لا أعرف لماذا يصر بعض النشطاء الأقباط على موضوع وضع "كوتة" للمسيحيين بمجلس الشعب، رغم رفض الكنيسة نفسها لهذا الموضوع. رفض الكنيسة للكوتة لم يأتِ من فراغ، لكنه جاء عن وعى وقراءة حقيقية للواقع ولحجم الضرر المتوقع من مثل هذه الخطوة والذى قد يفوق كثيراً نفعها. "الكوتة" ستؤدي إلى إدخال عدد من الأقباط لمجلس الشعب لكنها على الجانب الآخر ستمثل تدشينا لمرحلة جديدة من يتم فيها تقسيم المصريين طائفيًا وهو ما لم يحدث فى تاريخ مصر. لا أعتقد أن أى مصرىّ يسعده أن ندخل فى قاموسنا السياسى والوطنى مصطلح المسيحى والمسلم، ولا أن نصنف مجلس الشعب على أساس مسيحى ومسلم، ولا أن نذهب لصندوق الانتخابات على أساس هذا مسيحى أو مسلم. ولا أعتقد أن مصر تستحق منا أن نصنف شعبها طائفيًا، وأن ندخل التقسيمات الطائفية البغيضة فى حياتنا السياسية لنحول مصر إلى لبنان أخرى، وهو ما يمثل خطرًا حقيقيًا على مستقبل بلد قامت عظمته وحضارته على وحدة نسيجه الوطنى على مدى آلاف السنين. والغريب أن من يتزعمون مطلب الكوتة هم أكثر الناس رفعاً لشعار المواطنة، حتى وصل الأمر بهم للمطالبة بإلغاء خانة الديانة من البطاقة، ولا نعرف ماذا يريد هؤلاء بالضبط؟ هل يريدون المواطنة أم التقسيم الطائفى؟. ولا يدرك المطالبون بالكوتة أن ضمان كرسى أو عشرة فى البرلمان سيكون ثمنًا بخسًا لتعميق أو خلق الشعور بالطائفية والتقسيم ألذى سيدفع ثمنه الوطن كله وفى المقدمة إقباطه. وليس صحيحاً ما يردده هؤلاء بأن الكوتة هى الطريق الوحيد لوصول الأقباط لمجلس الشعب بدليل تجارب نجاح كاسح لإقباط منهم ممتاز نصار أحد أشهر أعضاء البرلمان فى الثمانينيات والتسعينيات، وكذلك جمال أسعد. الشعب المصري لا يعرف الطائفية، وحين يجد صاحب الكفاءة يختاره بغض النظر عن ديانته، والتركيز يجب أن يكون على المنافسة والكفاءة وليس على اختلاق التقسيم الطائفى. لن يرحم التاريخ كل من يسهم أو يروج للطائفية ونحن نحلم بوطن متقدم يقوم على أساس المواطنة.