أمينة خليل: أنا وسط البنات اللي في جيلي تأخرت شوية في الجواز    الثلاثاء 21 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    شريف فتحي: تعزيز التعاون السياحي بين مصر ومنظمة الأمم المتحدة للسياحة    إعلام غزة الحكومي: دخول 986 شاحنة مساعدات منذ بدء سريان وقف إطلاق النار من أصل 6600 واحدة    الخارجية الروسية: لم يتم الاتفاق على عقد لقاء بين لافروف وروبيو    فرنسا.. ساركوزي يصل إلى سجن بباريس لبدء قضاء عقوبة سجنه لمدة 5 أعوام    موعد مباراة الهلال والسد في دوري أبطال آسيا.. والقنوات الناقلة    موعد والقنوات الناقلة لمباراة بيراميدز وفاركو في الدوري المصري    كشف ملابسات واقعة احتجاز شخص وإجبار زوجته على توقيع عقد بيع عقار بالقاهرة    فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه- 2026م ..غدًا الأربعاء    «دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية المستدامة» ندوة بطب بيطري بنها    «بيطري بنها» تنظم ندوة «دور المشروعات المتوسطة والصغيرة في تعزيز الاقتصاد المصري»    جامعة الأقصر: دمج ذوي الهمم في الأنشطة الجامعية خلال العام الجامعي الجديد وتسهيل التواصل الرقمي    محافظ أسوان: منح إجازة لأي موظف بالمحليات ومديريات الخدمات فى حالة ترشحه للانتخابات    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    "جولدمان ساكس" تحذر من مخاطر اضطراب في إمدادات المعادن النادرة والحيوية    غارات جوية مكثفة تستهدف مطار الخرطوم ومناطق متفرقة بالعاصمة السودانية    أمير قطر: آن الأوان لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وما جرى فى غزة إبادة جماعية    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ الدكتورة فاتن العليمي بمناسبة صدور القرار الجمهوري بتعيينها عميدا لكلية السياحة والفنادق    انخفاض سعر الذهب اليوم فى مصر على خلفية تراجع الأونصة    ياسين منصور: لا ديكتاتورية في الأهلي.. وهذه تفاصيل جلستي مع الخطيب    وليد عبداللطيف: الأهواء الشخصية تسيطر على اختيارات مدربي المنتخبات الوطنية    مدير مديرية الشباب والرياضة بالجيزة يشهد الجمعية العمومية لنادى الزمالك.. صور    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    5.2 مليار جنيه من تحالف 5 بنوك لتمويل مشروع چيفيرا بالساحل الشمالي    السيسي يتوجه إلى بروكسل لرئاسة القمة المصرية الأوروبية الأولى وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي    الصيف لسه مكمل.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    إصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بالفيوم    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    بسبب 200 جنيه.. مقتل فكهاني طعنا على يد سباك في الوراق    محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية قصر النيل بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    ضبط 95149 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    سيمفونية وجدانية.. عمر خيرت يحيي حفلا استثنائيا في الأوبرا    ناهد السباعي: «السادة الأفاضل» ليس فيلم ممثل واحد.. ولم أشعر بصغر مساحة الدور    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    بعد 11 يوما.. الملك الذهبي يطل على العالم بكنوزه كاملة لأول مرة من أمام إحدى عجائب الدنيا السبع    "طاهر المصري" و"علي كلاي" و"فن الحرب".. أعمال تنافس في دراما رمضان 2026    تامر أمين بعد سرقة اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره.. يحمد ربنا على نعمة مصر    الحكومة: تنظيم مهرجان شتوى فى تلال الفسطاط على غرار فعاليات العلمين    نجلاء بدر وروجينا بإطلالتين ملفتتين على السجادة الحمراء فى مهرجان الجونة    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    الصحة تعلن أهداف النسخة الثالثة من المؤتمر العالمى للسكان    وزير الصحة يوجه بتجهيز البنية التحتية لإدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة الصحية    كيف تميز بين نزلة البرد العادية والتهاب الجيوب الأنفية؟    «الرعاية الصحية»: قدمنا أكثر من 50 ألف خدمة طبية وعلاجية للاجئين من 60 جنسية مختلفة    الانتفاخ ليس دائما بسبب الأكل الدسم.. تعرّف على 5 أسباب خفية    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    أسعار الذهب العالمية تلتقط الأنفاس بعد ارتفاعات قياسية    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    القائد العام للقوات المسلحة يستقبل اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للتهنئة بذكرى انتصارات أكتوبر    الباشا والزعيم    لامين يامال يطارد رقما قياسيا أمام أولمبياكوس في دوري أبطال أوروبا    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    السر المُذاع في المغرب    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد داود: الله تعهد بنصرة رسوله ودفع الافتراء عنه.. ومروجو الإساءة هدفهم الفتنة
نشر في صدى البلد يوم 16 - 11 - 2021


