أكد محللون وساسة صينيون ومصريون تعاظم فرص الاستفادة التعاون بين بكينوالقاهرة خلال زيارة الرئيس محمد مرسى للصين أواخر شهر أغسطس الجارى، وفى هذا الصدد أكد الباحث والأكاديمي الصيني بجامعة اللغات الأجنبية ببكين، شيوى جون قونغ، أن هذه الزيارة تلقى اهتمامًا كبيرًا وتقديرًا من الجانب الصيني، ذلك لأن موقف الصين من أحداث الربيع العربي كان قد أثار سوء تفاهم كبير في الأوساط العربية، إلى حد أن اتهم البعض الصين بأنها تعارض الثورات العربية". وقال قونغ، فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن "زيارة الرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في واحدة من أكبر الدول التي شهدت الربيع العربي، ستحمل دلالة كبيرة سواء داخل الصين أو خارجها، مفادها أن الصين تؤيد الشعوب العربية وحكوماتها المنتخبة، وسيظل مستقبل العلاقات الصينية العربية مشرقا كما هو الحال في الماضي، كما أن سوء التفاهم من قبل بعض الأصدقاء العرب للموقف الصيني يمكن أن يزول مع مرور الوقت". وأضاف أن "الزيارة لها أيضا أهمية كبيرة سواء بالنسبة إلى مصر أو بالنسبة إلى الصين، خاصة أن هذه الزيارة هي الزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس مرسي إلى خارج المنطقة بعد توليه الرئاسة، وأول رئيس عربي منتخب ديمقراطيا تستقبله الصين منذ التحولات الكبرى التي حصلت في دول الربيع العربي". وأشار قونغ إلى أنه يرى إن الشغل الشاغل لمصر والرئيس الجديد والحكومة الجديدة هو تطوير الاقتصاد، ذلك لأن استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار وأمور أخرى، كلها تتوقف على تحسن الأداء الاقتصادي، ورأى أن مصر في حاجة ماسة إلى جذب الاستثمارات وإنشاء مصانع ومؤسسات وتوظيف أيدي عاملة، وأنه لا شك أن الصين باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم لها امكانيات كبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر وضخ الاستثمار في الاقتصاد المصري، ومساعدة مصر على تخطي هذه الفترة المأزومة". على الجانب الآخر اهتمت وسائل الاعلام الصينية بالزيارة المرتقبة التي يقوم بها الرئيس مرسى إلي الصين، حيث ألقت الضوء على العلاقات المصرية الصينية، وتوجهت بأستطلاع أراء بعض محللين ووساسة مصريين، للتعليق على الزيارة، فقد قامت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا، والتليفزيون المركزي الصيني "سى سى تي في"، و"شبكة الصين" الدولية بإذاعة تقرير مشترك عبر مراسليهم من القاهرة. وتضمن التقرير تصريحات ورؤي هؤلاء المحللين، حول النتائج المتوقعة للزيارة، والتى تمثلت فى أن مصر تهدف للاستفادة من التجربة الاقتصادية للصين وإعادة التوازن لعلاقات القاهرة الخارجية، واعتبروا ان الزيارة تعكس اهتمام مصر بتطوير العلاقات مع الصين والاستفادة من خبرتها فى مجالات عدة لاسيما " مكافحة الفقر، وتطوير العشوائيات، والمشروعات الصغيرةوالمتوسطة " فضلا عن العمل على تضييق الفجوة الكبيرة فى الميزان التجاري". ونقل الإعلام الصيني عن الدكتور جمال حشمت، عضو الهيئة العليا لحزب (الحرية والعدالة)، الذراع السياسي لجماعة (الاخوان المسلمين) قوله "إن الزيارة المرتقبة لمرسي إلى الصين تهدف إلى إقامة علاقات متوازنة مع العالم الخارجي بما يعيد التوازن للسياسة الخارجية المصرية