ما أحوجنا إلي من يعبر عن حبنا للوطن..من يلهب مشاعرنا المتخفية تحت وطأة الظروف الاقتصادية والحياتية والأمنية الخانقة.أو مغامرات حكامنا السابقين مخلوعين ومعزولين لا سامحهم الله غير المحسوبة! نحتاج إلي من يوقظ ضمير العالم تجاه قضايانا العادلة، والفن سفير دبلوماسي وشعبي من طراز فريد، يخترق الجدار المصمتة، ويعمل له العالم المتحضر مليون حساب . نحلم بأغنيات تملأ الأسماع..تصل إلي قلوب أطفالنا وتنفذ إلي عقول شبابنا. ما أحوجنا إلي الغناء النظيف.وما أنظف الغناء للوطن! ما أمتعنا ونحن ننتشي بلحن يتغنى بجنة ربنا.. طوف وشوف بجنة ربنا في بلادنا/ واتفرج وشوف فلابد أن نحب الوطن إن كنا نريد الدفاع عنه. وليس غريباً أن يكون رمز البلاد الذي ترتفع فيه أصابع اليد اليمنى بالتحية التي تصل إلي حد التقديس هي أغنية أو نشيد وطني.. بلادي..بلادي..بلادي../ لك حبي وفؤادي مصر يا أم البلاد/ أنت غايتي والمراد منذ تشكيل الوطن حلماً يداعب وعي كل مواطن حر،شريف،انطلقت الحناجر تردد لحن وكلمات نشيد وطني يبرر ويؤكد هذا الحب: مصر التي في خاطري وفي دمي أحبها من كل روحي ودمي وفي التعبير عن الظلم وانعدام العدالة كان الغناء هو صوت الحق والقوة: " أخي جاوز الظالمون المدى " ولم يكن غريباً.لكل ما سبق أن يسارع عمالقة وأساطين الطرب والغناء إلي تقديم أعمال غنائية وطنية على مر العصور.معبرين عن الأفراح والجراح،الانتصارات والإنكسارات،القفزات والكبوات،الصعود والهبوط,الآمال والمحن،الزعماء وصناع القرار..وكان محركهم في هذا إحساس وطني جارف,وأستطيع أن أزعم في السياق أن كل غناء صُنع بأيحاء من السلطة أو بأموال الحكومات،هو فن ذهب سريعاً واندثر أو كاد أن يندثر.لذلك كان من الصعب جداً تقديم هذه الدراسة عن الأغنية الوطنية في مصر في الفترة من سيد درويش إلي الحقبة الحالية حيث رموز الغناء الجديد والتجربة الجديدة التي كان من أبرز نجومها المطربون الفنانون محمد الحلو،محمد ثروت وغيرهما،ثم جاء نجم الغناء المصري والملامح النوبية المصرية الأصيلة محمد منير الذي امتزج عنده الغناء العاطفي والوصفي بالغناء للوطن،حتى أن منير قال لي أنه يعتبر كل أغانيه هي أغاني في حب الوطن وأنا أصدقه . أ ما محمد الحلو،فهو فارس الغناء،فضلاً عن أنه يملك كل مقاومات الغناء الوطني صاحب المصداقية والصوت الرخيم الحساس،بمقدرته الخارقة في استخدام فنون التنغيم الصوتي والحليات العرب وصوته العميق.. يابوي..يابوي/ يابوي يا مصر أما الواحد بيحبك حب وتجربته مع الشاعر المغوار أحمد فؤاد نجم في"أهيم شوقاً" وهي أغنية يعود كتابتها إلي حقبة الستينات،ولكنها قدمت في نهاية التسعينات بمستوى رائع من الكلمة واللحن والأداء ولكن من ينسى الفرسان:صلاح جاهين العبقري،الخال عبد الرحمن الأبنودى،المتمكن كمال الطويل،المجدد بليغ حمدي والفرسان العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ،محمد رشدي،محمد قنديل والصوت الحنون نجاة الصغيرة،الشقية شادية،بنت البلد فايدة كامل،صعب جداً أن نحصر الأسماء،ومن هنا كانت المهمة الشاقة.. في نكسة1967 ضمدت الأغنية جراح الوطن،وشحذت الهمم استعدادا لمعركة الثأر,وكان للعندليب عبد الحليم حافظ نصيب الأسد في الغناء للوطن في هذه الفترة،حتى أنه كان يبدأ كل حفل له بأغنية وطنية.. وعندما جاء الانتصار،واستعدنا كرامتنا،واكبت الأغنية النصر الكبير،حتى استلهم صناع الأغنية صيحة النصر في عمل غنائي مهم يعيش معنا حتى اليوم.. الله اكبر..الله اكبر/ الله اكبر فوق كيد المعتدي ولذلك.وبذلك.كانت الأغنية الوطنية من سيد درويش حتى صيحة الفنان مصطفى كامل ومجموعة الفنانين الصادقين" تسلم الايادي" التي لاقت ترحيبا شعبيا كبيرا أكسبها المصداقية، بعد أن ادعى البعض وفاة الاغنية الوطنية برحيل معظم رموزها، عادت الأغنية الوطنية بعد أن لاح في الأفق أبطال ورموز وحلم قومي التف من حوله المصريون. شكرا للاخوان المسلمون...وفي أقصى الاتجاه المعاكس: شكرا للفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي أعاد للأغنية الوطنية حضورها وشعبيتها وبريقها،بعد أن وجدنا رمز وبطل وعلم.. .وهتف المصريون : " تسلم الأيادي ".