قبل وبعد ال 3 من يوليو حيث انحازت القوات المسلحة للإرادة الشعبية المصرية وقامت في إطار توافق وطني ضم ممثلي القوى المدنية بإعلان خارطة طريق مستقبل أقرت عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، تواجه وقياداتها حربا ضروسا على عدة جبهات داخلية وخارجية منها حملة تحريض وكراهية شرسة يقودها ارهابو جماعة الإخوان وجماعات الجهاد والسلفية الجهادية وتنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية في الداخل المصري وحلفائهم من ارهابي الخارج، حتى لا يكاد يمر يوم إلا ويخرج فيه أحدهم مكفرا ومتهما إياها بالدموية والفاشية أو داعيا إلى قتالها، أو محرضا الجنود وصف ضباط والضباط على العصيان والانشقاق والتمرد على قياداتهم، أو مشوها لسمعتها، أو طاعنا في وطنيتها وولائها. وثانية تأتي من خلال العمليات الإرهابية القذرة التي تنفذها العناصر المسلحة لهذه الجماعات والتنظيمات مدعومة ومساندة من الخلايا والكوادر النائمة في سيناء ومدن القنال وبعض المدن والقرى بمختلف أرجاء مصر، وتوقع في صفوفها العديد من الشهداء والمصابيين، وثالثة حملة انتقادات واسعة يقودها كتاب وصحفيون وإعلاميون وأكاديميون تابعون لأمريكا والغرب يستخدمون في ذلك لافتات المصالحة وعدم الإقصاء وحقوق الإنسان والفاشية العسكرية، ونشر أخبار كاذبة وملفقة، والترويج للفوضى والفتنة، وذلك لتبريرهجومهم وانتقاداتهم وتحريضاتهم. هؤلاء وغيرهم ممن صنعتهم ودربتهم دول وأجهزة استخباراتية غربية وعربية واسرائيلية ليعملوا في الوقت الذي تراه وفقا لمصالحها وأهدافها ومخططاتها الاستعمارية، تمتد خارطة وجودهم ومنابرهم ومنافذ أسلحتهم وأموالهم عبر القارات من أمريكا وأوروبا وأفريقيا إلى آسيا، من مفتي الناتو والكونجرس الشيخ المخرف يوسف القرضاوي في قطر إلى مهندس التحريض على الحرب على العراق وسوريا وأخيرا مصر فؤاد عجمي في أمريكا، ومن رجب طيب أردغان في تركيا إلى زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أفغانستان ووجدي غنيم وطارق عبد الحليم في بريطانيا، والكويتي طارق السويدان واليمني عبدالمجيد الزنداني، وكل ذلك فضلا عن إرهابي قيادات التنظيم الإخواني الدولي وفروعه ومكتب إرشاده في مصر وهلم جرا. الأسباب وراء ذلك معقدة ومتداخلة بعضها يرتبط ارتباطا وثيقا بطموحات وأحلام جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي التي كانت تأمل في جعل مصر قاعدة الإسلام السني كما إيران قاعدة للإسلام الشيعي والانطلاق منها لبناء الوهم المعشعش في عقولها وهم "الخلافة الإسلامية" من الخليج للمحيط، فعندما تستقر لها الأمور في مصر بالاستيلاء على الجيش وتكوين مليشياتها الثورية الخاصة، جنبا إلى جنب استيلائها على مقدرات وثروات الشعب، يمكنها مد تحالفاتها مع عناصرها من الصومال واليمن إلى ليبيا وتونس والسودان، مرورا بالسعودية والخليج، للبدء في إعلان عودة الخلافة من خلال تقسيم المنطقة إلى إمارات يأتمر أمراؤها بأمر الخليفة المقيم في القاهرة، وهو ما يتوافق مع أهداف المخطط الإسرائيلي والأمريكي والغربي. لا مانع إذن من التحالف، فإذا كانت تحقيق حلم الخلافة رهنا بأمن إسرائيل فلا مانع من استكمال تهجير الفلسطينيين في الضفة وغزة وإعادة توطينهم في مصر بسيناء أو غيرها من دول الجوار، وهو أمر كان مطروحا على مائد الحوار الإخواني الأمريكي منذ 1954 حين التقى مدير المخابرات المركزية الأمريكية المرشد العام وقتئذ حسن الهضيبي، وهناك الآن ما يزيد عن 32 مخيما للاجئين الفلسطينيين موزعين بين لبنان والأردن وسوريا. وإذا كان التحالف رهنا بمخطط تقسيم الأمة إلى إمارات أو قبائل أو مقاطعات بلا جيوش أو مقدرات تحميها وحدات دفاعية صفيرة