أسعار الموز والتفاح والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    ترامب يكشف تفاصيل محادثته مع حماس بشأن نزع السلاح: سنتدخل بالقوة لو لم يفعلوا    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: قمة شرم الشيخ محطة فارقة وضعت حدا للعدوان    كوت ديفوار تعود إلى كأس العالم بعد غياب 12 عاما    كندا ترغب لتعزيز العلاقات مع الصين والهند مع تمسك ترامب برسومه الجمركية    مصر ومؤتمر السلام بشرم الشيخ: من الدبلوماسية الهادئة إلى توظيف الزخم سياسيا واقتصاديا وسياحيا.. وجود القاهرة على أى طاولة تفاوض لم يعد خيارا بل ضرورة.. وتصريحات ترامب عن الجريمة فى بلاده اعتراف أن مصر بيئة آمنة    كوت ديفوار تفوز بثلاثية أمام كينيا وتعبر إلى كأس العالم    إسبانيا تكتسح بلغاريا برباعية في تصفيات المونديال    هاني رمزي: أسامة نبيه أخطأ في تصريحاته عن منتخب الشباب    تأهل منتخب إنجلترا لكأس العالم 2026 بعد اكتساح لاتفيا بخماسية    يتيجي يقود إيطاليا للفوز بثلاثية نظيفة علي إسرائيل    موعد مباراتي العراق والإمارات في الملحق الخامس ب كأس العالم 2026    مصرع شخصين في تصادم سيارتي نقل على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا    المؤبد و غرامة 100 ألف لعاطل بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بقنا    لا تنجرف في الكلام.. برج الجدي اليوم 15 أكتوبر    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    أكرم القصاص: على الفصائل الفلسطينية إعادة ترتيب أولوياتها وتوحيد الصف    كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار غزة؟ مندوب فلسطين يكشف    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    ازدحام مروري سيعرقل مسارك.. حظ برج القوس اليوم 15 أكتوبر    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    تعادل مثير بين البرتغال والمجر بثنائية لرونالدو وسوبوسلاي    السنغال تحسم التأهل إلى المونديال بعد رباعية موريتانيا    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الأربعاء 15 أكتوبر 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات الأخرى بداية تعاملات الأربعاء 15 أكتوبر 2025    «تقلوا هدومكم».. تحذير من حالة الطقس اليوم : درجة الحرارة 11 ليلا    باختصار.. أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تجدد الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية.. نتنياهو: لن ندخر أى جهد لإعادة رفات المحتجزين فى غزة.. 90% من شوارع قطاع غزة تضررت جراء الحرب    متحدث الري: التغيرات المناخية تؤثر بشكل واضح على قطاع المياه في كل العالم    وزير الاستثمار: الحكومة المصرية ملتزمة بتعزيز الشراكة مع مجتمع الأعمال الأمريكي    فصل الكهرباء عن عدة قرى بالرياض في كفر الشيخ غدًا لمدة 5 ساعات    الجنايات تقضي بالسجن المؤبد على تاجر شابو في قنا    ارتفاع عدد ضحايا حادث سقوط تروسيكل أسيوط إلى خمسة طلاب    باسم يوسف: أكل عيش أني أعارض دايمًا.. والشهرة وجعت دماغي    جيش الاحتلال: الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثامين أسرى إسرائيليين جنوب غزة    زي بتاع زمان.. الطريقة الأصلية لعمل الفطير المشلتت    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    السفير صلاح حليمة: الاحتجاجات في مدغشقر تطورت إلى استيلاء على السلطة بحماية النخبة    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    سعر مواد البناء مساء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    مونلى صديق سوزى يتبرأ منها أمام النيابة: " ظهرت معاها بس عشان نزود متابعين"    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    مواصفة امتحان مادة الدين فى اختبارات الشهر للمرحلة الابتدائية    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    تألق مصري عالمي.. محمد صلاح في قائمة أفضل 50 لاعبًا خلال العقد الأخير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد علي سليمان يكتب: فقه الأضحية ومقاصدها التربوية
نشر في صدى البلد يوم 25 - 06 - 2023

الأضحية لفظة حُبلى بالمعاني السامقة تشع نورا وسرورًا، ولها وقع جليل على القلوب والنفوس.. إنها رمز للفداء وصبر على البلاء واقتداء بأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام.. كما ترمز إلى الامتثال والطاعة.. والرضا والتسليم.. واحترام أقدار الله في الخلق والكون والحياة.. وتعني صدق الصبر وصبر الصدق مع اللطيف الجليل... وتعني الفرج والفرح.. الإيثار، والبعد عن الأنانية، والتكافل والرحمة والتوسعة على أصحاب العوز والفاقة.. إنها حقا السعادة والإسعاد بفضل الله..
