أكد وزير الخارجية الفلسطينى د. رياض المالكى، أن الجانب الفلسطينى لا يمانع فى تمديد المفاوضات الجارية مع اسرائيل منذ يوليو الماضى ، ولكن على أسس جديدة يجب أن يتم الاتفاق عليها. وقال د. المالكى " نحن لا نمانع فى تمديد المفاوضات ولكن على أسس جديدة يجب أن نتفق عليها ، وحتى هذه اللحظة نلتزم مع الادارة الأمريكية بأن نواصل المفاوضات حتى موعد انتهاء المدة المحددة وهى 29 ابريل الجارى ، وعليه نحن ملتزمون مع الادارة الأمريكية فى مواصلة كل الجهود الممكنة من أجل التوصل الى أى اتفاق من شأنه إنهاء الاحتلال الاسرائيلى على أرض فلسطينالمحتلة". وتابع " الان هناك أحاديث حول تمديد هذه المفاوضات لما بعد 29 ابريل الجارى وقلنا لا مانع لدينا لكن يجب أن يكون ذلك ضمن إطار من مرجعية أساسية أهمها أن توفى اسرائيل بالتزاماتها السابقة وهى إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى الفلسطينيين وهذا شرط مسبق يجب على اسرائيل أن تلتزم به". وأوضح د. المالكى أن الطريقة التى تمت من خلالها المفاوضات فى الفترة السابقة لم تكن ناجحة والدليل على ذلك أنها تقارب على الانتهاء ولايوجد مايؤشر بأن هناك أى نجاحات ، قائلا " إما هذه المفاوضات فاشلة من حيث المبدأ أو أن اسلوب اجرائها ومتابعتها وإدارتها لم تكن أيضا ناجحة وبالتالى اذا أردنا فعلا أن نتحدث عن تمديد هذه المفاوضات يجب أيضا أن نخرج من إطار الفشل لإطار النجاح". وأكد على ضرورة التركيز فى المرحلة القادمة على قضية أساسية فقط وهى وضع الخرائط وتحديد حدود دولة اسرائيل وحدود دولة فلسطين وبعد ذلك يمكن الحديث عن بقية القضايا الأخرى. وشدد على أهمية وقف الاستيطان الاسرائيلى بالكامل خلال فترة إعداد هذه الخرائط، مضيفا أن فى حال عدم قبول اسرائيل بمثل هذه العناصر، سيكون من الصعب على القيادة الفلسطينية أن تقبل بتمديد المفاوضات بدون أى نتائج ، وأوضح أن الجانب الأمريكى فى الفترة الأخيرة كان حاضرا فى كافة اللقاءات التى تتم بين الفلسطينيين والاسرائيليين وبالتالى لديه دور أساسى ومحورى فى العملية التفاوضية. وأعرب عن اعتقاده بوجود محاولات يائسة من الجميع من أجل التوصل الى اتفاق يسمح بالانتقال الى جولة قادمة للمفاوضات ، لكنه أكد أن تلك الجولة القادمة ستكون بناء على المعطيات الجديدة التى فرضتها فلسطين من خلال ماوقعت عليه من اتفاقيات ومعاهدات دولية ، وأكد على أهمية الانضمام الى اتفاقيات جنيف الأربع ، قائلا "بالتأكيد الانضمام الى اتفاقيات جنيف الأربع مع البروتوكولات المكملة قد تكون هى التحول الأساسى الذى اعتبره الاسرائيليون يهدد الوضع القائم حاليا فى الاراضى المحتلة ولكن نحن حاولنا أن نتعامل مع الموضوع بكل بساطة مبررين لأنفسنا ماتخذناه من خطوات والتى كان بالإمكان تجنبها لو أن اسرائيل التزمت بما تعهدت به أمام واشنطن بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى". وصرح أن هذه الخطوة تكسب فلسطين احتراما دوليا ، فالقيادة الفلسطينية تستفيد من "الغباء الاسرائيلى" الذى يظهر بشكل يومى ضمن الغطرسة الاسرائيلية فى الادعاء بأنها دولة فوق القانون تستطيع أن تقوم بما تريد ولن يكون هناك من يحاسبها على ذلك وقال "أعتقد أن هذه المرحلة قد ولت والظروف تغيرت بعد أن أصبحنا دولة مراقب غير عضو فى الأممالمتحدة بعد 29 نوفمبر 2012 وبعد أن نجح هذا القرار الذى يقول أن الاراضى الفلسطينية أراض تحت الاحتلال واسرائيل لا تستطيع أن تغير فى هذا الواقع بشىء ...