«الداخلية» تفتح باب التقديم لكلية الشرطة بحد أدنى 65٪.. والتقديم يبدأ 22 يوليو    رئيس الوزراء يتابع خطة تطوير صناعة السكر في مصر.. وتوجه لتعظيم الإنتاج وتقليل الاستيراد    سفينة "خليفة الإنسانية" تغادر دولة الإمارات محملة ب7166 طنا من المساعدات العاجلة إلى غزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    هل تفاوض الزمالك مع لاعب وسط السويحلي الليبي..مصدر يوضح    الزمالك يخطط لضم مهاجم أجنبي ويسعى للتخلص من الجزيري    300 طالبًا وطالبة يتنافسون على مقاعد أوائل الثانوية العامة 2025 في الشعب الثلاثة    الأرصاد: طقس شديد الحرارة غدًا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38 درجة    فيديو قديم.. "السكة الحديد" توضح ملابسات مشادة بين كمسري وطالب داخل القطار    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين في تصادم سيارتين على طريق بنها – المنصورة    تجارة الهيروين تقود موظف للسجن المؤبد بالخانكة    مكتبة الإسكندرية تحتفي بالكاتب محمد السيد عيد في ندوة بمعرض الكتاب    «فلك».. مشروع يجمع التصميم الجرافيكي بالبحث الثقافي والرقمنة (فيديو)    وزير الصحة يفتتح أول معمل محاكاة متطور بالمعهد الفني الصحي بالإسماعيلية    أمجد الشوا: «العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة»    رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    عضو ب"الشيوخ": مصر قادرة على مواجهة الإرهاب    "لازم نسيب شغل المكايدة".. تصريحات مفاجئة من شوبير عن الزمالك    أيمن منصور: الحكم على صفقات الزمالك سابق لأوانه.. وفتوح أخطأ لكنه سيعود    وزير العمل: التأمين الطبي لعمال «الدليفري» من ضمن أشكال السلامة المهنية    ضبط مصنعين غير مرخصين لإنتاج الشوكولاتة والحلويات بعلامات تجارية وهمية في الباجور    تمهيدا لرفع الكفاءة.. متابعة علمية لمحطة بحوث الموارد المائية بطور سيناء    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضي المضافة لعدد من المدن الجديدة    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    تعزيز خدمات الإرشاد السياحي واستقطاب اللغات النادرة    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    نادية رشاد تكشف كواليس انفصالها عن محمود الحديني: حالتي الصحية لا تسمح    يوسف معاطي: ما يحدث في غزة سيكون له تداعيات كبيرة على العالم    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    أستاذ بالأزهر يوضح حكم الألعاب النارية في الأفراح والمناسبات    زوجي طلقني الطلقة الثالثة وحملت منه في فترة العدة إلى من ينسب الطفل؟.. عالم أزهري يجيب    "شارك وخليك إيجابي".. حملة للتوعية بأهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    الصحة: تقديم التوعية بمخاطر الإدمان ل457 ألفاً من طلاب المدراس    كسر مفتوح ومفتت.. نجاح عملية دقيقة لتثبيت ركبة بتقنية "إليزاروف" بالمنيا- صور    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    بزي "سبايدرمان".. وصول "ياسين" ووالدته محكمة جنايات دمنهور لحضور جلسة الاستئناف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    آخر تطورات أزمة سد النهضة، السيسي: قضية نهر النيل أمن قومي لمصر    الفلبين تعلق الفصول الدراسية بسبب الأمطار الغزيرة    يوم الصفر.. اختراق عالمي يضرب عشرات المؤسسات الحكومية الأمريكية بسبب ثغرة في خوادم مايكروسوفت    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 21 يوليو 2025    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    اليوم.. «الداخلية» تعلن تفاصيل قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة في مؤتمر صحفي    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    ثلاثة نجوم على أعتاب الرحيل عن الأهلي    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ القرضاوي‏..‏ والليبراليون‏!‏

لا أظن أن فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي كان موفقا في هذا الهجوم الضاري الذي شنه علي الليبراليين المصريين الذين وصفهم في تصريحاته الأخيرة بأنهم دخلاء علي الشعب المصري‏,
لأنهم في رأيه يرفضون شرعية الاسلام ولهذا يعتقد فضيلته أن الليبراليين لامستقبل لهم في الحياة السياسية المصرية الا في حالة واحدة, هي أن يخيب الاسلاميون, فعندئذ تصبح الفرصة سانحة لليبراليين!