وعندما يَهِلُّ علينا شهرُ ذي الحجة، تَحِلُّ علينا النفحات والبركاتُ ونتنسم ذكريات غالية، تدفعنا دفعا للتأمل والتدبر في ابتلاءات خليل الرحمن أبي الأنبياء وإمام المبتلين، والاقتداء به في صبره على البلاء العظيم.. ويحدونا الشوق والحنين إلى زيارة البيت الحرام.. تهفو النفوس وتشتاق القلوب إلى زيارة المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
الأضحية في ضمير الزمان:
إن الابتلاء المقرون بالصبر والتسليم والتأدب مع الله والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه هو طريق النجاة.. والأضحية تذكرنا دوما بالابتلاء العظيم؛ وتعيد الذاكرة الجمعية للأمة إلى أنواع فريدة وجليلة من الابتلاءات.. ولقد ابتلى الله تعالى سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ابتلاءات عظيمة، حيث ابتلاه في ولده إسماعيل ابتلاءين كبيرين:
فبينما هو شيخ كبير ظل يرقبه في ضمير الزمان مدة طويلة، إذ به يؤمر بأن يودعه في مكان موحش هو وأمه، حيث لا أنيس ولا ونيس غير الله، بوادٍ غير ذي زرع.. لا ماء ولا غذاء في تلك البقعة الجرداء..!! وتقول زوجته السيدة هاجر: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لن يُضَيِّعنا الله.. ويمر الوقت، وينفد الماء والزاد.. الصغير يبكي جوعًا وعطشًا.. وقلب الأم يبكي.. بكاء الرضيع يزيد.. ويقينها في ربها يزيد.. فإذا بها تندفع وتجري بين الصفا والمروة.. تنظر يمينًا ويسارًا.. تنظر إلى الأمام وإلى الخلف، فلا تجد شيئًا إلا الثقة بالله.. وكلَّما اقتربت من رضيعها ازداد تألُمها.. حرارة الشمس شديدة، والرضيع لا يفتر عن البكاء.. تندفع بين الصفا والمروة مرة ثانية عساها تجد ما لم تجده في جولتها الأولى، وأخذت تتردد سعيًا بينهما رجاء الفرج، وهي بعيدة عنه بجسدها دون قلبها، حتى إذا هلك يهلك وهي بعيدة عنه ولا تراه..!! لم تيأس من روح الله.. بل ظلت تسعى واليقين في الله حليفها.. ولما بلغت شوطها السابع فإذا بلطف الله يأتيهما.. نظرت من بعيد؛ فإذا بها تجد عينًا تتفجر في وسط الرمال!! ويا لها من كرامة كبرى تخطت حدود الزمان والمكان والحال!! فهرعت إليه لتروي ظمَأَه وظمَأهَا الذي كاد أن يُودي بهما.. إنها زمزم التي تعد شاهد عيان على مكافأة الله للممتثلين لأوامره الصابرين على بلائه؛ لذلك شُرِعَ السعي بين الصفا والمروة، وجُعِلَ شعيرة من شعائر الحج، وكذلك الشرب من ماء زمزم.
ولما بلغ إسماعيل أشده إذا بابتلاء آخر ينتظره وينتظر أباه؛ إذ رأي إبراهيم في منامه أن الله تعالى يأمره بذبح ولده إسماعيل، قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات:102).
وهنا يتجلى الأدب الرفيع العالي.. أدب إبراهيم مع ربه جل وعلا، وأدب إسماعيل مع أبيه عليهما السلام.. إبراهيم يريد أن ينفذ أمر الله بذبح ابنه الوحيد الذي جاءه بعد شوق طويل!! وإسماعيل يضرب أروع الأمثال في الصبر على البلاء وطاعة الآباء، والتأدب مع والده.. فقال: يا أبت -ولم يقل يا أبي- زيادة في الأدب والتبجيل والتعظيم له.. لم يعترض.. لم يهرب.. لم يتلفظ ببنت شفه تغضب ربه أو أباه، بل سلَّم الأمرَ كله لمولاه!!.
ويا ليتنا نتعلم هذه المعاني من أخلاق الأنبياء، ومن كتاب الله الخالد الذي صوَّر هذا المشهد البالغ الدقة، بقول الله تعالى: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات:103-107).