هناك حقائق وعلى اسرائيل أن تتعامل معها وأن تعيد حساباتها". وفيما يتعلق بردود الفعل الاسرائيلية حيال انضمام فلسطين لتلك المعاهدات الدولية ، قال د. المالكى " اسرائيل لم تكن تتوقع بأن تقدم القيادة الفلسطينية على التوقيع على هذه المعاهدات والاتفاقيات ، لذلك هذا الأمر شكل صدمة لها ، وبالتالى نستطيع أن نقول بأن ما سمعناه وما شاهدناه يمثل ردود فعل مستعجلة وغير مدروسة من قبل بعض القيادات الاسرائيلية والعناصر المختلفة التى تكن العداء والكراهية لفلسطين شعبا وقضية" ، لكنه أكد على أهمية عدم التهاون بما يمكن أن تقوم به الحكومة الاسرائيلية بكل مكوناتها فى مواجهة ما اتخذته القيادة الفلسطينية. وردا على سؤال ما اذا كانت القيادة الفلسطينية مقبلة على معركة دبلوماسية شرسة مع الجانب الاسرائيلى ، أكد وزير الخارجية الفلسطينى "لا أستطيع أن أقول أننا بدأنا معركة دبلوماسية مع التوقيع على الاتفاقيات الدولية وإنما بدأت منذ فترة طويلة وسوف تستمر لكن من السابق لآوانه الحديث عن حجم تلك المعركة " وأشار الى أن اسرائيل بحاجة دائما الى مبرر أو ذريعة لكى تقوم باتخاذ اجراءات عقابية تجاه الشعب الفلسطينى ولقد استغلت قرار القيادة الفلسطينية بالتوقيع على هذه الاتفاقيات لكى تزيد من حجم اجراءاتها العقابية ، وسلط الضوء على مدى العزلة الدولية تجاه اسرائيل فى الفترة الأخيرة بسبب ماتقوم به ليس فقط من اجراءات عقابية وإنما أيضا من تعنت وتحدى الارادة الدولية والمجتمع الدولى. وقال " إذا أرادت اسرائيل أن تخوض جولة أخرى من هذه المعركة الدبلوماسية فنحن جاهزون لها ولكن لا أعتقد أنها سوف تجرؤ على المضى قدما فى مثل هذه التهديدات...قد تسمح لأحزاب أو لمنظمات مجتمع مدنى لكى تخوض مثل هذه المعركة عوضا عنها حتى لا تقع فى المحظور أولا ، وثانيا حتى لا تفشل وبالتالى تضيف أعباء جديدة على فشلها على المستوى الدبلوماسى والدولى". وعن حملة التهديدات التى تشن على شخص الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أشار د. المالكى الى تحويل العديد من الامكانيات البشرية والمادية داخل الحكومة الاسرائيلية لصالح هذه الحملة البشعة وأيضا تخصيص أموال باهظة لذلك حتى العمل لتشويه صورة الرئيس الفلسطينى فى المجال الدولى وشدد بالقول "يجب أن يعلم الجانب الاسرائيلى أن كل فعل يقوم به ، سيكون له رد فعل فلسطينى ونحن سوف نأخذ خطوات عدة لمواجهة هذه الاجراءات التشويهية التى بدأت بها بعض العناصر الاسرائيلية الرسمية وغير الرسمية" ، وأوضح أن الاجراءات التى اتخذت مؤخرا من عقوبات اقتصادية على الشعب الفلسطينى والقيادة الفلسطينية من خلال وقف التحويلات المالية ما هى إلا إظهار لمدى عجز اسرائيل عن كيفية