لم يكن الشيخ القرضاوي موفقا. لأن الليبراليين هم أنصار الحرية. وليس من العدل أو التوفيق أن يقال ان أنصار الحرية دخلاء علي المصريين أو علي غير المصريين.
كلمة ليبرالي تعريب للكلمة الفرنسية liberal المشتقة من كلمة liberte أي الحرية التي أصبحت تدل في العصور الحديثة علي أوضاع سياسية واقتصادية لم يكن لها وجود من قبل. فقد تطور الانتاج بفضل التقدم العلمي, واتسعت الأسواق واتصلت بعد الكشوف الجغرافية, وظهرت طبقات ومهن ومطالب جديدة فرضت نفسها علي المجتمع القديم وأعادت بناءه من جديد, فلم يعد الحكم استبدادا, ولم تعد الثروة احتكارا لطبقة بالذات. وإنما حلت الديمقراطية محل الاستبداد, وصار النشاط الاقتصادي نشاطا حرا مفتوحا يشارك فيه الجميع ويحصل كل مواطن علي نصيب من عائداته, بعد أن كان العمل سخرة والثروة امتيازا خاصا لمن يملكون ولايعملون. هل تكون الليبرالية بصورتها هذه دخيلة علي مصر؟ وإذا كانت الليبرالية دخيلة فهل تكون العبودية أصيلة؟ وهل يكون الطغيان قدرا مسلطا علي المصريين دون الخلق أجمعين؟!
صحيح أننا عشنا في السخرة والطغيان عصورا طويلة, وأننا لم نفتح عيوننا علي الحرية والديمقراطية إلا بعد أن اصطدمنا بالأوروبيين في العصور الحديثة, فهل كان علينا أن نرفض الديمقراطية, والدستور, والبرلمان, وحرية الصحافة, والمناهج العقلانية, والأكتشافات العلمية هل كان يجب أن نرفض هذا كله ونحافظ علي تخلفنا لأن التخلف انتاج محلي والتقدم مستورد؟!
نعم, كل ما ننعم به الآن لم نصنعه بأيدينا, وإنما نقلناه عن الأوروبيين. هذه الطاقات, وهذه الأدوات, وهذه المصانع, وهذه المعارف, وهذه العلوم كلها منقولة. حتي درجة الدكتوراه التي يحملها صاحب الفضيلة ويبدأ بها ألقابه منقولة مستعارة من عالم العصور الوسطي الأوروبية. كل هذا منقول ومستورد. ولابأس بأن ننقله بشرط ألا نتخذه زينة لأسمائنا ونكتفي بذلك, بل نجعله شررا نشعل به طاقاتنا لنصبح في هذه الحضارة الانسانية الحديثة منتجين لامجرد مستهلكين.
وأنا لا أقول جديدا, وإنما أصف مشروع النهضة الذي بدأناه منذ قرنين, حين أرسلنا رفاعة الطهطاوي الي باريس ليأتينا بقبس من أنوارها فعاد يبشرنا بالكثير. ومن الكثير الذي بشرنا به هذه الليبرالية التي توطنت خلال القرنين الماضيين في بلادنا, وأصبحت تيارا فاعلا صانعا للتاريخ. ولو رجع الأستاذ القرضاوي الي تخليص الابريز في تلخيص باريز لقرأ الكثير عن الليبرالية, خاصة حين يتحدث الطهطاوي عن ثورة الفرنسيين عام 1830 والصراع بين الملكيين والليبراليين الذين يسميهم الطهطاوي الحريون نسبة للحرية.