وهكذا لما امتثل الولدُ والوالدُ لأمر الله؛ كان الجزاء هذا الفداء المهيب الذي لم يأت من الأرض، بل نزل من السماء.. من أجل ذلك شرعت الأضحيةُ في الإسلام، وجعل الله ثوابهَا عظيمًا ونفْعَهَا عميمًا... وفي هذه الأيام ونحن نتذكر هذه الذكريات.. نتذكرها وقلوبنا تمتلئ إعظامًا وإكبارًا لسيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل وسيدنا محمد ولرسل الله كافة عليهم السلام؛ لما بذلوه من جهد وعناء ومشقة وابتلاءات في سبيل الدعوة إلى الله..
ومن المقاصد التربوية التي نتعلمها هنا أن كلا من الابتلاءين تعلق بحياة ابنه الوحيد برمتها، فالأول وضعه وهو رضيع في مكان موحش لا ماء فيه ولا غذاء ولا أمن ولا أمان، والثاني ما يتعلق بالذبح بعدما شب عن الطوق واشتد ساعده.. وهكذا فإن الابتلاءات التي تتعلق بالحياة ابتلاءات عظيمة، ولكن الخليل يثق في رحمة الجليل.. ويوقن أن ما شاء الله سيكون، وما لم يشأ لن يكون..
وهكذا يجب أن نعود إلى ربنا ونمتثل له؛ حتى يشملنا الجليل برحمته التي شملت الخليل وابنه عليهما السلام.
فقه الأضحية:
الأضحية نوع هدية وقربان يتودد بها المضحي إلى الرحمن.. فانظر أيها المضحي قدر المهدَى إليه، وقدِّم له الأطيبَ الأنضرَ، ولا يغيب عن ذهنك قوله تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج: 37). كم يلحقك من الخجل أخي القارئ الكريم لو قدمت لرئيسك أو صديقك أو زميلك أو صهرك شيئًا معيبًا؟! فما بالك بما تقدمه لله؟! فلا أقل من أن تختار لربك، كما اخترت لصاحبك وصهرك. فاتق الله فيها، حتى لا تكون وسيلة طرد ومقت، بدلًا من أن تكون وسيلة حب وتقرب إلى الجليل جلا وعلا..!!.
وهكذا يجب أن نتحرى الدقة في أضاحينا، ونختار أفضلها وأجودها؛ فالذكر فيها أفضل من الأنثى، وأفضلها البيضاء، ثم الصفراء، ثم العفراء، ثم الحمراء، ثم السوداء. مع الأخذ في الاعتبار أنه لا تُجزئ عوراءٌ بَيِّنٌ عَوَرُها، ولا عرجاء بَيِّنٌ عرجُها، ولا مريضةٌ لا شحم لها، ولا مقطوعة الأذن أو مكسورة القرن.
ومن العجب أن تجد مَن يُضَحِّي بمقطوعة الأذن أو العمياء أو العرجاء أو العوراء، فهؤلاء لم تنعقد لهم أضحية.. كذلك الذين اشتروا لحمًا من الجزار، أو ذبحوا دجاجة أو أوزة.. أو غيرها مما لم يرد نص بإجزائه، أو الذين ذبحوا قبل وقت الوجوب، وهكذا يجب أن نلتزم شروط القربان..
وعن آدابها فيسن لمن أراد أن يضحي ألا يقلِّم أظافره ولا يقصَّ شيئا من شعره حتى يضحِّي. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ)( أخرجه مسلم في صحيحه).
ويُسن أن تذبح الأضحية بنفسك -إن كنت تحسن الذبح- وأنت تستقبل القبلة، ناويًا بها القرب إلى الله، وتحد شفرتك، وتُرِح ذبيحتك.. والغنم تضجع على شقها الأيسر بيسر، ولا تُرِيها المُدْيَة "أي السكين".
وإذا كان مقام الإحسان من الغايات الكبرى التي يسعى المسلم لتحقيقها، فإن الله أراد أن يربينا ويدربنا من خلال الأضحية على أن يكون الإحسان منهج حياة..
فعَنْ أبي الأشعث، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أوْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحسان عَلَى كُلِّ شَىْءٍ..) وقال: (...وإذا ذَبَحْتُمْ فأحسنوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)( أخرجه النسائي في سننه).
ويستحب أن تقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك وإليك فتقبله مني وأهلي، كما تقبلته من إبراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم.
ويستحب –وليس واجبا- أن تقسم ثلاثًا: ثلث لبيتك، وثلث للصدقة، وثلث للهدايا.. ولا يجوز أن تكون أجرة ذبح الأضحية جزءا منها..
دروس من تضحية النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الفقراء:
أراد النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يجبر خاطر الفقراء والمساكين من أمته ممن لا يستطيع أن يضحي، فضحى عنهم إكراما لهم كما ضحى عن أهل بيته.
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: (ضحَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكبشينِ أقرنينِ أمْلَحَيْنِ أحدِهما عنه وعن أهلِ بيتِه والآخرِ عنه وعن من لم يضحِّ من أمتِهِ) (أخرجه الهيثمي في معجم الزوائد).
