يعرف الشاعر والناقد العربي أدونيس في كتابه الأشهر "الثابت والمتحول" الثابت في إطار الثقافة العربية بأنه الفكر الذي ينهض على النص، ويتخذ من ثباته حجة، فهما وتقويما، ويفرض نفسه بوصفه المعنى الوحيد الصحيح لهذا النص، وبوصفه، استنادا إلى ذلك، سلطة معرفية، ويعرف المتحول بأنه: إما أنه الفكر الذي ينهض، هو أيضا على النص، لكن بتأويل يجعل النص قابلاً للتكيف مع الواقع وتجدده، وإما أنه الفكر الذي لا يرى في النص أية مرجعية، ويعتمد أساسا على العقل لا على النقل. ويأتي بحث أدونيس هذا ضمن أجزاء، في الجزء الأول يبحث في أساس الإشكال المعرفي العربي الذي قال بالثابت النصي على المستوى الديني وقاس عليه الأدب والشعر والفكر بعامة، وبما أنه، لأسباب تاريخية، كان يمثل رأي السلطة، فإن الثقافة التي سادت كانت ثقافة السلطة أي أنها كانت ثقافة الثابت، وقد جاء ذلك تحت عنوان "الأصول". أما الجزء الثاني فقد جاء تحت عنوان "تأصيل الأصول" ويعرض فيه أدونيس الصراع بين العقل والنقل، التجديد والتقليد، الإسلاموية والعروبوية، أي بين اتجاهات دينية تقليدية واتجاهات عقلية تجريبية، إضافة إلى الانقلاب المعرفي الجذري المتمثل في الحركة الصوفية، وقد عرض الباحث لهذا الصراع، بمختلف أشكاله ومستوياته، وأبعاده في الثقافة العربية، متوقفا طويلاً عند مفهوم الحداثة، وأما الجزء الثالث فهو يدور حول "صدمة الحداثة" وسلطة الموروث الديني، ويتناول المؤلف نماذجا تراثية متمثلة بأربعة مفكرين: القاضي عبد الجبار (المعتزلي) والإمام الغزالي والفارابي وابن تيمية، ونماذجا معاصرة لأربعة مفكرين يمثلون مرحلة عصر النهضة وهم: محمد بن عبد الوهاب ومحمد عبده ورشيد رضا والكواكبي.