الضربة القاضية والخراب المستعجل.. هكذا كان وصف خبراء الاقتصاد لخطوة العصيان المدني التي بدأ الترويج لها في الأيام الماضية والمُزمع البدأ في تنفيذها اليوم الموافق للذكرى الأولى لتنحي الرئيس السابق. أكد الدكتور رشاد عبده – أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة – أن خزينة مصر ستفرغ تمامًا من آخر قطعة نقد أجنبي خلال 8 أشهر من اليوم في حال نجاح الدعوات للعصيان المدني. وقال ل "صدى البلد" إن قيمة الاحتياطي النقدي تبلغ نحو 36 مليار دولار في يناير 2011، وتناقص حتى وصل الآن إلى 16 مليار دولار بخسارة 20 مليار دولار أنفقناها على استيراد السلع الأساسية، ونحن حاليًا نستهلك بمتوسط 2 مليار دولار شهريًا ما سيؤدي إلى نفاد كل كمية النقد الأجنبي في ظل ظروف طاردة للسياحة والاستثمار الأجنبي وإننا بالأساس بلد غير منتج ولن تتعامل معنا أي دولة بالعملة المصرية. وحذّر عبده من ثورة جياع تأكل الأخضر واليابس في حال الوصول لهذه الحالة واصفًا الوضع بأنه سيكون خراب مستعجل لمصر وبقوّة، لافتًا إلى أن دعاة العصيان إمّا أنهم لا يفهمون عواقبه وإمّا أن لهم أغراضًا أخرى خاصة أن الدعوات جاءت في أعقاب التفتيش على المنظمات الحقوقية التي عليها شبهات جارٍ التحقق منها. وأوضح عبده أنه حتى الآن الوضع مطمئن لإعلان كثير من الجهات عدم استجابتها لدعوات العصيان، ومحذرًا من أي شكل للاستجابة ولو جزئيًا وأن هذا سيبث الحماس لدى الأطراف الداعية للعصيان على تمديد فترته حتى تسليم السلطة في حين أن مصر واقتصادها وشعبها لا يتحمل كل هذا الكم من الخسارة. كما أكدّت الدكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن تأثير دعوات العصيان المدني لم يظهر صداها السيء حتى الآن، خاصة أن يوم العصيان المدني إجازة رسمية وكل القطاعات الاقتصادية معطلة بالفعل. وقالت ل "صدى البلد"، إنه بصورة مبدئية يمكننا أن نرى الوضع مطمئنًا إلى حد كبير فالحركة مستمرة في الشوارع ولم نسمع عن أي بوادر لتنفيذ هذا العصيان الذي نتمنى عدم حدوثه، موضحة أن يوم الأحد المقبل يمكننا أن نتنبأ بشكل واضح عن قيمة الخسارة الاقتصادية في حال استمرار العصيان. وأكد الدكتور محمد النجار – الخبير الاقتصادي – أن العصيان المدني على المدى الطويل سيعدم قدرة الدولة على الإنفاق الحكومي إلا بطبع نقود جديدة تؤدي إلى مزيد من التضخم لافتًا إلى أن الامتناع عن سداد الالتزامات الحكومية يعني تقلص الإيرادات العامة للدولة وبالتالي عجز الموازنة العامة وهذه هي المشكلة بالدرجة الأولى والأهمّ. وقال النجار ل "صدى البلد" إنه لا يجب استباق الأثر السلبي قبل وقوع المشكلة لأن كل الظروف المحيطة بدعوات العصيان المدني تخبر بأنه سيتحول إلى إضراب ليس إلا، قد تشارك فيه بعض الحركات السياسية وبعض شباب الجامعات وبعض عمال النقابات ولكن العصيان المدني قد يحدث فعلاً بتراجع "العسكري" عن فتح باب الترشح للرئاسة في 10 مارس كما تعهد مؤخرًا. وأعرب عن سعادته بحرية كل فرد في استخدام حقه في الاعتصام أو التظاهر مؤكّدًا رفضه بشكل شخصي لفكرة العصيان المدني، مشيرًا إلى أن فئات شعبية وشرائح اجتماعية كبيرة ترفضها بما فيها من يرفضون سياسة المجلس العسكري. أكد الدكتور صلاح الدين فهيم رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر أن الوضع الاقتصادي منذ تولى الدكتور كمال الجنزوري في اتجاهه للتحسن خصوصًا مع تركيز حكومته على ضبط وضع الموازنة العامة للاقتصاد ككل. وأَضاف أنه هناك حديث عن انتعاش للسياحة مرة أخرى، وكلها أمور من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلد، ووصف "فهيم" حدوث عصيان مدني ب "الطامة الكبرى للبلاد". وأكد أنه لا لزوم له خاصة مع الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب وقرب إنهاء انتخابات الشورى، وتحديد موعد فتح الترشح للرئاسة وكلها أمور تسير إلى انتقال سلطة للبلاد في 30 يونيو المقبل للرئيس المدني. وقال "فهيم" : لن نتحمل الانتظار ل 30 يونيو 2013 إذا نجح الإضراب سيضر بمصلحة البلاد الكبرى، وطالب "فهيم" الثوار بالتراجع عن النزول غدا، موضحًا أن المجلس العسكري لا يمتلك عصا سحرية لإنجاز ما يتمناه الثوار فى أيام. ومن جانبها وصفت الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس الدعوى للعصيان المدني بأنها "دعاوى فوضوية" يقوم بها أشخاص غير أمناء على البلاد، وطالبت "حماقى" الجيش والشرطة بالتصدي بقوة القانون لمثل هذه الدعوات وكذلك والقوى السياسية بإفساد مثل هذه المؤامرة التي تعد خيانة للثورة. وأشارت إلى أن الوضع الاقتصادي للبلاد صعب رغم تحقيقه نموًا ضعيفًا وهو 1% وهو ما يعنى أننا لم نصل للخطورة البالغة، ولكن العصيان المدنى سيكون الضربة القاضية للاقتصاد لأنه ستتوقف الاستثمارات وتزداد البطالة. استبعدت "حماقى" حدوث إفلاس للدولة تحت أي ظروف موضحة أن الإفلاس يعنى عدم قدرة الدولة على دفع ديونها وهذا لن يحدث نهائيًا فى مصر لأننا ورغم كل ما نمر به قادرون على تدبير مواردنا.