يتسلم الشيخ تميم بن حمد مقاليد الحكم فى قطر بعد تخلى والده الشيخ حمد عن السلطة فى هذه الدولة التى تتمتع بثروة هائلة من الغاز وتلعب دورًا دبلوماسيًا مهمًا على الساحة العربية والدولية. ومن المتوقع أن يعقب تسليم السلطة إجراء تعديلاً وزاريًا هامًا قد يطيح برئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم آل ثان صاحب النفوذ الواسع من منصبه أو على الأقل وزارة الخارجية التى يشغلها منذ عام 1992. وأرجحت تقارير صحفية أن السبب وراء تسليم الشيخ حمد (61 عاما) السلطة لنجله بشكل مفاجئ ترجع إلى معاناته من مشاكل فى كليتيه ترغمه على التقليل من نشاطه لكنها لا تؤثر فى قدراته على قيادة البلاد. وألقى الشيخ حمد بن خليفة خطابًا للشعب القطرى أكد فيه أنه لم يسع إلى السلطة من دوافع شخصية بل إعلاء لمصلحة الوطن، مؤكدا أن الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة فى مسيرة الوطن يتولى فيها جيل جديد مقاليد السلطة. وأعرب الشيخ حمد عن أمله فى أن يكون قد وُفق فى القيام بمهمته، قائلا: إنه يعلم أن الشيخ تميم جدير بالمسئولية، مضيفا: «إننى على يقين راسخ بأنكم خير سند له». ووجه حمد الشكر للشعب القطري، قائلا: «سيظل قلبى نابضا بحب هذه الأرض وأهلها»، معبرا عن شكره للقوات المسلحة وجيش قطر الأبى. يذكر أن قطر أعلنت يومى الثلاثاء والأربعاء عطلة رسمية عامة فى البلاد لمنح القطريين الفرصة لمبايعة الشيخ تميم بن حمد ولى عهد البلاد الجديد. وفى سياق متصل، تكهنت العديد من التقارير الصحفية بأن سياسة الابن لن تختلف عن سياسات والده، خاصة تجاه «الولاياتالمتحدة» وجماعة الإخوان المسلمين، وطبيعة العلاقة مع إيران . وعن علاقاته ب«الولاياتالمتحدة»، فيتوقع المحللون بألا يحدث فيها تغيير؛ لكونها من أساسيات ومبادئ العائلة المالكة غير القابلة للنقاش، فهناك أحاديث تشير إلى أن تولى «تميم» للعرش تم بالاتفاق والتنسيق مع «أمريكا»، وبعد الاتفاق على كل الأمور التى تخص العلاقة بين البلدين، وهو ما يعنى أن «تميم» سيسير على درب «حمد» فى هذا الشأن. وحول علاقة قطر بجماعة الإخوان المسلمين والأنظمة الحاكمة الجديدة فى مصر وتونس، تشير معظم التوجهات إلا أن علاقاته ستصل إلى ذروتها مع تلك الجماعة، ولا سيما لأن «تميم» كان وراء المبادرات القطرية التى تسعى إلى تقديم الدعم المالى لمصر وزيادة الاستثمارات القطرية، فضلاً عن إعجابه بتجربة الإخوان، وهو الأمر الذى يلعبه «حمد بن جاسم» القائم على فكرة الرهان على الإخوان المسلمين فى المنطقة، وتصغير الفجوة بينهم وبين «الولاياتالمتحدة» وتقديمه لهم فى البيت الأبيض. وبالحديث عن الشأن الإيرانى، فنجد أن الأمير «حمد» قد كان حريصاً على إقامة علاقات مع طهران رغم كل الخلافات التى تبدو على السطح، ومن غير المرجح أن يقدم «تميم» على أى إجراء يخل بقواعد اللعبة الحالية. فيما وصفت تقارير إعلامية غربية تميم بأنه قوى الشخصية تمكن من فرض نفسه ضمن الاسرة، خصوصا أنه لم يكن ولى العهد الأول ولا الخيار الأول لولاية العهد.ورأى بعض المحللين الغربيين أنه يتمتع تميم بعلاقات ممتازة مع الغرب، خصوصا مع واشنطن وباريس. وفى السياق الاقليمى، يتمتع الشيخ تميم بعلاقات جيدة مع السعودية «وهو أمر أساسى لاستمرار لعب قطر دورا سياسيا قياديا فى المنطقة». من جهته، قال مصدر خليجى مقرب من دوائر الحكم فى قطر: إن «تسليم تميم السلطة خطوة جريئة جدا وغير مسبوقة فى الخليج فى هذا الشكل»، ما قد يتسبب ببعض المخاوف لدى دول الخليج المتمسكة بقوة بتقاليد انتقال السلطة المحافظة، الا انها «مخاوف فى الشكل وليس فى المضمون». فيما أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن تطلعها إلى أن يسير الشيخ تميم بن حمد على خطى والده والمضى قدما فيما أسسه من دعم متواصل لصمود الشعب الفلسطينى. وأضافت الحركة: إنها لن تنسى وقوف الشيخ حمد بن خليفة مع قطاع غزة ودعوته الفصائل الفلسطينية إلى الدوحة لحضور القمة واستقبال دولة قطر لقادة حركة حماس واحتضانهم عام 1999 بعد إبعادهم من الأردن ،وأيضا استقبالهم وفتح الأبواب لهم عام 2012 بعد خروجهم من سوريا وهو موقف مشرف يعبر عن أصالة عربية وعمق إسلامى نعتز به». وفى رصد لردود الأفعال على تسليم السلطة لولى عهد قطر ، هنأ العاهل السعودى الملك عبدلله بن عبد العزيز وولى عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير قطر الجديد تميم بن حمد آل ثان بمناسبة توليه مقاليد السلطة فيى بلاده. من جانبه وصف نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية خطوة انتقال السلطة فى قطر بأنها خطوة شجاعة غير مسبوقة وذلك فى رسالة بعث بها للمسئولين بالإمارة. دوليا، قال وزير الخارجية البريطانى وليام هيج: إن العلاقات بين بلاده ودولة قطر أقوى من أى وقت مضى ، وأن بلاده تتطلع للمزيد من التعاون معها فى المرحلة المقبلة. وأشاد هيج الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثان بعلاقات الصداقة والدعم التى قدمتها قطر للمملكة المتحدة تحت قيادته، مؤكدا أن علاقاتنا أقوى الآن من أى وقت مضى والحكومة البريطانية تتطلع للمزيد من تعزيز هذه العلاقات تحت قيادة الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثان.