وكيل تعليم الفيوم يشهد حفل ختام الأنشطة التربوية للعام الدراسي 2025    البورصات الأوروبية تغلق تعاملات الثلاثاء على ارتفاع جماعي    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا لمجلس وزراء جمهورية السودان    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    تشكيل الإسماعيلي لمواجهة طلائع الجيش بكأس عاصمة مصر    كاميرات ترصد الكارثة.. سرقة ثروات نوال الدجوي في وضح النهار ( تفاصيل)    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    عرض فيلم «المشروع x» في سينما قصر ثقافة العريش بشمال سيناء    مسرحية "يا إحنا يا هى" تحيى ذكرى وفاة سمير صبري.. شاهد    أسماء بنات جميلة ونادرة مسلمة    محافظ الإسكندرية: توجيهات رئاسية بإعادة إحياء موقع أبو مينا الأثري    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    إزالة 88 حالة تعد ضمن المرحلة الأولى للموجه ال 26 بأسوان    ياسمين صبري تشارك متابعيها كواليس «فوتوسيشن» جديد    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    في جراحة دقيقة وعاجلة.. فريق طبي ينقذ يد مريض من البتر ب مستشفى السنبلاوين العام    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    المحاولة الخامسة منذ 2008.. توتنهام يبحث عن منصات التتويج أمام مانشستر يونايتد    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    «بعد حديث مهيب».. أسامة حسني يكشف تفاصيل تمديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    بث مباشر.. الأهلي 13-11 الزمالك.. دوري السوبر للسلة    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    محافظ سوهاج يسلم التأشيرات والتذاكر للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    بالصور.. يسرا وهدى المفتي من كواليس تصوير فيلم الست لما    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    «الوطني الفلسطيني» يرحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا لوقف العدوان على غزة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد سجود شاب شكراً لله لرؤية عمرو دياب .. 4 مواضع يجوز فيها سجدة الشكر
نشر في صدى البلد يوم 16 - 08 - 2021

تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للهضبة عمرو دياب في لفتة إنسانية جميلة، مع شاب من ذوي القدرات الخاصة يحتضنه على مسرح خلال آخر حفلاته الغنائية بالساحل الشمالي.

وعبر الشاب عن سعادته بمقابلة الفنان عمرو دياب، بالسجود شكرًا لله تعالى بعد أن نجح الصعود على المسرح، فما كان من عمرو دياب سوى التفاعل معه والتقاط صورة تذكارية رفقته.
ويرصد «صدى البلد» في هذا التقرير حكم سجود الشكر ومواضعه، سجود الشكر سنة، وذهب جمهور العلماء إلى أنه يُشترط في سجود الشكر ما يُشترط في الصلاة من الطهارة وستر العورة ونحوهما؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ»؛ فيدخل في عمومه السجود، ولأنه صلاة فيشترط له ذلك كالصلاة المعتادة، وبالقياس على سجود السهو؛ فإنه يُشترط له ذلك.

أسباب سجود الشكر:
المسلم يسجد سجود الشكر بسبب كثيرٍ من الأمور التي قد تحصل في حياته، وتستدعيه أن يشكر الله -تعالى- ويحمده على أن يسرّ له حصول النعمة، أو دفع البلاء، وفيما يأتي بين بعض تلك الاسباب:
1- أن الله -تعالى- يرزق العبد بالمولود ذكرًا أو أنثى، بعد انتظار المسلم ذلك لفترةٍ طويلةٍ.
2- أن يدفع الله -تعالى- عنه بلاءً، بأن يشفي له مريضًا ويعافيه.
3- أن ينجي الله -تعالى- العبد من مصيبةٍ كادت تحصل له؛ كانقلاب سيارةٍ، أو حادث تصادمٍ.
4- أن ينصر الله -تعالى- عباده الصالحين في حياتهم.

