على تفكير الكثيرين وربما لا يجد تفسيرا كافيا له، وهنا يشير خبراء ومتخصصون إلى أنه رغم الأهمية الاستراتيجية لسوريا، ورغم أن موسكو تتولى دعم الرئيس الأسد وتسليحه وتغطيته دبلوماسيا منذ بداية الأزمة، فإن سوريا تختلف عن أوكرانيا من منظور الغرب، وهنا يمكن تفسير التشدد الغربي النسبي في الأزمة الأوكرانية بخلاف سوريا التي سمح فيها لروسيا بلعب دور عراب صفقة تسليم الأسلحة الكيماوية الخاصة بنظام الأسد في سبتمبر من العام الماضي.
ثمة حقائق ينبغي الإشارة إليها قبل الخوض في تحليل أبعاد الصراع السياسي الدائر بين روسيا والغرب، وفي مقدمتها الروسي الروسي فلاديمير بوتين قد اكتسب قدرا لا بأس به من تشدده في الأزمة الأوكرانية بعدما لمس تردد الغرب وحذره البالغ في مواجهة الدعم الروسي القوي للرئيس السوري بشار الأسد، ولكن حسابات بوتين في هذا الجزئية تجاهلت نسبيا اختلاف الوضع والحسابات والمصالح.
فالغرب ينظر إلى أوكرانيا باعتبارها شعبا أوروبيا، ولذا اتخذ من الإجراءات العقابية ماجعل الكرملين يتوقف عن ترديد فكرة الاجتياح الكامل لشرق أوكرانيا. كما أن العقوبات الاقتصادية السريعة التي فرضتها أوروبا على الاقتصاد الروسي قد أتت نتائجها عاجلا وهبط الروبل بقوة، ما اضطر المصرف المركزي الروسي للتدخل لرفع نسبة الفائدة، فضلا عن أن المستثمرين الأجانب سحبوا نحو 37 مليارا جنيه إسترليني من السوق الروسي ما شكك في فرص تعافي الاقتصاد الروسي على المدى القريب، واتضح للكثيرين أن الاقتصاد الروسي سيدفع فاتورة باهظة لرغبة بوتين في مناطحة الغرب وتجديد أجواء الصراع والحرب الباردة.
وانعكس التشدد الغربي بقوة أيضا في موقف الدول السبع الصناعية الكبرى التي قامت بإعادة الحياة إلى هذه المجموعة وتجميد مجموعة الثماني التي كانت تضم روسيا، وانتهت سنوات التعاون التي شهدت قيادة مجموعة الثماني للاقتصاد العالمين حيث كان منتجع سوتشي الروسي عاصمة لعملاقة الاقتصاد الثماني.
السؤال الآن: إذا كان بإمكان الغرب إجبار الكرملين أن يغير تصرفه تجاه أوكرانيا، لماذا لم يطبق السلوك ذاته في أزمة سوريا؟
هنا كما ذكرت سلفا، الوضع يبدو مختلفا تماما، لأسباب واعتبارات عدة أولها أن استراتيجية الولايات المتحدة في قيادة النظام العالمي الجديد باتت في اختبار قوة حقيقي، حيث كشفت أزمة أوكرانيا عن أن صدقية الولايات المتحدة في قيادة هذا النظام تتعرض لخطر حقيقي، فبرغم حقيقة إمكانية تعايش الأمريكيين مع أوكرانيا من دون القرم، فإن المزيد من التجزئة لأوكرانيا سيكون كارثياً ليس بالنسبة إلى سكان أوكرانيا فقط ولكن بالنسبة إلى الأمن الأوروبي ومصداقية الولايات المتحدة ووفائها بتعهداتها أيضاً، فعلى الرغم من عدم وقوع أوكرانيا في وسط أوروبا فإنها تظل جزءاً منها، والفشل في الدفاع عن السيادة الأوكرانية في هذا التوقيت، هو بمنزلة الضربة الأخيرة للناتو الذي سعى إلى إثبات مكانته عالمياً خلال السنوات الأخيرة.
