أكدت مصر أنه على الرغم من التقدم المحرز على مدار قرابة سبعة عقود منذ نشأة الأممالمتحدة واعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسا،ن فى ترسيخ احترام قيم العدالة والكرامة الإنسانية، إلا أن المجتمع الدولي مازال عاجزاً عن تحقيق الاحترام الكامل لمبدأ المساواة فى الحقوق وعلى رأسها حق تقرير المصير للشعوب. وشددت مصر -خلال كلمة ألقتها السفيرة وفاء بسيم رئيس وفد مصر الدائم بالأممالمتحدة في جنيف أمام الجلسة الخاصة بمناقشة حالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة التي انعقدت اليوم الاثنين فى إطار الدورة 24 لمجلس حقوق الإنسان - على أن هذا الحق المستقر غير القابل للتصرف ليس منحة ولكنه تعبير عن اعتراف ضمير العالم الحر بحق الشعوب الرازحة تحت الاحتلال الأجنبي فى مواجهة من يتوهمون أن بإمكانهم ترسيخ أوضاع غير قانونية جائرة على الأرض استناداً إلى القوة العسكرية والاقتصادية غير عابئين بالتزامهم باحترام وحماية حقوق الإنسان بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والعهدين الدوليين وغيرها من المواثيق الدولية. ورأت مصر أن استمرار حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف فى تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة يشكل مثالاً صارخاً على ذلك ففي الوقت الذى تتشدق فيه إسرائيل بأنها الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط، تواصل احتلال أراضى الغير عنوة بما فى ذلك فى لبنان والجولان السوري وترتكب انتهاكات متتالية بشكل يومي ومنهجي لأبسط حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني بغرض قهر إرادته وإضعاف قدرته على المطالبة بحقوقه المشروعة. وتساءلت مصر، أى ديمقراطية تلك التي تتيح إخضاع شعب بأكمله لسياسات الحصار والخنق الاقتصادي وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية للتوسع فى بناء المستوطنات وحرمان البسطاء من مصادر قوتهم؟، أى ديمقراطية التي تفرض على أبناء الشعب الواحد المرور على نقاط تفتيش والحصول على تصاريح للانتقال من بقعة إلى أخرى من أراضيه وممارسة الشعائر الدينية؟ أى ديمقراطية تبيح استخدام القوة المفرطة لفض التجمهر السلمي بينما يذهب المسلحون الذين اعتدوا على المدنيين طلقاء دون عقاب تحت حماية قوات الاحتلال؟ أى ديمقراطية تبرر إخضاع أكثر من 750 ألف فلسطيني - أي زهاء 20% من الشعب الفلسطيني - للاحتجاز الإداري والسجن منذ عام 1967 حتى الآن، بل ومنع تواصل المعتقلين مع ذويهم أو محاميهم؟ ثم، أين من يدعون أنهم أنصار الديمقراطية والحريات ويتزعمون حملات نشرها حول العالم من كل هذه الانتهاكات؟ أين ضمير العالم الحر؟. كلمة مصر طالبت مجلس حقوق الإنسان بتحمل مسئوليته القانونية والأخلاقية المباشرة فى العمل على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية وإطلاق سراح من هم قيد الاحتجاز الإداري دون محاكمة والذين يستمر اعتقال أعداد كبيرة منهم دون مبررات حقيقية بما فى ذلك الشيوخ والنساء والأطفال فى ظل ظروف بالغة السوء ورعاية صحية متدنية وممارسات غير إنسانية أودت بحياة كثيرين. وأكدت مصر أن السعي المشترك نحو ترسيخ الاحترام العالمي لحقوق الإنسان والشعوب لن يكتمل ما لم نتخلص جميعاً من الانتقائية والتسييس والمعايير المزدوجة فى التعامل مع القضايا المختلفة، مضيفة أنه رغم التفاؤل الذى ساد بإنشاء مجلس حقوق الإنسان والتطور النسبى فى أنشطته، إلا أن استمرار نجاحه فى أداء دوره المنشود يتطلب عزيمة قوية على دفع إسرائيل نحو الوفاء بالتزاماتها الدولية والتعاون التام مع المجلس بما فى ذلك مع المقرر الخاص المعنى بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واللجان التي شكلها المجلس للتحقيق وتقصى الحقائق فى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التى يتم ارتكابها فى الأراضى المحتلة.