آراء الفقهاء في سجود الشكر
اختلف الفقهاء فيما بينهم في حكم سجود الشكر ما بين سنيته وعدم مشروعيته، وفيما يلي بيان ذلك: ذهب علماء الحنفية إلى أن سجدة الشكر مسنونة، وهذا رأي الصاحبين، وعليه الفتوى، قال الإمام الحصكفي: "وسجدة الشكر: مستحبة، به يفتى".

أما الإمام أبو حنيفة فلا يراها مشروعة، واختلف علماء الحنفية في معنى ذلك بين من قال إن الإمام لا يرى سنيتها، وبين من قال لا يرى وجوبها، وحجة الصاحبين ورودها عن الصحابة رضوان الله عليهم كأبي بكر وعمر وعلي.
قال ابن عابدين: "(قوله به يفتى) هو قولهما -أي أن الفتوى على سنية سجود الشكر-، وأما عند الإمام فنقل عنه في المحيط أنه قال: لا أراها واجبة؛ لأنها لو وجبت لوجب في كل لحظة؛ لأن نعم الله تعالى على عبده متواترة، وفيه تكليف ما لا يطاق، ونقل في الذخيرة عن محمد عنه أنه كان لا يراها شيئا، وتكلم المتقدمون في معناه؛ فقيل لا يراها سنة، وقيل شكرا تاما؛ لأن تمامه بصلاة ركعتين كما فعل عليه الصلاة والسلام يوم الفتح، وقيل أراد نفي الوجوب، وقيل نفي المشروعية وأن فعلها مكروه لا يثاب عليه، بل تركه أولى، وعزاه في المصفى إلى الأكثرين، فإن كان مستند الأكثرين ثبوت الرواية عن الإمام به فذاك، وإلا فكل من عبارتيه السابقتين محتمل، والأظهر أنها مستحبة كما نص عليه محمد؛ لأنها قد جاء فيها غير ما حديث وفعلها أبو بكر وعمر وعلي، فلا يصح الجواب عن فعله صلى الله عليه وسلم بالنسخ".
في سجود الشكر.. 13 كلمة تنصح بها دار الإفتاء
هل سجدة الشكر بعد كل صلاة بدعة؟ علي جمعة يجيب
أما المالكية فقد ذهبوا في مشهور مذهبهم إلى كراهة سجود الشكر، قال الإمام ابن الحاجب رحمه الله تعالى: "ويكره سجود الشكر على المشهور". وجاء في المدونة: "قال ابن القاسم وسألت مالكا عن سجود الشكر يبشر الرجل ببشارة فيخر ساجدا؟ فكره ذلك"
وذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى أن سجود الشكر مستحب، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "وسن سجدة للشكر كسجدة التلاوة خارج الصلاة، عند هجوم نعمة كحدوث ولد، أو جاه، أو مال، أو قدوم غائب، أو عند اندفاع نقمه كنجاة من غرق، أو حريق"، وقال الإمام المرداوي: "ويستحب سجود الشكر هذا المذهب مطلقا، وعليه الأصحاب".