أو مليشيات مرتزقة تأتمر بأمر خليفة أو مرشد أو سلطان يتم قيادته من العاصمة الإسرائيلية أو الأمريكية أو أي من العواصمالغربية، فأهلا به فالمهم هو تحقيق وهم الخلافة. ولأن القوات المسلحة المصرية هي القوة الأولى في المنطقة بعد سقوط الجيش العراقي وتمزق الجيش السوري، فإن وجودها يشكل تهديدا مباشرا للحلمين حلم الخلافة الإسلامية وحلم التقسيم الإسرائيلي الأمريكي الغربي، لذا ليس غريبا أن يتفق الطرفان ويدعم أحدهما الآخر للنيل منه لتفكيكه عقب امتثاله للإرادة الشعبية والإطاحة بممثل الجماعة الإخوانية وحلفائها في الرئاسة. وهنا لابد أن نذكر أن الضغوط الأمريكية لم تتوقف خلال رئاسة أنور السادات وحسني مبارك لتخفيض عددها وتسليحها، وأنها كان تحت المراقبة والمتابعة حرصا على أن تظل خاملة قتاليا، ودفعت في الكثير من الأوقات للعمل في الأعمال الخدمية مثل إنتاج الخبز وتشييد الكباري وبناء المساكن، وقد كان صعود جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي فرصة ذهبية للمخطط الأمريكي الإسرائيلي للاستيلاء إلى الأبد عليها وتقسيمها إلى جزئين جزء يكون ذراعها الذي يخوض عنها حربا بالوكالة أو تبطش به عندما تريد تأديب دولة عربية هنا أو هناك، وجزء مجرد وحدات صغيرة مسلحة تسليحا بسيطا على الحدود، وفي المقابل تقيم هذه الجماعات والتنظيمات مليشياتها القمعية الخاصة التي تحمي حكمها داخليا. لم يكن الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي ينتوي فقط توطين الفلسطينيين في سيناء وإخلال فلسطين للإسرائيليين، أو تسليم مدينتي حلايب وشلاتين الحدوديتين للسودان من أجل عيون إخوانه في الجماعة فرع السودان، أو نشر الفتن في البلدان العربية من خلال تنظيمه وحلفائه تمهيدا لإسقاطها وتقسيمها، بل تسليم القوات المسلحة المصرية التي تؤمن أن الأمن القومي العربي من أمن مصر إلى أمريكا والغرب، وكان المفتاح إرسالها للحرب في سوريا تنفيذا للأوامر الأمريكيةالغربية ودعما للجماعات والتنظيمات الموالية لتنظيمه، وهذا يفسر ضراوة الحرب عليها داخليا وخارجيا، والإصرار الغربي الأمريكي على عدم الاعتراف بثورة 30 يونيو وتقديم الحماية والدعم المعنوي والمساندة الإعلامية للارهابيين، والضغط المستمرة لإطلاق سراح قادة التنظيم الإخواني وحلفائه. إن صمود القوات المسلحة المصرية ما كان يمكن أن يكون بهذه القوة والصلابة لولا قيادة وطنية عارفة بتاريخ وحضارة وثقافة مصر ودورها ومكانتها، وإرادة شعبية لا تقل في قوتها وصلابتها عنه تقف وراءه وتحميه، إرادة تقودها وطنية وإخلاص بسطاء وفقراء من أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة ليس لهم مصلحة إلا حماية مصر من الارهابيين تجار الدين والدم، وعودتها للأمن والأمان والاستقرار بما يؤهلها لتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية. يقاتل المصريون جنبا إلى جنب مع قواتهم المسلحة وإن لم يحملوا سلاحا أو يلجأون إلى العنف، قتالهم معنوي فأينما تولي وجهك في الشوارع والبيوت ترى لأكف الضراعة لله مرفوعة تدعو لحماية قواتهم المسلحة أملهم وأمل أبنائهم في التخلص من الارهابيين، يبكون في صمت ما يسقط من أبنائها في حربهم ضد الارهاب، كاشفين عن وعي ونضج بما يحاك من مؤامرات ودسائس ويشاع من أكاذيب يوزعها أنصار جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي وحلفائهما من العملاء والخونة المتوافقين مع الأجندة الأمريكيةالغربية. لن تسقط أو تستلم القوات المسلحة المصرية، ولن ينفذ مخزونها من القوة والصلابة، هذا إيماني وإيمان كل وطني مصري، لأن سقوطها أو استسلامها يعني سقوط واستسلام الشعب المصري وإرادته في استقلال قراره، وهذا لن يحدث أبدا.