الانتكاسات التى عرفتها الدوحة فى السياسة الخارجية خلال العام الماضى قد تمارس ضغوطا على قطر تدفعها إلى السعى لتحقيق المصالحة مع السعودية، على الرغم من التباعد الأخير بينهما. ففى سوريا، بدأت الأمور تتحول لصالح النظام مع عجز "الثوار" الذين دعمتهم قطر فى الحفاظ على التقدم الذى حققوه، كما أن الأزمة التى شهدتها مصر كانت عبرة للدوحة بعدما قام الجيش بعزل الإخوان المسلمين الذين قدم لهم حاكم الإمارة السابق الشيخ حمد بن جاسم أل ثان دعما سخيا. المغامرات الفاشلة فى سوريا ومصر لقنت أمير قطر الجديد الشيخ تميم درسا مهما، فلكى تحافظ بلاده على نفوذها الإقليمى الذى اكتسبته بشق الأنفس، لابد من تعزيز روابطها بالسعودية. ومن ثم، لم يتبق أمام الدوحة سوى خيار حل خلافها العلنى مع الرياض. وفى ظل محدودية المجال المتاح أمامه للتحرك، فإن الأمير سيضطر بمرور الوقت للسير على خطى الرياض. ورغم توتر العلاقات القطرية السعودية، فإن تميم اتخذ خطوات ملموسة خلال العام الماضى للحد من دعمه للجماعات الإسلامية فى المنطقة. كان على قطر أن تنأى بنفسها أيضاً عن مبادرات أخرى عزيزة على قلبها، بما فى ذلك دعمها لحركة حماس، ونظراً إلى دعم مجلس التعاون الخليجى لعباس، كان على قطر أن تتوقف عن دعم حماس، لأنه من شأن ذلك أن يزيد من خلافاتها مع حلفائها فى مجلس التعاون الخليجى، ومع السعودية على وجه التحديد. وعلى ضوء الارتدادات السلبية لسياسات والده فى سوريا ومصر، تجنب الشيخ تميم تورّطاً محتملاً فى الشئون الفلسطينية حتى الآن.