وسط هذا الزخم الذي يملأ الحياة بمصر في جميع الاتجاهات، ورغم ضجيج السياسة الذي أصاب كل مناحي الحياة المصرية، وجدت شيئا استفزني جدا رغم أنه ليس جديدا إلا أنه أصبح لا يطاق أبدا خلال السنوات الأخيرة وتصاعدت وتيرته بشكل مقيت.. إنها الإعلانات التي غزت وبشراسة البرامج والمسلسلات والأفلام، خاصة بعد ظهور قنوات السينما والأفلام التي أصبحت كثيرة العدد وكأنها باتت قناة لكل مواطن في مصر. المثير أن الإعلانات بعض النظر عن مدى لياقتها الأخلاقية للعرض، أصابت مدة الفيلم بالمط الطويل جدا، وإذا كانت مدته 80 دقيقة تصبح مع الإعلانات ساعتين ونصف الساعة، مما يجعلك تمل من المشاهدة لتغير القناة لتجد نفس الإعلانات وأغلبها عن سلع غذائية تذاع مكررة على كل القنوات، وكأنها أصبحت مقررا دراسيا على المشاهدين دون امتحانات في نهاية العام، وفي النهاية المستفيدون هم أصحاب القنوات الفضائية والسلع المعلن عنها، لكنهم لا يدرون أن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية تتمثل في عزوف المشاهد عن مشاهدة القنوات وشراء السلع التي يعلنون عنها. الكارثة أن الكثير من تلك الإعلانات أصبحت جنسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بما فيها من إيحاءات وكلمات وحركات لا يمكن أن تكون بريئة أبدا، والأسوأ أن تلك الإعلانات أصبحت تعتمد على السجع والقافية والأغنية في مضمونها، ولنا أن نتخيل تأثير تلك الإعلانات على الأطفال الذين أصبحوا يجدون فيها بما تحمله من موسيقى وكلمات خفيفة وسيلة للتسلية وأصبحوا يحفظون كلماتها عن ظهر قلب ربما أكثر من المواد التي يدرسونها في المدرسة. والطامة الكبرى أن الإعلانات وإن كانت لها حاجة وجدوى اقتصادية وتجارية لإذاعتها على القنوات، إلا أنها لا يمكن أن تصل إلى القنوات المخصصة للقرآن الكريم، وهو ما حدث بالفعل وشاهدته على إحدى تلك القنوات، حيث كانت تذيع فواصل إعلانية بين ما تبثه من تلاوات للقرآن الكريم، ولا أعرف كيف أقنعوا أنفسهم بهذا الفعل الذي أعده مشينا. وبعد تفكير عميق وبناءً على ما ذكرته سابقا لم أجد أفضل من عبارة "لعنة الله على الإعلانات" لتكون عنوانا لمقالي الأول ضمن سلسلة مقالات قررت كتابتها بعنوان "لعنة الله على... ". [email protected]