مصر تنتظر من مؤسستها التشريعية ومن نوابها المنتخبين الكثير، وهذا حقها. وطننا العظيم، الذي تراوح ثورته منذ عام في مسارات متعرجة وتواجه عوائق عدة حالت بينها وبين الشروع الفعلي في بناء دولة الديمقراطية ومجتمع العدالة الاجتماعية، يستحق مجلس شعب يدفعه للأمام ويعمل بمسئولية لتحقيق أهدافه الكبري. شارك المصريون والمصريات بكثافة في الانتخابات وحافظوا بوعيهم علي سلميتها وترجمت تفضيلاتهم الانتخابية (علي الرغم من بعض التجاوزات) إلي مقاعد بالمجلس لأحزاب وقوي سياسية مختلفة ولبعض المستقلين. هم إذا قاموا بدورهم وجاءوا لمصر بمجلس وبنواب منتخبين، وواجبنا نحن الآن هو أن نثبت لهم أننا عند حسن الظن وعلي قدر المسئولية الهائلة الملقاة علي عاتقنا. أعاهد مصر التي انتخبت لدفعها نحو الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة علي العمل من أجل تحقيق هذه الأهداف دون كلل ودون مساومة. كنائب بمجلس الشعب سأضع في صدارة أولوياتي استكمال النقل المنظم والسريع للسلطة من المجلس العسكري إلي المدنيين المنتخبين. سأتبني مع نواب آخرين الدعوة لتشكيل هيئة قضائية خاصة للتحقيق في كافة انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت منذ 11 فبراير 2011 ولتكوين لجنة برلمانية تكون مهمتها الانتصار لحقوق شهداء الثورة ومصابيها ومتابعة ملف محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري (والذي ينبغي أن ننتهي منه في أسرع وقت ممكن). سأدعو المجلس إلي تشكيل لجنة برلمانية لمتابعة القرارات والإجراءات الحكومية المراد منها تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للمواطن. سأطالب بإعادة النظر في الكثير من القوانين المرتبطة بالحريات والحقوق الأساسية وتلك المرتبطة بتطهير مؤسسات وأجهزة الدولة ومكافحة الفساد. لن أوافق علي موازنة عامة لا تعطي أولوية حقيقية للتعليم والبحث العلمي والرعاية الصحية والتخلص من العشوائيات وتشجع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كثيفة العمالة. لن أوافق علي موازنة عامة يتغول بها الإنفاق علي الجهاز الأمني ولا يحق للمجلس أثناء مناقشتها وإن بسرية التعرض لميزانية القوات المسلحة. أعاهد مصر أن أعمل بكل ما أوتيت من طاقة علي وضع دستور مدني جديد يضمن المساواة الكاملة بين المواطنين دون تمييز ويحمي الحقوق والحريات الأساسية والكرامة الإنسانية. دستور يلتزم بمبادئ الشريعة كالمصدر الأساسي للتشريع وفقا لتفسيرات هذه المبادئ المستنيرة والوسطية التي يتبناها الأزهر، ويستند أيضا إلي مرجعية حقوق الإنسان وللتراث القانوني المدني الذي راكمته مصر منذ بدأت دولتها الحديثة. دستور ينص علي تداول السلطة وسيادة القانون وينتصر للعدالة بإقرار حق كل مواطنة ومواطن في المسكن الآمن والتغذية السليمة والتعليم والرعاية الصحية والضمانات الاجتماعية. دستور يؤسس لمبادئ المحاسبة والمساءلة القانونية لشاغلي المناصب العامة ويمكن السلطة القضائية من ممارسة الرقابة علي السلطة التنفيذية. دستور ينتصر لحقوق الطفل ولحقوق المرأة المواطنة والمرأة العاملة والمرأة الأم ويدعم شراكتها الكاملة في المجتمع. دستور يخضع المؤسسات العسكرية والأمنية لرقابة المدنيين المنتخبين ويخلص مصر من وجود القوات المسلحة كدولة داخل الدولة ولا يعيد لها المؤسسة الأمنية المتوحشة التي كانت هي أيضاً في سنوات الرئيس السابق الأخيرة دولة داخل الدولة. دستور ينص علي حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية للجميع ويضمن الحق في المعرفة وحرية المعلومات. دستور يصنع لمصر نظاما اقتصاديا عماده اقتصاد السوق الملتزم اجتماعيا ويحقق لنا تنمية متوازنة. دستور يلزمنا بمبادئ السلم العالمي نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. أما المصريات والمصريون، ومن أجل عيونهم ومن أجل الإسهام معهم جميعا في رفعة مصر اليوم وغدا قررت الحياة بعيدا عن ولديي ويعلم الله وحده المشقة النفسية والشعورية التي أواجهها في البعد عنهما وأدعوه وحده لأن يساعدهما علي تحمل غياب الأب وأن يديم عليهما أمهما العظيمة وأن يمكنني من مداومة التردد عليهما ورعايتهما عن بعد، فأعاهدهم علي الشفافية والعلنية الكاملة ما خص أعمال المجلس (إلا ما تعلق بقضايا الدفاع والأمن القومي أو تقررت سريته أثناء نقاشات المجلس). أعاهدهم أن أسعي بإخلاص كي لا أحيد عن مبادئي وقناعاتي وأن أعمل دوما علي أن أفسر لهم وللرأي العام ما قد يلتبس عليهم في خضم الأحداث المتلاحقة التي تمر بها مصر. أعاهدهم علي الاجتهاد للدفاع عن حرياتهم وحقوقهم جميعا دون تمييز وللارتقاء بظروفهم المعيشية في دائرة مصر الجديدة وخارجها. أعاهدهم علي عدم التربح من المنصب العام والإعلان الدوري عن ذمتي المالية وإقراري الضريبي ورفض تقديم الخدمات الخاصة للمحاسيب والمعارف. أعاهدهم علي العمل بمهنية في المجلس الذي اخترت من لجانه لجنتي حقوق الإنسان والشئون الدستورية والتشريعية للانضمام إليهما والإسهام بأعمالهما (طبعا أن لم يغير رئيس المجلس والوكيلان من اختياراتي وهذا وفقا للائحة من حقهم). أعاهدهم علي قبول مراقبتهم لي ولأدائي التشريعي والرقابي في المجلس وأن أتعاون مع كل مبادرة للرقابة الوطنية والشعبية علي النواب المنتخبين. أعاهدهم علي الانفتاح علي منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والنقابات والمدافعين عن الحقوق والتنسيق معهم، فالمجلس لا يملك ترف العمل بمفرده وتجاهل حيوية ومطالب مجتمع ثار للحرية والعدالة الاجتماعية. هذا عهدي مع الوطن ومع أبناء جلدتي من المصريات والمصريين من موقع المسئولية الحالي وفيما وراءه. وأسأل الله أن يقدر لي أن لا أنقض عهدي هذا ما حييت. نقلا عن الأخبار