وعلى أي حال فإن الأزمة الأوكرانية هي معركة عض أصبع بين الجانبين الأمريكي والروسي بالأساس، وإذا كانت أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية قد قيوداً على سفر مسؤولين روسيين وأوكرانيين، ووقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما قراراً بتجميد أصول تعود لأشخاص، وصفهم القرار بأنهم مسئولين عن عدم الاستقرار في أوكرانيا. وأوقفت الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة معاً المحادثات مع روسيا بشأن التحضير لقمة "مجموعة الثمانية"، التي كان مقرراً انعقادها هذا العام في مدينة سوتشي الروسيةK فإن روسيا بالمقابل لم تقف عاجزة بل يمكن القول أنها تمتلك أوراق ضغط أقوى ولا تقل تأثيرا على المدى القريب، فقد توقفت عن منح أوكرانيا الغاز الطبيعي بأسعار مخفضة، ولوحت بالتوقف عن إمداد الاتحاد الأوروبي بالغاز، ولوحت كذلك بالتوقف عن استخدام الدولار في تعاملاتها الخارجية، وواشنطن تعرف جيدا معنى مثل هذه الخطوة. وفوق هذا كله لوحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب، وروسيا من جانب آخر، بفرض كل منهما قيوداً تعرقل دخول السلع والخدمات والسائحين والمستثمرين ورؤوس الأموال الخاصة بالطرف الآخر إلى أسواقه، الأمر الذي إن تم سيكون بمثابة العزلة الاقتصادية لروسيا، وسيضر في الوقت ذاته بالمصالح الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، وبالتأكيد ستمتد آثاره السلبية بالغة الضرر إلى الاقتصاد العالمي ككل.
المعلومات تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لروسيا، حيث يستحوذ على نحو 50% من إجمالي تجارتها الخارجية، بما قيمته نحو 123 مليار دولار سنوياً، كما أن السوقين الأوروبية والأمريكية هما الوجهتان الأوليان للصادرات الروسية من الغاز الطبيعي والنفط، فيما يعني أن عرقلة وصول الصادرات الروسية للسوقين ستحرم الاقتصاد الروسي من منفذه الرئيسي. وعلى الجانب الآخر، فإن أبرز صادرات روسيا إلى أوروبا هي الغاز، فالغاز الروسي يستحوذ على أكثر من ربع سوق الغاز الأوروبية. بجانب ذلك فروسيا هي ثالث شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة والصين، فهي تستحوذ على 7% من صادراته و12% من وارداته، ما يوضح مدى انكشاف الاقتصاد الأوروبي على روسيا.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي فوضعه ليس بالأفضل كثيراً، إذ تقدر تجارته مع روسيا بنحو 40 مليار دولار سنوياً، تتركز معظمها، بما يُقدر بنحو 27 مليار دولار، في صادرات نفط ومشتقات نفط وأسمدة روسية، وهي مواد يُستبعَد أن تستغني عنها الأسواق الأمريكية أو تجد لها بديلاً بسرعة، في حال انقطاعها لأي سبب محتمل. وبالإضافة إلى ذلك فتلويح روسيا بالتوقف عن استخدام الدولار الأمريكي في تسوية تعاملاتها، يمثل تحدياً آخر للاقتصاد الأمريكي، الذي سيتأثر بالتأكيد بأي تراجع في قيمة الدولار.
رغم أن الأزمة بين الغرب وروسيا قد انطلقت على أرضية سياسية، فإن دخول العامل الاقتصادي إليها قد يلجم تداعياتها السلبية، ولكنها في مجمل الأحوال ليست حربا باردة جديدة، فالعامل الأيديولوجي، الذي كان محور الحرب الباردة إبان حقبة الاتحاد السوفيتي السابق، غائب تماما في هذا الصراع على النفوذ والمصالح، الذي قد يكون الغرب هو المتألم الأكبر من الاستمرار في ممارسة لعبة عض الأصبع، خصوصا بعدما ارتفع مؤشر البورصة الروسية مؤخرا بنسبة 14% وتحسن سعر صرف الروبل الروسي ووجود مؤشرات على استعادة ثقة المستثمرين، على خلاف ماحدث في الفترة الأولى من الأزمة،
لا يزال الصراع بين الغرب وروسيا في بداياته، ولا تزال للازمة الأوكرانية تداعياتها المحتملة على ادوار اللاعبين الكبار في السياسة الدولية، ومن المؤكد أن ذلك كله ينعكس بدرجة ما على الأوضاع في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، سواء لجهة الدور الروسي أو النفوذ الأمريكي في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.