التى كانت تركز فى عهد الرئيس السابق حسني مبارك على العلاقات مع أوروبا وأمريكا". وأضاف " إن الزيارة تأتى فى إطار الانفتاح على العالم والتوجه شرقا وغربا بما يعيد لمصر مكانتها الحقيقية"، معتبرا ذلك جزءًا أصيلا يجب أن يكون فى السياسة الخارجية المصرية". وحول ما إذا كان يمكن اعتبار الزيارة إشارة لأمريكا بأن مصر فى عهد مرسي تولى اهتماما أكبر للعلاقات مع بكين قال جمال حشمت عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، لوسائل الإعلام الصينية، إنها "علامة على أن مصر تتحرك حيثما كانت مصلحتها، فثمة مصلحة ستتوجه اليها مصر خاصة أنها دولة تحتاج لقفزة تنموية" . وأضاف "إن الصين قوة دولية، ودولة لها مكانة اقتصادية على مستوى العالم، وتجارب رائدة، وسوق كبير يمكن أن نستفيد منه، وأنه يمكن للصين أن تلعب دورا فى التنمية بمصر خاصة أن "مشروع نهضة مصر" يرتكز على الجانب الاقتصادي، وأن الصين دولة رائدة فى المشاريع الصغيرة والمتخصصة ومصر تحتاج لخبراتها فى هذا المجال"، وتوقع فى هذا الصدد أن تتجه العلاقات مع الصين فى عهد مرسي إلى الأفضل فى ظل حالة من توازن العلاقات والمصالح المتبادلة بما يجعل الكل يستفيد". من جانبه قال السفير محمد عبدالوهاب الساكت، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، والذى سبق أن عمل مندوبا للجامعة العربية فى الصين، إن "زيارة مرسي للصين تعيد التوازن فى العلاقات الخارجية لمصر وتؤكد سياستها القديمة فى الاتجاه فى علاقاتها نحو الشرق .. مضيفا أن زيارة مرسي تؤكد أنه يولى اهتماما بالغا للعلاقات مع الصين التى تمتد فى عمق التاريخ خاصة انها اول زيارة له الى دولة غير عربية منذ انتخابه رئيسا لمصر". وأضاف الساكت لوسائل الإعلام الصينية، أن "الزيارة تؤكد كذلك أن مصر تعتنق نفس المبادئ التى تعتنقها الصين وهى مبادئ التعايش والسلام والتنمية وانها تريد الاستفادة من التجربة الصينية فى البناء والتنمية ومكافحة الفساد .. متوقعا أن تشارك الصين فى تنفيذ مشروع نهضة مصر، خاصة وأن الحكومة المصرية تعول كثيرا على دور الصين فى تنفيذ هذا البرنامج بسبب التماثل فى التجربتين الصينية والمصرية بما يمكن كلا الطرفين من الاستفادة من الاخر". واعتبر أن "التجربة الصينية غنية ويجب الاستفادة منها لملاءمتها لظروف مصر وأن الرئيس مرسي حريص كل الحرص على الاستفادة من الدول الصديقة فى نهضة مصر .. مضيفا أن زيارة الرئيس مرسي الى الصين يتوقع أن تسفر عن تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين وتفعيل المشروعات الصينية فى مصر لاسيما المشروعات، التى تم الاتفاق سابقا على تنفيذها فى منطقة خليج السويس فضلا عن التعاون فى المجال النووي للاغراض السلمية وتحلية مياه البحر والسياحة". وعن مستقبل العلاقات مع الصين قال الساكت "لكى تعرف المستقبل يجب ان تنظر إلى الماضى والحاضر والعلاقات مع الصين كانت تسير فى العقود الماضية بنمط سريع وستزداد فى جميع العلاقات .. متوقعًا أن تصبح الصين الشريك التجاري والاقتصادي الأول لمصر، وذلك على خلفية أن مصر كانت أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، وأنها تشترك فى دوائر مختلفة مع بكين، وتلعب فيها دورًا محوريًا مثل منتدى التعاون العربي - الصيني ومنتدى التعاون الصيني - الإفريقي".