نحن شقيقتان توأم.. ولدت هي قبلي بعشر دقائق.. هكذا قالوا لي.. جاءت هي الي الدنيا في سهولة ويسر.. اما انا ياسيدتي فقد تعذبت امي وكادت تفقد حياتها.. استمرت السهولة واليسر تغلفان حياة اختي حتي كبرنا واصبحنا شابتين يافعتين.. يطرق باب منزلنا العرسان ..اما حياتي يا سيدتي فقد لازمها العذاب والفشل وخيبة الامل.. وكثيرا ما تساءلت: هل من الممكن ان تكون شقيقتي قد استولت علي نصيبنا معا من الحظ والتوفيق في مدي العشر دقائق التي سبقتني فيها الي الحياة.. فحرمتني بذلك من نصيبي! صدقيني ياسيدتي انا لا احقد عليها ولا اكرهها ..فكيف تكره الشقيقة اختها وتوامها ..ولكن كل ما هنالك اني اغار منها ..احسدها علي ماهي فيه الآن..لابد ان اعترف لك ياسيدتي اننا شخصيتان متنقضتان تماما تتصف هي بالهدوء والرزانة ..واتميز انا بالمرح والضجيج والتوهج ...تفوقني عقلا وحكمة ورجاحة ....وافوقها جمالا وجاذبية وذكاء.وحيوية...تطلعاتها محدودة ..طموحاتي وامالي فاقت الحدود والخيال...رضيت هي ياسيدتي بالزواج من شاب بسيط ينتمي الي احدي الاسر المتوسطة كاسرتنا .. ولكنه والحق يقال شابا مثقفا طموحا يتحلي بالدين والخلق القويم. اما انا فكنت اطمح الي الزواج من شاب ثري ..بل ثري جدا حتي اعفي نفسي من المتاعب والازمات المالية التي يلاقيها الشباب متوسطو الدخل ...كانت نبرة السخرية والتهكم تزداد في مناقشاتي مع شقيقتي كلما اقترب موعد زفافها ...لقد اتهمتها بالجنون والخنوع والسذاجة ..واتهمتني هي بحب المظاهر الخادعة الغير مامونة الجانب..بالطبع ياسيدتي كنت اري نفسي علي حق واراها هي علي باطل..!!. وكل مايتفق مع ميول الانسان ورغباته يبدو في نظره حكيما ومعقولا ..اما ما يناقض اهواءه ورغباته فهو عين الحمق وقمة الجنون...وعثرت علي ضالتي المنشودة ياسيدتي ..شاب ثري ..بل ثري جدا كما كنت اهوي ..خاتم الخطوبة من الماس ..بيت الزوجية واثاثه بمئات الالاف ..ليلة عرسي كان ليلة من ليالي الف ليلة ..شهر العسل تنقلنا فيه دول اوربا والشرق الاقصي كنت سعيدة ..ولما لا ياسيدتي فقد تحقق لي ما كنت ارنو اليه. ولكن ياسيدتي دائما السعادة والبهجة عمرها قصير فلم تطل سعادتي لاكثر من شهر العسل ..فقد بدات الحظ علي زوجي الغريب من التصرفات والمريب من المكالمات الهاتفية..فقد اكتشفت ياسيدتي انني قد تزوجت من احد كبار تجار الممنوعات ...نعم زوجي يتاجر في المخدرات ..واجهته ..لم ينكر او يراوغ ..بل استنكر جهلي بهذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس !. والآن.. مازلت اعيش معه ياسيدتي تحت سقف واحد يظللني الخوف والتوجس والرعب في كل لحظة اعيشها مع هذا المخادع ...لم يفلح ذلك الاثاث الفاخر الذي يضمه هذا البيت الفخم ان يزيح عن كاهلي ما احس به من وجل وخيبة امل .. كلما شاهدت اختي ياسيدتي وزوجها البسيط ينعمان بحياة سعيدة هانئة امنة.. تدب الغيرة في قلبي ويشتعل الحسد في كياني ليزلزل قواي ويفتت مقاومتي ....سيدتي ماذا افعل وصورة شقيقتي امامي تجعلني افكر مرارا في الانتحار لاتخلص من خيبة املي وغبائي والغشم الذي قادني الي هذا الطريق ..طريق الوهم والزيف والندم والحسرة! * المحررة: عزيزتي الشابة التي جعلتي من شقيقتك محورا تدور حوله كل احداث حياتك ..فعندما تصابي بخيبة الامل والفشل والانكسار ..فتكون اختك وزوجها هما السبب ..لقد اتخذت منهما زريعة وجعلتي منهما شماعة تعلقي عليها فشلك وقصور تفكيرك ..وتفاهة فكرك ووضاعة منهجك ..لقد وضعت لنفسك منهجا وطرقا في غاية الساذجة ..فها انت تحددي شروط عريس المستقبل وتضعيه في قالب محاط باسوار عالية من الترف والفخفخة ..لم تضعي ولو شرطا واحدا يحدد فيه خلقه او بيئته واسرته التي هي العنوان الرئيسي لتصرفات وسلوكيات الابن ..لقد انسقتي وراء مظاهر خادعة كاذبة ..وها انت ياعزيزتي تحصدي مازرعت من قصور في الفكر وتهور ورعونة. عزيزتي انفضي عن كاهلك غبار الغيرة والحقد والحسد .. والتفتي الي هذه الكارثة الحقيقية التي تعيشين فيها.. حددي اولوياتك واضبطي ايقاع حياتك ..وهل انت لديك استعداد لتكملة المشوار مع هذا المخادع ؟.. هل انت مستعدة ان تتعايشي من وراء هذه التجارة المحرمة ؟.. احزمي امرك سريعا فالامور واضخة ..(الحلال بين والحرام بين) وكفاك مراوغة ومواربة والبعد عن الاساسيات والجري وراء الفروع والشكليات.. اتركي شقيقتك تنعم بالفعل بهذا العقل والتعقل والحكمة.. وابعدي عنها حقدك وغيرتك.. فمن غير المعقول ان تحصد هي نتاج غرورك وعنادك وتسلطك.