يحيط كثير من الغموض باللقاء الذي سبق الإعلان عن احتمال عقده بين السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله والعماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر ، وهل تم عقد اللقاء بالفعل أم سيعقد فيما بعد. العماد ميشال عون زاد الأمر غموضا حينما قال أمس "اذا تم اللقاء مع السيد نصرالله يكون تم، واذا لم يتم فإنه سيتم" ، وذلك في رده على تساؤلات حول هذا اللقاء. كما رفض النائب فريد الخازن عضو الكتلة البرلمانية لعون المسماة "تكتل التغيير والإصلاح" نفي أو تأكيد حصول اللقاء قائلا إنه إذا لم يحصل بعد فسيحصل، معتبرا أن التمايز بين حليفين طبيعي والمواقف بشأنها علنية. ولفت الخازن الى أن "موقف تيار عون الرافض للتمديد هو مبدئي وغير مرتبط بالاشخاص، لأن التمديد في أي موقع في الدولة مردوده غير إيجابي". أما على جانب حزب الله ، فقد قال مسئول العلاقات الإعلامية في الحزب ابراهيم الموسوي، إنه "لا يمكنه أن يؤكد أو ينفي حدوث اللقاء بين العماد ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من عدمه"، ثم قال إنه سيكون هناك بيان إذا حدث شئ. الغموض الذي يحيط باللقاء فتح شهية الصحافة اللبنانية لاستعراض عضلاتها المعلوماتية، فقالت مصادر لصحيفة "الأخبار" أن اللقاء عقد أول من أمس ، وأن أجواء اللقاء كانت ممتازة، وأن الفريقين اتفقا على عدم تأكيد حصول اللقاء أو نفيه. من جهتها، نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر متابعة للموضوع تأكيدها "حصول اللقاء بين عون ونصرالله"، لافتة إلى أنه ربما حصل ليل الاحد - الاثنين، لخلو طرق بيروت من الازدحام. ورأت المصادر أن "نتائج الاجتماع ستعيد المياه الى مجاريها في الأمور المتفق عليها، لكنها ستبقي هامش الحرية الذي أراده عون لنفسه عقب مشاركة حزب الله في الحرب السورية، وبعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري إنفراط عقد تحالف 8 آذار الذي لم يعتبر عون نفسه عضوا فيه أصلا، كما إتفق الفريقان على عدم التنازل في الموضوع الحكومي، والاصرار على تمثيل يوازي الحجم النيابي لكل منهما. صحيفة السفير بدورها ، نقلت عن مصادر منسوبة لحزب الله أن اللقاء جرى منذ يومين ، وأنه اتسم بالصراحة المطلقة ، وطرح كل الملفات التي كانت سببا في انتشار الغيوم بين الطرفين، وأن عون بقى على موقفه الرافض للتمديد للعماد جان قهوجي رغم الجهد الذي بذله حسن نصر الله بإقناعه بهذا الأمر، وأنهما اتفقا على مسلمة أساسية وهي لايمكن القبول بحكومة دون حزب الله او التيار الوطني الحر. غموض اللقاء يأتي بالأساس من الحرص الأمني الشديد الذي يتسم به الأمين العام لحزب الله الذي يعتبر المستهدف الأول من قبل إسرائيل خاصة بعد حرب يوليو 2006 ، كما أن مشاركة الحزب في الصراع السوري توسع دائرة الخطر. أما أهمية اللقاء ، فتأتي من كونه يشكل عملية ترميم للتحالف بين الطرفين (الذي بدأ بتوقيعهما مذكرة تفاهم عام 2006 )، بعد إعلان رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل السيد نبيه بري منذ عدة أيام أن التحالف بين عون والثنائي الشيعي "أمل وحزب الله " قد انتهى على المستوى الداخلي ، بينما هو مستمر على المستوى الاستراتيجي ودعم المقاومة. هذا الإعلان قابلته قوى 14 آذار المناوئة بأنه مجرد مناورة هدفها زيادة حصة 8 آذار من الحكومة ، ورفع سقف مطالبها من الثلث أو الثلث المعطل ( أي 8 حقائب وزارية أو 9 من 24 وزارة) إلى ما هو أكثر. في المقابل يرى كثير من المراقبين أن هناك خلافا حقيقيا أو اختلافا بين بري وعون ، ويصفون العلاقة بينهما بأنها علاقة حليف الحليف ، أي أن عون حليف حزب الله الذي هو بدوره حليف لحركة أمل. وقد تبدت هذه الاختلافات في أشياء عديدة أبرزها معارضة عون للتمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ،وعدم استجابة كتلته لدعوة نبيه بري لعقد جلستين عامتين لمجلس النواب (أمس ، والأول من يوليو الجاري) واللتين أرجأتا لعدم اكتمال النصاب. ويبدو لقاء عون ونصر الله سواء تم أو لم يتم، محاولة لتأكيد أن التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر مازال قائما حتى لو تغيرت العناوين، وأنهما لن يسمحا للطرف الآخر (14 آذار ) بإخراج أحدهما من تشكيلة الحكومة بل قد يطمحا إلى نصيب أكبر من خلال العنوان المرفوع حاليا وهو حكومة وحدة وطنية وفقا للأوزان النيابية. وهذا يؤشر أن ما أعلنه السيد نبيه بري عن رغبته في تسهيل تأليف الحكومة أمام رئيس الوزراء المكلف تمام سلام قد يكون صعب المنال ، لأن الطرح المضاد من قبل 14 آذار لاسيما تيار المستقبل يريد حكومة يغلب عليها التكنوقراط ولايخفي رغبته في استبعاد حزب الله من الحكومة العتيدة حتى لو كان الثمن إبعاد نفسه عن هذه الحكومة.