الدكتور محمد داود المفكر الإسلامي:
-الإساءة إلى رسول الله فرصة لبيان فضله وعظيم أخلاقه ورحمته
-الإساءات ضد النبي محمد والقرآن والإسلام نبوءة قرآنية
-الله تعهد بنصرة نبيه ورعايته ودفع كل إساءة أو افتراء عنه
-إساءات الكارهين للإسلام باطلة المفعول ولا تؤثر على النبي أو دعوته ورسالته
-النبي تعرض للهجوم والإساءة منذ اللحظة الأولى من إعلانه للدعوة
-مروجو الإساءة للنبي يحاولون استفزاز المسلمين وإيقاعَهم في الفتنة
-على أتباع النبي العودة إلى سنته حتى لا نكون شركاء في الإساءة


أكد الدكتور الدكتور محمد داود، المفكر الإسلامي الأستاذ بجامعة قناة السويس، أن الإساءات ضد رسل الله وأنبيائه -عليه السلام- سنة جارية على مر الزمن، لافتاً إلى أن العداء بين قُوى الشر والطُّغيان، وبين رسل الله الدُّعاة إلى الخير والحقِّ والعدل سُنَّة جارية على كل الأنبياء، قال تعالى:«وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ» (الأنعام: 112)، «يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ» (يس: 30).

وقال «داود» في حواره ل«صدى البلد»: إن هناك درساً نتعلمه من القرآن أمام كل إساءة وأذى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم-، وهو أن القرآن يعلمنا أن نأخذ من محاولات الإساءة فرصة لبيان الحقائق التي تتعلق وتتصل بهذا النبي وعظيم أخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


◄هل تنبأ القرآن الكريم بالإساءة بالنبي؟
الإساءات ضد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن والإسلام نبوءة قرآنية، قال تعالى: «وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» (آل عمران/186).

◄كيف دافع القرآن الكريم عن النبي -صلى الله عليه وسلم -؟
تعهد الله تعالى بنصرة نبيه صلى الله عليه وسلم ورعايته، ودفع كل إساءة أو افتراء عنه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة: 67)، «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» (الحجر95:94).

◄ما معنى أن الله عصم نبيه من الإساءات، وكفاه المستهزئين، والإساءات تتكرر ضد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

معنى أن الله يعصم نبيه من الناس وأن الله كفاه المستهزئين معناه أن إساءاتهم وافتراءاتهم باطلة المفعول لا تؤثر على النبي ولا على دعوته ورسالته.
فلا تتحقق مقاصدهم، بل تتأتى النتائج بعكس ما خططوا له، حيث تُلْفِت هذه الافتراءات الانتباه، وتثير حب التعرف على هذه الشخصية فإذا بهم يحسنون من حيث أرادوا أن يُسيئوا، وإذا بهم يقفون على الحقيقة عندما يطلعون على عظيم خلقه ورحمته ورأفته صلى الله عليه وسلم، مما يدفعهم إلى لإيمان به أو على الأقل احترامه وتقديره.

