أبدى الناقد السينمائي أمير العمري اندهاشه لفوز فيلم المخرج عبد اللطيف كشيش المسمى "الأزرق أكثر الألوان دفئا" أو "حياة أديل" بالسعفة الذهبية لمهرجان كان في دورته السادسة والستين التي أعلنت جوائزها الليلة. وقال العمري إن الفرق بين تناول المشاعر الإنسانية تناولا فنيا رفيعا، حتى من خلال فيلم يدور حول العلاقات المثلية التي يسميها البعض بالشذوذ الجنسي ، وبين استعراض العلاقات الجنسية، المألوفة منها والمثلية، أي بين الرجل والمرأة، أو بين اثنين من الجنس نفسه، دون معرفة الخيط الرفيع الذي يفصل بين أعمال الفن، وأفلام الإثارة، أي بين فيلم يستخدم الجنس لكي يعبر عن المشاعر الإنسانية ويكثفها، وبين إستخدامه من أجل صدم المشاهدين أو إثارتهم أو التباهي بالإقدام على ما لم يقدم عليه أحد سوى في أفلام البورنو بل والتماهي مع أفلام البورنو التي لا نعتبرها من الفن الرفيع أصلا، فهذا ما رفضناه ونرفضه في فيلم "حياة أديل". وأضاف:" كنا نتخيل أن ستيفن سبيلبرج بتكوينه السينمائي، ورئيس للجنة التحكيم في مهرجان كان هذا العام، سينأى بنفسه، لأسباب فنية، عن منح السعفة الذهبية لفيلم كشيش الذي تستغرق مشاهد الجنس المثلي فيه ما يقرب من ساعة كاملة إن لم يكن اكثر .. دون أن يكون في التكرار أي فائدة أو إضافة درامية أو جمالية إلى موضوع الفيلم. واشار الي ان "نقاد كان" في معظمهم، يميلون إلى تغليب الاحتفاء بالاسلوب السينمائي وهو لا شك متميز عند قشيش في قدرته الهائلة على التقاط التفاصيل، والحميمية والتلقائية التي يصور بها مشاهد فيلمه، وقدرته الكبيرة على تدريب الممثلين والتحكم في أدائهم. وقد أشدنا بكل هذه الجوانب في الفيلم لكننا رفضنا ذلك الاستغراق في تصوير مشاهد بتفاصيلها بما لا يضيف للفيلم بل يسبب الإرهاق للكثير من المشاهدين. وأكد العمري أن تغلب الآراء داخل لجنة التحكيم لصالح هذا الفيلم، وتفضيله على "نبراسكا" بموضوعه الإنساني الكبير، وفيلم "الماضي" بفكرته ومعالجته الرصينة، أو "داخل ليولين ديفيز" فيلم الأخوين كوين الذي أسعد المشاهدين بسخريته اللاذعة، أو الفيلم الإيطالي البديع "الجمال العظيم"، ليس سوى إنتصار للتفاهة، وإعلاء من شأن الجرأة أيا كان هدفها بل وحتى لو كانت مطلوبة في حد ذاتها أومن أجل إدعاء "الجدة" والتجديد، على حساب سينما الشعر والفن الرفيع والتعبير الذاتي عن العالم، سينما التأمل والحس الصوفي المعذب أو السينما التي تلمس فيها معاناة فنان يريد أن ينطلق للعالم. وشدد على أن منح السعفة الذهبية لفيلم "حياة أديل" فضيحة رسمية لمهرجان كان، ويعكس خضوعا مقيتا من جانب لجنة التحكيم لاستطلاعات آراء نقاد فرنسا بميولهم المتطرفة الذين سبق لهم أن تباروا في التصويت لصالح فيلم من أكثر أفلام مخرجه رداءة وإدعاء واصطناعا، وهو فيلم "دوجفيل" Dogville(2003) للارس فون ترايير، وهو الفيلم الذي إستنكره مخرجه نفسه، أو أنكره على نحو ما، فيما بعد، علما بأنني من أشد المعجبين بموهبة فون ترايير، وكنت من الذين قالوا إن بروزه كمخرج بفيلم "أوروبا" (1991) كان إعلانا عن مولد موهبة سينمائية جديدة فذة على الساحة العالمية. يذكر أن الجائزة الكبرى للجنة التحكيم ذهبت هذا العام إلى فيلم "داخل ليولين ديفيز" للأخوين كوين، بدلا من أن يحصل على السعفة الذهبية ، وفازت الممثلة الفرنسية برنيس بيجو بطلة فيلم "الماضي" للإيراني أصغر فرهادي بجائزة أحسن ممثلة. وعن فيلم "نبراسكا" وهو من أفضل أفلام المسابقة، فاز الممثل الأمريكي الكبير بروس ديرن بجائزة أحسن ممثل عن دوره في هذا الفيلم الرائع. وجاءت المفاجأة في حصول المخرج المكسيكي أماتي إسكلانتي مخرج فيلم "هيلي" على جائزة أحسن إخراج، وفاز الفيلم الصيني "لمسة خطيئة" بجائزة السيناريو.