وفي صنيع النبي (صلى الله عليه وسلم)، دروس ومقاصد تربوية من بينها: تعليم أمته من بعده معاني التضحية، وجبر الخاطر، والإيثار، وإشاعة معاني المساواة، وأن تتسع معالم الرحمة والتكافل في المجتمع لتشمل شتى الجوانب المادية والمعنوية؛ لينعم مجتمع الإيمان بمنظومة القيم البانية التي من شأنها تحقيق المجتمع الصالح.
من مظاهر تكريم الله للأضحية:
ومن مظاهر تكريم الله للأضحية ما يلي:
- أنها ارتبطت ب: نبيين كبيرين هما: (أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم)، و (أبو العرب سيدنا إسماعيل) عليهما السلام..
- أن الله تعالى رتب على فعلها أجرا عظيما وحث النبي (صلى الله عليه وسلم) على فعلها ورغَّب فيها.
- أن الله عز وجل اختار لها أربعة أيام من أفضل أيام العام (عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة).
- أنها تأتي عقب عبادة وبعد أيام عظَّم الله فيها أجر العبادة وهي العشر الأوائل من ذي الحجة، فعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ) (أخرجه أبو داود في سننه).
مقاصد تربوية:
إذا كانت التربية عبر العصور تستهدف بناء الإنسان الصالح النافع لنفسه ولوطنه وللإنسانية؛ فإن الأضحية بكل معانيها ومقاصدها الإيمانية والتربوية تسهم في تربية الإنسان الصالح والمجتمع المتصالح المتكافل المترابط المتعاون...
ونشير فيما يلي إلى عدد من من المقاصد التربوية للأضحية:
الرحمة والإحسان بالحيوان الأعجم، ممثلا في الذبيحة، وتتجلى في طريقة ذبح الأضحية ومعاملتها برفق ورحمة، كما علمنا رسولنا (صلى الله عليه وسلم)، بأن نحد شفرتنا، ونُرِيح ذبيحتنا، ولا نُرِيها المُدْيَة "أي السكين"، حيث قَالَ: (... وإذا ذَبَحْتُمْ فأحسنوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) (أخرجه النسائي في سننه).
الرحمة والإحسان إلى كل إنسان: وإذا كنا مأمورين بالرحمة والإحسان إلى الأضحية، فمن باب الأولى أن نكون رحماء ببعضنا البعض وبأنفسنا وبكل الناس.
الرحمة والإحسان بالفقراء والضعفاء: فيجب علينا أن نحنوا على الضعفاء وأصحاب العاهات، وذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية حوائجهم، وتحصيل البركة بدعائهم، وإدخال السرور عليهم فرسولنا (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن: (مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (أخرجه مسلم في صحيحه).
الرحمة والإحسان إلى الأطفال: بإدخال البهجة على الأطفال بشتى الوسائل الترفيه المباحة شرعًا؛ حتى يعم الفرحُ والسرورُ، دون ضرر ولا ضرار.
الرحمة والإحسان إلى الطبيعة، فيجب علينا أن نكون رحماء ورفقاء بشتى مفردات الطبيعة والكون (إنسان- حيوان - نبات - حتى الجماد)، ومن ثم يجب أن نأخذ كل الاحتياطات والاحترازات الصحية التي تعلنها الجهات المعنية عن معايير وطرق وآليات وإجراءات ذبح الأضحية، وتطبيقها بمنتهى الدقة والأمانة، حفاظا على المواطنين، وحتى لا تكون وسيلة لنقل العدوى بدلا من أن تكون وسيلة للسعادة والإسعاد.
استثمار شعيرة الأضحية لتعليم أولادنا ثقافة التضحية والعطاء والبذل والحنو على الفقراء والضعفاء ومن ثم غرس ثقافة الحب في قلوبهم وفي قلب المجتمع.
وفي هذا الوقت الحرج من تاريخ العالم أدعو الأثرياء إلى التوسع في أضاحيهم، وبذل معظمها للفقراء والجائعين وغيرهم من الضعفاء والمساكين.. ونشر ثقافة التكافل الاجتماعي والسخاء وبذل الصدقات والهدايا، وإطعام الطعام، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ) (أخرجه ابن ماجة في سننه).
ولنعلم أن العطاء والسخاء وقت شدة الفقر والجوع والعوز والحاجة أكثر ثوابا وأرجى قبولا، ورافعا لدرجات العبد يوم القيامة..
فطيبوا بها نفسًا وأخلصوها لله رب العالمين. وكل عام وحضراتكم بألف خير. وبالله تعالى التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.