◄ متى بدأ الهجوم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
منذ اللحظة الأولى التي أمر الله فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن يصدع «يجهر ويعلن» بالدعوة: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ» (الحجر:94)، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم قومه ودعاهم إلى الإسلام وهو فيهم الصادق الأمين الذي يودعون عنده أماناتهم ويحتكمون إليه في أشد خلافاتهم، فلما دعاهم انقلبوا في وجهه.
عن ابن عباس قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا؛ فقال: «يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش، فقالوا له: ما لك قال: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقون، قالوا: بلى قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبًا لك ألهذا دعوتنا جميعًا، فأنزل الله عز وجل: «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ» (المسد5:1) (رواه البخاري).

ومنذ هذه اللحظة والهجوم والافتراء والإساءة تتوالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

◄ كيف نتصدى للإساءات المتكررة ضد الرسول التي أحيانا تكون بالرسوم المسيئة؟
إن من يروجون الإساءة للنبي -صلى الله علي وسلم- يحاولون استفزاز المسلمين وإيقاعَهم في الفتنة، والوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، وحين يخرج المسلمون في مظاهرات وأفعال تدميرية، يفرح الخصوم والمدبِّرون؛ لأنهم هكذا تحقق غرضهم، ونفذ كيدُهم ومكرُهم، وظهر المسلمون - كما أراد أعداؤهم - بمظهر من لا يحسن إلَّا لغةً واحدةً، هي لغة العنف والإرهاب والتدمير، ولا شأن لهم بلغة الحضارة من البيان والحوار ومقارعة الحجَّة بالحجة، واللجوء إلى القانون.
فالفكر يُعالَج بالفكر، وليس بالقتل والتدمير، ولذلك نحن على قدْر ما نستنكر الإساءةَ إلى سيدِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقدْرِ ما نستنكر ردَّ الفعل المندفع المتهوِّر الذي يُضيع حقَّنا، ويُحوِّلُنا من أصحاب حقٍّ إلى مُدانين مُخطِئينَ، وتُرفَع ضدَّنا القضايا، وتسوء العلاقات.

إذن: كيف نواجه ونردُّ هذه الإساءات؟

لنا أسوةٌ في هَدْيِ القرآن حين كانت تُوجَّه الإساءات إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبماذا أمرَه ربُّه؟ تسجل آيات القرآن بوضوح ودقة الافتراءات والإساءات ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

◄فبماذا أمر الله نبيه أن يفعل أمام هذه الإساءات؟

حين تطاول المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالوا: ساحر، شاعر، كاهن، وقالوا حديث الإفك عن زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ وقالوا أقوالًا منكرة عن الله تعالى، وكان ذلك يشق عليه صلى الله عليه وسلم، فهو أعلم الخلق بجلال الله سبحانه وتعالى.
ولقد سجل القرآن بعض أقوالهم: «قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ» (آل عمران)، «وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» (المائدة).
وأمام كل هذه الافتراءات بماذا أمره ربه، بحسبنا أن نتدبر قول الله تعالى: «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ» (الحجر/99:97).

بل إنَّ الله سبحانه وتعالى نهانا عن سبِّ آلهة الكفَّار؛ كي لا نُعطيَهم مبرِّرًا للتطاول على الذات الإلهية، فقال عز وجل: «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأنعام: 108).
وفي سورة الأحزاب درس للأمة في فقه المواجهة والرد على الإساءات والافتراءات: فلمّا تكالبت الأحزاب واجتمعت لتصفية الوجود الإسلامي بالمدينة، جاء تأييد الله عز وجل ونصره لنبيِّه صلى الله عليه وسلم بعد شدائد اهتزت بسببها نفوسٌ واضطربت، ونزلت سورة الأحزاب لتسجل الموقف وتعلم الأمة الدرسَ، درسَ فقه المواجهة للخصوم والأعداء:

