اختتم اليوم الأحد مؤتمر " قضايا المرأة نحو اجتهاد إسلامي معاصر " والذي استضافته مكتبة الإسكندرية على مدار يومين، أعماله بتدشين إعلان الإسكندرية حول "حقوق المرأة في الإسلام"، حيث تدارس المشاركون في المؤتمر الحقوق المشروعة للنساء. ويستند الإعلان على مبادئ الشريعة الإسلامية السامية وبعض اجتهاداتها الأصلية، وهو ثمرة نقاشات دارت في الأزهر الشريف خلال عامي 2012 و2013، وضمت عددًا من الرموز النسائية المصرية، وممثلي الجمعيات الأهلية المعنية بحقوق النساء، والجلسات الثرية التي شهدها مؤتمر قضايا المرأة. ويضم الإعلان المبادئ الأساسية والقواسم المشتركة للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على نحو يلائم المجتمعات الإسلامية على اختلافها، ويسمح لها بأن تتعامل مع قضايا النساء وفقًا لثقافتها وأوضاعها السياسية والاقتصادية المختلفة. وينطلق الإعلان من الرفض التام لتسييس القضايا المجتمعية أو استغلال المرأة في الصراع السياسي بين القوى المجتمعية المختلفة، والتأكيد على قيم الوسطية المعتدلة المميزة للثقافة الإسلامية والثقافة الأسرية المنبثقة منها، والإيمان بأن المساواة في النفس والروح والكرامة والمكانة الإنسانية والشراكة في المسئولية عن الكون وإعماره مفاهيم جوهرية في علاقة الرجل والمرأة في الإسلام، والحرص على أن تكون التشريعات الخاصة بالمرأة ذات طبيعة اجتماعية توافقية تراحمية لا تصارعية، والاتجاه إلى مشاركة المرأة في المجالات العامة. ويتناول إعلان الإسكندرية حقوق المرأة ومسئوليتها؛ من خلال عدة محاور؛ هي قيمة المرأة الإنسانية والاجتماعية، والشخصية القانونية للمرأة، والمرأة والأسرة، والمرأة والتعليم، والمرأة والعمل، والمرأة والأمن الشخصي، والمرأة والعمل العام. ويبين الإعلان أن وضع المرأة في الإسلام يتأسس على المساواة مع الرجل، سواء في مكانتها الإنسانية أو من حيث عضويتها في الأمة والمجتمع، وإذا كانت المساواة في النفس والروح والكرامة الإنسانية والمشاركة في المسئولية عن الكون وإعماره مفاهيم جوهرية لعلاقة الرجل والمرأة في الإسلام، فإن مفهوم القوامة يؤكد على المسئولية الحكيمة، ويعني الالتزام المالي نحو الأسرة، وأن يأخذ الزوج على عاتقه توفير حاجات الزوجة والأسرة المادية والمعنوية، بصورة تكفل لها توفير حاجتها وتشعرها بالطمأنينة والسكن، بما يحقق المسئولية المشتركة بين الرجل والمرأة، ولا تعني القوامة في الإسلام سلطة الرجل في التصرف المطلق والهيمنة على الزوجة والأبناء. وأكد الإعلان أن المرأة تتمتع بالأهلية الكاملة، ولها ذمتها المالية المستقلة، ومسئوليتها القانونية، وحق التصرف الكامل المستقل فيما تملك، وللمرأة حق شرعي غير منازع في الميراث، وعلى الدولة ضمان حصولها على حقها. وأصدر المؤتمر بيانا أوضح فيه أنه لا تزال تشريعات الأسرة المستندة إلى مرجعية إسلامية تحتاج إلى مزيد من الجهد لاستيعاب المفاهيم والقيم الإسلامية الصحيحة للأسرة ، والتي أصبحت الظروف ملحة لتأكيدها من خلال التشريعات ووسائل التربية والتوجيه، وأهم تلك المفاهيم المودة والرحمة كأساس لقيام الأسرة واستمرارها. وشدد البيان على أهمية سعي الدولة والمجتمع لتوفير ودعم فرص المرأة في التعليم دون تمييز، وأن يقوم عملها على قاعدة تكافؤ الفرص والعدالة ، وبخاصة المحتاجه والفقيرة والمعيلة ، وأضاف البيان أن موضوع زي المرأة في الإسلام أمر حسمته الشريعة وجرى عليه جمهور فقهاء المسلمين وعلمائهم ، وفحواه أن الاحتشام في الزي وستر العورات مطلوب شرعي. وأكد أنه على الدولة أن تقوم بدورها المهم من خلال التشريعات القانونية مدعومة بالمنظومة الثقافية، وعليها تجريم كل أشكال الانتهاك الجنسي والجسدي للمرأة. كما شدد البيان على أن المرأة صاحبة حق أصيل في الجماعة الوطنية ولها حق وواجب في النصيحة والشورى والقيام بالقسط، وهي محملة بالأمانة مستخلفة كالرجال سواء بسواء ، وهو ما يفرض عليها المشاركة في العمل العام ناخبة ومنتخبة، لإيصال ما تراه صحيحًا من آراء وحقوق ومصالح عامة إلى القائمين على صنع القرار في الجماعة الوطنية التي تتشكل على أسس من التعاون والتوافق بين مختلف مكوناتها. يذكر أنه شارك في المؤتمر نخبة من علماء الدين والباحثين في مصر والوطن العربي كما حضره مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام وغيرهم من أساتذة الأزهر الشريف والجامعات المحلية و الإقليمية والدولية.