نسرين حجاج تكتب: بيت الروبي

الدراما هى التشكيل الثقافي الناعم، والممتد المفعول، والسينما ترسم خريطة المجتمع السلوكية ، فكلما جاء الفيلم بمضمون هادف ومحتوى غير مسف التفت الأسرة بأكملها حول العمل وأدى ذلك إلى تحقيق أهداف اجتماعية وتغييرات مقصودة ، ومن هنا جاء فيلم "بيت الروبي" ليطرح قضية اجتماعية مهمة .
شهدت شاشات السينما اندماجا فنيا غير متوقع، وتحالفا كوميديا قويا بين النجم كريم عبد العزيز والنجم كريم محمود عبدالعزيز من خلال الفيلم الاجتماعي الكوميدي بيت الروبي.. جاءت بداية الفيلم بإيقاع برتم بطيء ثم سرعان ما تحولت الأحداث من مجرد جمل مضحكة إلى رسالة مهمة لمشكلة تعاني منها المجتمعات العربية، وهى اغتصاب السوشيال ميديا لحياة البعض والتشهير بهم.
تدور قصة الفيلم حول عائلة المهندس إبراهيم الروبي الذي تعرضت زوجته للتشهير بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما جعله يبتعد هو واسرته للعيش بمدينة ساحلية لعدة سنوات حتى تضطره الظروف للعودة إلى القاهرة .. ويتعرض الفيلم لتفاعل المجتمع المصري مع السوشيال ميديا، وتصدر الفيديوهات الرديئة للترند الذي ينجم عنه تغيير حياة البعض وتشوية سمعة البعض فتتأثر الأسر ويتحول مجرى حياتهم.
النجم كريم عبدالعزيز أدى دور الأب إبراهيم الروبي بنضج غير مسبوق، وتفاعل بكل أحاسيسه مع الدور، لينتج لنا صورة الأب الذي يخاف على السلامة النفسية لأسرته الشكل الخارجي الذقن واللبس وألوانه كانوا متميزين لكريم .وقدم نموذجا طيبا وصورة إيجابية عن الأب.. وبرغم رفض إبراهيم للتكنولوجيا الرقمية وخصوصا المشتتات الذهنية كوسائل التواصل الإجتماعي، تحدث مفاجأة تجعله يندمج ويتحول مساره ليصبح "إنفلونسر" ومستخدما قويا لوسائل التواصل، فيحدث ما يخاف منه على عائلته .. وقد عبر كريم عن ملايين الآباء الملتزمين بدورهم الأبوي ويفهمون فلسفة التربية سيكون هذا الفيلم من أكثر أفلامه مشاهده عندما يعرض في التليفزيون لأهميته الأسرية .
النجم الصاعد بسرعة الصاروخ كريم محمود عبد العزيز جاء بتميز وحالة من التوأمه مع كريم عبدالعزيز لدرجة أنستني أنهما يمثلان وأخذني لحالة من الصدق.. أحببت دوره جدا، لأنه دور للأخ المفقود في هذه الأيام؛ الأخ الذي يحب أخاه وأولاده لدرجة تجعله يقف أمام زوجته وينهرها خوفا على زعل أخيه.. خفة دم كريم دائما تذكرنا بخفة دم والده الفنان محمود عبد العزيز رحمه الله الذي كان يخترق القلوب وهكذا كريم يسرق المحبه من قلوبنا ويرسم بسمه بتلقائيته ويتميز كريم بأن له نفس لغة جسد والده.
كل الممثلين في الفيلم كانوا في قمة تألقهم.. نور ممثلة جميلة وأدوارها مميزة.. غير أنني لم أشعر بوجودها، كان السيناريو يحتاج إلى إظهار ملامح أو أكثر تأثيراً لأن نور تتميز بتقمص الشخصية، ووجهها محبوب، وأتقنت اللهجة المصرية، فكنت أتوقع ظهورها أكثر من ذلك لتكون مؤثرة . محمد عبد الرحمن "توتا" يثبت في كل عمل يظهر فيه بأنه كوميديان مؤثر وناجح ومحبوب، حتى وإن قلت مساحة دوره.. فإذا فرض أننا حذفنا دوره سيؤثر في العمل فهو من التوابل الأساسية في نكهة أي عمل .
الإخراج المتميز لبيتر ميمي، والرؤية الإخراجية والفنية المتطورة، أضافت تألقا وألقاً، وكانت المشاهد رائعة، والصورة متميزة.. كذلك، فقد أبهرني ذكاء شركة الإنتاج في الإندماج الكوميدي الفني الذي أثقل هذا الموسم بالكريمين فكل منهما نجم في منطقته، في أخر20 سنه ظل المنتجون يوفرون من ميزانية الفيلم فقاموا بتفكيك العملة السينمائية وجعلوا من القرش جنيها، فظهرت لنا أجيال لا تحمل بطولة بمفردها مما جاء بسيناريوهات ضعيفة وركيكة وأصبحت صناعة السينما في خطر ..فتحية للشركة المنتجة صاحبة الرؤية الثاقبة في هذا العمل ..
عندما تتكامل العناصر الفنية، وتكون هناك رؤية فنية واضحة للفيلم، يكون التأثير مضموناً، ويصل الفيلم إلى أن يكون أداة إمتاع وأقناع.. وهو هدف الفن في كل زمان.. فتحية لكل المشاركين في صناعة هذا الفيلم الممتع المقنع..