«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (الأحزاب/1)، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته في شخص النبي صلى الله عليه وسلم، يوصيهم أن يلزموا تقوى الله تعالى ليرى الناس فينا الربانية التي يفتقدها البشر في تخبطهم بإعراضهم عن هدي الله تعالى.
وفي ثنايا السورة يتكرر التوجيه بزيادة قوله تعالى «وَدَعْ أَذَاهُمْ»، قال تعالى: «وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا» (الأحزاب/48)، لا تقفوا عند محاولات الإساءة والأذى، فأنتم أصحاب رسالة، فامضوا في أداء رسالتكم ولمقصدكم الأعلى.
إن المسلمين هم أطباء العالم وهداتُه ومصلحوه لو اهتدوا بهدي الله تعالى وتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، «وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا»، أن يستمد المؤمن يقينه وثقته من الله تعالى، فلا يتحول الأمر إلى صراع شخصي وعداء شخصي، وإنما انظر إلى ما كُلِّفت به من هداية الناس.

◄ما الدرس الذي نتعلمه من القرآن في فقه وحكمة المواجهة؟
ودرس آخر نتعلمه من القرآن أمام كل إساءة وأذى، وهو أن القرآن يعلمنا أن نأخذ من محاولات الإساءة فرصة لبيان الحقائق التي تتعلق وتتصل بهذا النبي وعظيم أخلاقه، وأنه منة من الله تعالى ورحمة لسائر العوالم، ولعل في هذه الإساءات والافتراءات ما يلفتنا إلى جوانب من عظمة نبيِّنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فرُبَّ ضارَّةٍ نافعة، فإن إثارة الشبهات والإساءات إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصة للحديث عن النبي وبيان فضله وعظيم أخلاقه وسماحته ورحمته.
فرصة لأهل الفن أن يعلنوا ويعبروا عن حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأعمال درامية ترد على أي فيلم أساء للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فرصة لأهل لغة الكاركاتير أن يعبروا عن عظمة هذا النبي صلى الله عليه وسلم بهذه اللغة الخاصة، فالفن لغة عالمية للرد على الرسوم المسيئة.
فرصة للمرشدين السياحيين أن يتحدثوا وأن يُعرِّفوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم بصورة مباشرة حين يجدون الفرصة لذلك، وبصورة غير مباشرة بسلوكهم الحميد.
بل الفرصة الأكبر لأتباع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به أن يعودوا عودًا حميدًا إلى سنته صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا نكون شركاء في الإساءة.
والحذر كل الحذر من التهور والاندفاع والانفعال الطائش الذي يقودنا إلى الخطأ فنجني على أنفسنا، وصدقت حكمة الشاعر:
لا يبلغ الأعداءُ من جاهلٍ * ما يبلغ الجاهلُ من نفسهِ

◄اذكر لنا صورًا من دفاع القرآن الكريم عند الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
تولى الله تعالى الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وأثبت القرآن ذلك، حيث جاءت الآيات تدفع الشبهات والافتراءات بالحكمة البالغة وتُلقن النبي صلى الله عليه وسلم حجته، من ذلك:
1. إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبعثته:
فحين قالوا: «مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ» [ص/7].
لقنه الله حجته: «قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ» [الأحقاف/9].
2. عدم إتيان الرسول صلى الله عليه وسلم بآيات «معجزات كونية» من عند الله كالأنبياء قبله:
«لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» [الرعد/7].
«وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» [العنكبوت/51:50].
3. تعليق الإيمان بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم حتى ينزل كتابا عليهم من السماء:
«يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا» (النساء/ 153).
«وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» [الأنعام/7].
4. مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم بالإتيان بالملائكة لتشهد بصحة ما تقول:
«لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» [الحجر/7].
«وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا» [الإسراء/94].
«قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا» [الإسراء/95].
5. النبى صلى الله عليه وسلم أُذُن يصدق ما يقال له:
«وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» [التوبة/61]. ومعنى «وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ»: أي ويُصدِّق المؤمنين.
6. ادعاء هجر الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم وبغضه له؛ فأنزل الله قوله:
«مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى» [الضحى/5:3].
إن الصراع بين الحق والباطل سُنَّةٌ جارية إلى يوم القيامة، وكما كانت الافتراءات قديمًا فهي تُثار حديثًا، والإساءات لا تنقطع ولن تنقطع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.