صدر حديثًا عن الهيئة العامة للكتاب، ضمن سلسلة مصريات، كتاب «مقبرة الكاهن والفليلسوف بيتوزيريس في تونة الجبل» للكاتب الدكتور علي عبد الحليم علي. ويقدم هذا الكتاب شرحا وافيا لمقبرة بيتوزيريس من الناحية المعمارية والفنية فضلاً عن ترجمة بعض نصوصها، كما يلقي الضوء على آثار منطقة تونة الجبل، وقصة اكتشاف مقبرة بيتوزيريس فضلاً عن شخصية صاحبها وظروف عصره، كما يعرض بعض نماذج لأحاديث المزارعين والعمال المصورين بفئاتهم المختلفة داخل المقبرة. ويعتبر هذا الكتاب إضافة مهمة للمكتبة الأثرية. ويحاول الكتاب تقديم دراسة وصفية متبوعة بتحليل وتعليق يبرز أهمية مقبرة بيتوزيريس، وإن كانت هذه المقبرة لا تزال تحتاج إلى العديد من الدراسات والأبحاث والمؤلفات، خصوصا في دراسة مقارنة الحضارات، فهي نموذج رائع لإظهار الدمج والتأثير والتأثر بين الحضارتين المصرية والإغريقية في فترة التقت فيها هاتان الحضارتان، الأولى بمجدها وخبرتها ومخزونها الفكري والثقافي والفني، والثانية بفتوتها وحيويتها وشبابها، ولا يمكن اغفال تأثير حضارة ثالثة كانت لها السيادة على الشرق الأدنى في ذلك الحين، ألا الحضارة الفارسية وهذا ما سيجده القارئ بين صفحات هذا الكتاب. التقت هذه الحضارات وحق لها أن تلتقي في مدينة إله العلم والحكمة والسلام، مدينة جحوتي المعروفة باسم الأشمونين، وهي صاحبة مذهب خلق عريق يفسر نشأة الكون من قوى أزواج أربعة هي الظلام والخفاء والمياه الأزلية والقوة الدافعة التي تحرك هذه القوى جميعا، فضلا عن هذا أظهر بيتوزيريس وبشكل رائع كيف أن المصري يحتوي ويستوعب ثقافات أخرى مغايرة دون التخلي عن ثقافته الأصيلة، وكيف لا وقد عاش بيتوزيريس فترة غامضة احتار علماء الآثار في تحديدها، فمن قائل بأنها فترة الاحتلال الفارسي ومن زاعم أنها فترة دخول الإسكندر وغير هذا من الآراء التي سيتناولها هذا الكتاب بالتفصيل أيضا. تقع مقبرة الكاهن والفيلسوف «بيتوزيريس» كبير كهنة المعبود جحوتي رب العلم والحكمة في منطقة تونة الجبل - مركز ملوي- محافظة المنيا، وهي مقبرة عائلية شيدها بيتوزيريس لنفسه ولوالده وأخيه الأكبر، وتؤرخ بالقرن الرابع ق.م، وترجع أهمية هذه المقبرة في أن مناظرها منفذة بأسلوب خاص جمع بين الفن المصري والفن اليوناني حيث تم الخلط والمزج بين الموضوعات المصرية وبين الموضوعات اليونانية.