وقبل أن يمر نصف قرن علي صدور هذا الكتاب حدث في مصر ما حدث في فرنسا. فقد تألف الحزب الوطني الأول الذي ضم زعماء الثورة العرابية, وطالب بالدستور, وبمجلس نيابي يكون له الحق في اصدار القوانين ومراقبة الحكومة ومحاسبتها. وقد جاء في برنامج هذا الحزب الذي شارك في وضعه الإمام محمد عبده إن الحزب يخضع للخديو, لكنه قرن هذا الخضوع بالعزم الأكيد علي عدم عودة الاستبداد والأحكام الظالمة التي أورثت مصر الذل, وبالالحاح علي الحضرة الخديوية بتنفيذ ما وعدت به من الحكم الشوري (الديمقراطي) وإطلاق عنان الحرية للمصريين.
وإذا كانت الليبرالية قد بدأت في كتاب الطهطاوي كلمة مترجمة عن الفرنسية فقد أصبحت ثقافة مصرية في رسالة الشيخ حسين المرصفي التي ألفها قبل مائة وثلاثين سنة وسماها رسالة الكلم الثمان وتحدث فيها عن الأمة, والوطن, والحكومة, والعدل, والظلم, والسياسة, والحرية, والتربية. فإذا خرجنا من القرن التاسع عشر ودخلنا القرن العشرين وجدنا الليبرالية حاضرة بقوة في النشاط الثقافي المصري, في كتابات أحمد لطفي السيد, وطه حسين, والعقاد, وفي النشاط السياسي, في حزب الوفد, وحزب الأحرار الدستوريين, وغيرهما.
والشيخ القرضاوي الذي لم يكن موفقا حين قال إن الليبراليين دخلاء علي مصر, لم يكن موفقا كذلك حين قال إن الليبراليين يرفضون شرعية الاسلام. فالاسلام في مصر ليس وافدا جديدا ليواجه الرفض والقبول, وإنما الاسلام هو ديانة غالبية المصريين منذ قرون عديدة, وهو أساس راسخ في ثقافتهم جميعا مسلمين وغير مسلمين. وإنما الوافد الدخيل هو هذا الفهم الضيق للاسلام المنقول الينا من عصور خلت ومجتمعات لها ظروفها التي تفرض عليها شروطا جائرة للحياة تتناقض مع الحقوق الطبيعية للانسان, وتصطدم بحضارة العصر, فمن الطبيعي أن نرفض هذه الشروط, لا باسم الليبرالية وحدها, بل باسم الاسلام أيضا. لأن الاسلام في جوهره الحقيقي أكثر إنسانية مما يراه بعض الذين يتحدثون باسمه, وأرحب منهم صدرا, وأكثر قدرة علي أن يطور فكره مع تطور الحياة, لأنه رسالة موجهة للبشر جميعا في كافة أصقاعهم وكافة عصورهم التي تختلف شروط الحياة فيها وتتطور علي الدوام. فما كان يصلح للجزيرة العربية لايصلح لنا. وما كان مقبولا في القرن السابع الميلادي لم يعد مقبولا ولامعقولا في القرن الحادي والعشرين.
نعم نرفض خلط الدين بالسياسة. ونرفض الاستبداد. ونرفض احتقار المرأة وعزلها. ونرفض التمييز بين أصحاب الديانات المختلفة. ونرفض الدولة الدينية التي كانت تقوم علي هذه المباديء والسياسات التي يسميها الشيخ القرضاوي شرعية الاسلام.
وأخيرا, فالشيخ القرضاوي لم يكن موفقا حين جعل المستقبل وقفا علي الاخوان والسلفيين. كأن مصر ليس فيها طوائف دينية وتيارات فكرية وأحزاب سياسية أخري تتيح لها الديمقراطية أن تتعلم من تجاربها وتوسع قواعدها بما تطرحه علي المصريين من برامج ووعود وسياسات, وتصل عن طريق الانتخابات الي السلطة, وهذا ما يخشاه الشيخ القرضاوي, ويحذر الاسلاميين منه, وينصحهم بالبقاء في السلطة شاءت الديمقراطية أو أبت!
والحقيقة أن الاسلاميين لايحتاجون لنصيحة شيخهم. فماضيهم مع الديمقراطية محفوظ, وحاضرهم ماثل في كل البلاد التي يحكمونها حولنا. وعلينا نحن أن نتعلم الدرس, ونحذر الوقوع في هذا المستقبل المظلم!
نقلاً عن الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.