التعامل مع هذا الواقع الجديد الذى فرضته فلسطين من خلال انضمامها الى تلك المنظمات والمعاهدات الدولية. وأكد " اسرائيل لا تملك سوى العقاب الاقتصادى والعقاب الجسدى من خلال فرض الحصار على الضفة الغربية ثلاثة أو أربعة أيام خلال أعيادها ، وهذا هو أكثر ما تستطيع أن تقوم به دولة محتلة". كما أشار الى أن القيادة الفلسطينية أبلغت رسميا باستقطاع مبالغ لما يسمى تسديد ديون متراكمة عليها لصالح شبكة الكهرباء الاسرائيلية ، وأيضا وقف بعض المشاريع الأخرى الاقتصادية ومصادرة أوراق المقاصة من التجار الفلسطينيين على الحواجز الاسرائيلية ، لذلك ، أصبح هناك حاجة ملحة للتوجه نحو البيت العربى ، قائلا "نحن فى نهاية المطاف لا نستطيع الا أن نكون ضمن هذا البيت العربى الذى يحتضن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى منذ نشأة هذه القضية وحتى هذه اللحظة". وأشار الى لجنة المتابعة العربية والاجتماع الأخير لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى ، بالاضافة الى تفعيل شبكة الأمان المالية العربية ، التى أثيرت خلال قمة بغداد قبل الأخيرة بعامين عندما بدأت اسرائيل باتخاذ اجراءات عقابية تجاه فلسطين خلال وقف تحويل أموال المقاصة وأضاف " للاسف الشديد منذ قمة بغداد حتى هذه اللحظة لم تلتزم الا دولة واحدة عربية من الدول العربية المقتدرة فى تنفيذ ماتم الاتفاق عليه بخصوص دفع فى شبكة الامان العربية وهو الامر الذى يضعف دولة فلسطين فى وجه هذه الاجراءات الاسرائيلية العقابية". أما فيما يتعلق بالدور الأوروبى الاقتصادى والشراكة الفلسطينية الأوروبية خاصة فى الآونة الأخيرة ، أكد د. المالكى على أهمية هذه الشراكة ، موضحا أن أوروبا هى أكبر جهة مانحة من حيث المبالغ التى تقدم لفلسطين إما على مستوى الاتحاد الأوروبى كمنظومة أو على مستوى الدول كأفراد ، مشيرا فى الوقت نفسه الى تطور الموقف السياسى الأوروبى من حيث مقاطعة بضائع المستوطنات الاسرائيلية. وعلى مستوى العلاقات المصرية الفلسطينية، سلط د. المالكى الضوء على أهمية عقد اجتماع اللجنة العليا المصرية الفلسطينية المشتركة – والتى من المقرر أن تنعقد فى يونيو القادم بعد فترة طويلة من عدم الانعقاد - متمنيا أن تحقق كل النجاحات المرجوة منها ، وأشار الى الاجتماع القادم للجنة التحضيرية فى 23 ابريل الحالى فى القاهرة برئاسة وزيرى الخارجية الفلسطينى والمصرى ، ومناقشة رفع التمثيل خلال اللجنة العليا المشتركة لكى يترأسها رؤساء الوزراء ، مؤكدا أن هذا الهدف يدل على الاهتمام الكبير الذى يبديه البلدين بأهمية هذه العلاقات الثنائية. ونوه الى زيارة الرئيس عباس الأخيرة الى القاهرة والتى نجحت بامتياز، ومشاركته ليس فقط فى اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى ، وإنما أيضا عقد العديد من اللقاءات الثنائية ، مما يؤكد هذه العلاقة الخاصة التى تربط السلطة الفلسطينية ومصر ، معربا عن أمله - من خلال تفعيل هذه اللجنة المشتركة - أن تساهم فى رفع مستوى العلاقات الثنائية والتأكيد على أن القضية الفلسطينية جزء من العمق القومى المصرى".