أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء    البنوك تفتح أبوابها أمام الجمهور اليوم بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    زيلينسكي يطالب الولايات المتحدة والأوروبيين برد ملموس على هجمات روسيا    مصادر طبية فلسطينية: 3 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف خيمة نازحين بالمواصي    مروان عطية يتحدث عن كأس العالم للأندية ومواجهة الأهلي وميامي    اليوم.. بدء تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 في القليوبية (متى تظهر النتيجة؟)    أمينة خليل تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد حفل زفافها على أحمد زعتر في اليونان (صور)    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    الأرصاد تعلن درجات الحرارة المتوقعة من اليوم حتى الخميس المقبل    إحالة سيدتين للجنايات بتهمة الاتجار في المخدرات وسرقة المواطنين بالساحل    مصرع طالب بكلية الشرطة صدمته سيارة في الشيخ زايد    تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 10 يونيو    إصابة 3 أشخاص إثر استهداف مسيرة إسرائيلية "وادي جنعم" بأطراف بلدة شبعا جنوب لبنان    سارة وفيق ترد على انتقاد طارق الشناوي ل "ريستارت": "عرفت تبقي تريند من غير ما تنقد الفيلم"    "عيالي نزلوا هنا كانوا بيضحكوا".. نهر النيل يبتلع فرحة أسرة في ليلية زفاف بأسيوط- صور    فى أحضان الفراعنة.. عروض فنية لقصور الثقافة بالأقصر في احتفالات عيد الأضحى    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 10 يونيو والقنوات الناقلة    قتيل و4 جرحى حصيلة الهجوم الروسي على أوديسا جنوب أوكرانيا    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    بتوصية أيمن الرمادي.. الزمالك يفتح الباب أمام بيع نجميه (تفاصيل)    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 10 يوينو 2025    الصور الكاملة لحفل «واما» بعد تألقهم ب الساحل الشمالي في عيد الأضحى 2025    الخارجية الإيرانية تعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووى    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    «الأرصاد منعتنا من النزول.. وشركة المقاولات حفرت لوحدها».. اعترافات المتهم الخامس في قضية انفجار خط الغاز ب طريق الواحات (خاص)    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    مباراة السعودية وأستراليا في تصفيات كأس العالم 2026.. الموعد والقنوات الناقلة    ذكريات كأس العالم!    حقك لازم يرجع.. وزير الزراعة يزور مسؤول حماية الأراضي المعتدى عليه ب سوهاج    تامر عاشور يشيد بزوجته نانسي نور: قوية وحنونة وتتفهم طبيعة حياتي    ماكرون: الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى غزة "فاضح"    ترامب: إيران ستشارك في مفاوضات المحتجزين في غزة.. وسنرى ما سيحدث    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    أول تعليق من يحيى عطية الله لاعب الأهلي بعد غيابه عن مباراة الفريق أمام باتشوكا    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    ب"شورت قصير".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا فؤاد والجمهور يعلق    وزير الصحة الأمريكي يُقيل اللجنة الاستشارية للقاحات    حاكم كاليفورنيا ينتقد قرار ترامب بنشر المارينز ويصفه ب "المختل"    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    سباليتي يعترف: من العدل أن أرحل عن تدريب منتخب إيطاليا    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية ب الأسواق اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    كيفية إثبات المهنة وتغيير محل الإقامة ب الرقم القومي وجواز السفر    برلمانية: مصر تستعد للاستحقاقات النيابية وسط تحديات وتوترات إقليمية كبيرة    موعد أول إجازة رسمية بعد عيد الأضحى المبارك .. تعرف عليها    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما تموتونا أحسن !
نشر في صدى البلد يوم 19 - 04 - 2014

"الناس خيبتها السبت والحد.. وإحنا خيبتنا ما وردت على حد".. الجملة دي كانت من العبارات المأثورة.. الأصيلة والأساسية في موروثاتنا الحياتية والعائلية في بيتنا، كانت أمي كثيرا ما تحرص على البدء بها في جميع حواراتها ومناقشاتها "الهادئة" معي خلال جميع مراحلي العمرية، خاصة.. التعليمية، كنت باسمعها ليل نهار، كانت أمي ترددها بمناسبة ومن غير مناسبة وهى تندب حظها في ولادها، وإن كانت بعض المواسم - وفي مقدمتها أيام الامتحانات - كانت تشهد رواجا منقطع النظير في ترديد هذه العبارة وما على شاكلتها مثل "يا ما جاب الغراب لامه" و"خيبة الأمل راكبة جمل" وغيرها من الأمثال والأقوال المأثورة التي تحتوى على الكثير من الحسرة والندم على "خلفتي" التي كثيرا ما كانت أمي حريصة على وصفها ب"العار".
هذه العبارة.. راح صداها يدوى فى ودانى وأنا أشاهد وأسمع واقرأ السجال الدائر في بلدنا حاليا عن "الفحم"، الفحم المزمع جلبه واستيراده من جميع دول العالم تمهيدا لاستخدامه كوقود لمحطات توليد الكهرباء، هذا الفحم يمثل ويعد الرهان الأخير لحكومتنا "اليافعة" لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء في بيوتنا، وأملها الوحيد لحل معضلة نقص الوقود في المحطات التي تتولى توليد وتوفير الكهرباء.. ليه؟ عشان الفحم أرخص كثيرا من السولار والغاز اللذين تتغذى عليهما المحطات لإنتاج الطاقة، ومن ناحية تانية متوافر جدا سواء في الداخل أو في الخارج ولن نعاني من نقصه أو ندرته أبدا.
