أكد خبراء ومحللون سياسيون صينيون أنه بالإضافة إلى حاجة مصر وشعبها إلى الاستقرار، فأن المنطقة العربية برمتها في حاجة ماسة لأن تلعب مصر دورها المحوري والريادي في العالم العربي، مشيرين إلى قمة جامعة الدول العربية التي عقدت مؤخرا وسط تصاعد للخلافات السياسية وتقدم بطيء في إبرام اتفاقيات عملية تسهم في دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي وكذا صعوبة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة في القمم السابقة بشكل كامل. وقال لي قوه فو، الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية، إن القمة الجارية تعقد وسط خلافات كبيرة وسط التغيرات العميقة والاضطرابات المستمرة في المنطقة، ورأى أن الوضع الحالي يعود جزئيا إلى حاجة العالم العربي للدور الجوهري لمصر التي انشغلت بملفاتها الداخلية في السنوات الثلاث الماضية وتركت مسؤولية المنطقة للدول الخليجية التي تنافس بعضها البعض دون حل مشكلاتها الداخلية . وأوضح لي أن دور مصر أساسي ولا يمكن الاستغناء عنه في المنطقة نظرا لمكانتها التاريخية وخبرتها في رأب الخلافات وطرح الأفكار الابداعية وتقريب وجهات النظر للخروج بموقف موحد علاوة على أنها النموذج السياسي الذي برهن عليه التاريخ، وذلك يتطلب أولا عودتها إلى الاستقرار وتنشيط نموها الاقتصادي من خلال دفع خارطة الطريق وتسريع عبور المرحلة الانتقالية. من جانبهم، فإن خبراء الاقتصاد الصينيين لاحظوا أن جدول أعمال هذه القمة يركز على موضوعات اقتصادية فضلا عن قضايا ساخنة مثل الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، وأوضحوا أنها جميعا موضوعات ذات أهمية بالغة لجميع دول المنطقة لأن الأسباب العميقة والأصلية للاضطرابات المتواصلة والخلافات السياسية في الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية تكمن في الصعوبات التي تواجه تحقيق نمو اقتصادي في المنطقة والافتقار إلى إيجاد حلول واقعية لها. وقال صحيفة "دا قونغ" الصادرة في منطقة هونغ كونغالصينية إن التكامل الاقتصادي الإقليمي يمكن أن يكون حلا عمليا لإخراج مصر ودول المنطقة من المأزق وأن القادة العرب يجب أن يدرسوا ذلك بجدية .. مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي من أقل المناطق تكاملا في العالم، حيث وصلت التبادلات التجارية والاستثمارية داخل المنطقة إلى أقل من 8 % في الفترة ما بين 2008 و2010، مقارنة مع 25 % في الآسيان و66 % داخل الاتحاد الأوروبي . وحسبما ذكر تقرير نشرته لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا في الشهر الماضي تحت عنوان "التكامل الاقتصادي العربي، اتجاه النمو لا مفر منها في القرن ال21"، م المتوقع أن يحقق العالم العربي ارتفاعا نسبته 3% من حيث الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام 2020 بالإضافة إلى خفض معدل البطالة بواقع 4%، وذلك نتاج فوائد تحقيق التكامل الاقتصادي والمتمثلة في انخفاض تكلفة النقل وتوافر الأيدي العاملة وتطبيق الإعفاءات الجمركية وزيادة الاستثمارات. وقال شن جي رو الخبير الاقتصادي الصيني إن المستقبل المشرق الذي تحدثنا عنه يتطلب استقرار الأوضاع وخاصة استقرار مصر، مشيرا إلى أن "مصر من الدول القليلة، ويمكن القول إنها الوحيدة، التي تتمتع بهيكل اقتصادي وصناعي بالمعنى الحديث بما تذخر به من طبقة رجال أعمال نشطة وطبقة عمال قوية مقارنة مع الدول العربية الأخرى التي تعتمد على الموارد الطبيعية فقط". وأضاف أن صحوة الأمة العربية، التي تتطلع الشعوب العربية إليها وتفجرت الثورات قبل ثلاث سنوات من أجلها، تستند إلى استقرار أوضاع المنطقة وفي مقدمتها استقرار مصر الداخلي ونجاح إصلاحاتها الهيكلية في مجالات السياسة والاقتصاد والتي ستضع نموذجا مهما لتحتذي به دول المنطقة، موضحا أن "السنة الجارية التي تشهد انتخابات الرئاسة والحرب ضد الإرهاب سنة حاسمة بالنسبة لمصر والعالم العربي".