صحيح.. "إحنا خيبتنا ماشافهاش حد".. رددت عبارة أمي وأنا باسمع ردود المسئولين في بلدنا على من يتخوفون من استعمال الفحم بسبب أضراره ومضاره الكثيرة والخطيرة على كل الكائنات الحية بداية من النبات وحتى المواطن.. هلفطة وسفسطة وتخريف وجهل.. أقل ما يوصف به منطق وكلام أنصار استخدام الفحم في محطات الكهرباء وعلى رأسهم طبعا العبقري الفذ وزير "العتمة" الشهير بوزير الطاقة والكهرباء الذي يدفع بمساعديه لترويج وتسويق فكرة استعمال الفحم بين المصريين، دون أن يقدم أحدا فيهم دليل براءة الفحم من قائمة الاتهامات والأضرار المخيفة التي يسوقها ويعددها خبراء الصحة والبيئة.
فى البداية كنت أقول لنفسى.. ما يستوردوا الفحم أو يستوردوا الجن الأزرق المهم نحل الأزمة التى كدنا نظن أنها تستعصى على الحل، ورحت أتساءل: لماذا كل هذا التأخير فى قرار استيراد الفحم؟! لابد أن نسرع بجلبه من جميع البلاد فى الكون، خاصة أنه رخيص الثمن، حتى نرحم الناس من هموم الانقطاع المفاجئ للكهرباء الذى بات يؤرق كل بيت ومصنع وشركة ومن قبلهم المستشفيات بالطبع، إلى أن استمعت - بالمصادفة البحتة - لحديث وزيرة البيئة عن الأضرار التى يسببها الفحم، والمخاطر التى سوف تواجه الناس من وراء استخدامه كوقود لمحطات توليد الكهرباء.
خوف حقيقى مصحوب بقشعريرة ورجفة انتابتنى من هول المصائب والأمراض التى يخلفها استعمال "المدعوق" الفحم! ولن أبالغ عندما أقول إن الإحساس بالغصة و"القرف" من حكومتنا ملء فمى، واستشرى الشعور بالغثيان فى أنحاء جسمى وحواسى من فرط الاستهتار والاستخفاف بصحتنا وحياتنا، وأعتقد أننا لو كنا خلقنا حيوانات فى بلد آخر غير بلدنا لأصبحنا فى مأمن من هذا الجحيم الذى يلقى المسئولين بنا فيه بدم بارد كما لو كانوا يتآمروا على الخلاص منا.
السرطانات بأنواعها.. وأخطر أمراض الرئة والقلب والمخ على قائمة الأضرار التى تنتظرنا، ومن المحتم أن تصيبنا من وراء الانبعاثات الكربونية التى سوف تنجم عن استخدام الفحم كوقود لمحطات الكهرباء، كما أن استعماله يخلف مابين 13 و35 ألف قتيل سنويا وفقا لتقديرات أحدث الدراسات الدولية والعالمية، وأن الأضرار التى ستلحق بمصر من وراء التغيرات المناخية التى سوف يسببها الفحم تتراوح بين 100 و500 مليار سنويا، ويكفى علما أن دولة كالولايات المتحدة الأمريكية قدرت الضريبة والتكلفة المجتمعية لاستخدامات الفحم بمتوسط مالى وصل إلى 645 مليار دولار سنويًا!!
ما تموتونا أحسن! بجد موتونا أحسن.. لأن التصميم على استخدام الفحم - فى ظل هذا المصير المحتوم - لن أفهمه إلا على أساس أنه مخطط حقيقى للخلاص منا، وأنا لا أجد ما أعبر به عن حسرتى وألمى وخيبة املى وأنا أسمع وأتابع المسئولين وخبراء الطاقة فى بلدنا وهم يصرون على ضرورة استخدام الفحم رغم إعلان كل هذه المخاطر والأضرار، ولا يسعفنى القلم فى نقل ما يجيش فى صدرى من غضب تجاه هؤلاء "الحانوتية" الجهلة الذين يريدون حقن المصريين بهذا الطاعون الأسود، ولن أجد أصدق ولا أبلغ من الوصف الذى اختارته السيدة ليلى إسكندر، وزيرة الدولة لشئون البيئة، عندما وصفت مخطط استخدام الفحم بأنه "جريمة فى حق الأجيال المقبلة"!!!
يا سادة.. أنتم أطعمتونا الفراخ الفاسدة.. ووضعتم المبيدات المسرطنة فى زراعتنا.. واستخدمتوا مياه المجارى فى رى الخضار والفاكهة.. واختلط الرمل مع المسامير فى خبزنا وقوتنا.. ودسستم فى المياه الغازية أنواع كتيييير من حشراتنا.. دعونا نعيش سالمين ما تبقى من حياتنا، واتركوا وارحموا أطفالنا.. ليس ذنبهم أنهم خلقوا فى بلد أرخص ما فيه أرواح ناسها.. ولن يتورع أو يتردد المسئولون فيها عن إطعام السرطانات بجيع أنواعها.. لأولادها!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.