إلا أنه في قول عند الحنابلة أن سجود الشكر يكون لنعمة عامة للناس، وليس لنعمة خاصة بالفرد، إلا أن الراجح عندهم أن سجود الشكر يسن لهجوم النعمة أو اندفاع النقمة سواء كانت عامة أم خاصة، قال الإمام المرداوي: «فائدة: الصحيح من المذهب: أن يسجد لأمر يخصه نص عليه وجزم به في الرعاية الكبرى، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب».
الأدلة:
استدل الإمام أبو حنيفة على عدم مشروعية سجود الشكر بالآتي:
أولاً: السجدة الواحدة ليست بقربة إلا سجدة التلاوة.
ثانياً: أنها لو وجبت لوجبت في كل لحظة؛ لأن نعم الله تعالى على العبد متواترة بمعنى أنها لا تنتهي.
أما الإمام مالك فقد استدل بالآتي:
أولاً: أنه سجود الشكر ليس مما شرع في الدين فرضا ولا نفلا؛ إذ لم يأمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فعله، ولا أجمع المسلمون على اختيار فعله، والشرائع لا تثبت إلا من أحد هذه الوجوه.
ثانياً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا المسلمون بعده؛ ولو كان لنقل؛ إذ لا يصح أن تتوفر دواعي المسلمين على ترك نقل شريعة من شرائع الدين وقد أمروا بالتبليغ. ثالثاً: أن ما قص الله تعالى علينا من سجود داود عليه الصلاة والسلام بقوله: «وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ»، وعن بعض الصحابة رضوان الله عليهم لا دليل فيه؛ إذ ليست سجدة شكر، وإنما هي سجدة توبة، وعلى فرض التسليم فهذا شرع من قبلنا.
واستدل جمهور الفقهاء ممن ذهب إلى سنية سجود الشكر بالآتي: أولاً: القرآن الكريم في قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (الحج: 77)، وهذا أمر عام بفعل الخير وبالسجود فيدخل فيه سجود الشكر، قال الإمام ابن حزم: "مسألة: سجود الشكر حسن، إذا وردت لله تعالى على المرء نعمة فيستحب له السجود، لأن السجود فعل خير، وقد قال الله تعالى: «وافعلوا الخير»، وكذلك قول الله تعالى: «وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ» (ص: 24)، قال الإمام الشربيني رخمه الله تعالى: "بل هي أي: سجدة (ص) سجدة شكر؛ لتوبة الله تعالى على داود عليه الصلاة والسلام، أي: لقبولها".
ثانياً: السنة النبوية المطهرة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي روت سجوده عليه الصلاة والسلام شكراً لربه عز وجل، ومن هذه الأحاديث:
ما رواه أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنِّي سَأَلتُ رَبِّي وَشَفَعتُ لأُمَّتِي، فَأَعطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرتُ سَاجِدًا شُكرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعتُ رَأسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي فَأَعطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكرًا، ثُمَّ رَفَعتُ رَأسِي، فَسَأَلتُ رَبِّي لأُمَّتِي فَأَعطَانِي الثُّلُثَ الآخِرَ فَخَرَرتُ سَاجِدًا لِرَبِّي»، وعن أبِي بكرة، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ»، ما رواه ابن ماجه في سننه: سنن ابن ماجه (1 / 446): عن عَبد الرَّحمنِ بنِ كَعبِ بنِ مالكٍ عن أَبِيهِ، قَالَ: "لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَرَّ سَاجِدًا».

وأجابوا عن دليل أبي حنيفة بأنها لو وجبت سجدة الشكر لوجبت في كل لحظة؛ لأن نعم الله تعالى على العبد متواترة.
بأن سجود الشكر يستحب عند هجوم نعمة ظاهرة أو اندفاع نقمة معينة، قال الإمام المرداوي: "قال القاضي وجماعة: يستحب عند تجدد نعمة أو دفع نقمة ظاهرة؛ لأن العقلاء يهنون بالسلامة من العارض، ولا يفعلونه في كل ساعة، وإن كان الله يصرف عنهم البلاء والآفات، ويمتعهم بالسمع والبصر، والعقل والدين، ويفرقون في التهنئة بين النعمة الظاهرة والباطنة، كذلك السجود للشكر.
وأجابوا عن دليل الإمام مالك بأنه لم يرد وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، بأن سجود الشكر ورد فعله من النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما من أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ" فقد حسنه الترمذي وصححه الحاكم. وكذلك ورد سجود الشكر عن أصحابه رضوان الله عليهم.

كيفية سجود الشكر
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه يجوز شرعًا السجود للشكر بدون طهارة كما ذهب إلى ذلك عدد من الفقهاء المعتبرين، والأولى وبه تمام السُنَّة أن تكون متوضئًا مسقبلًا القبلة ما أمكن، وأن تنوي وتكبر، ثم تنزل ساجدًا وتسلم؛ خروجًا من الخلاف.
وأوضح المفتي في إجابته عن سؤال: «ما كيفية سجود الشكر وهل يشترط له الطهارة؟»، أنه أوجب الله تعالى على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ» [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: «وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ» [العنكبوت: 45]، ووعد الله تعالى بنجاة الشاكرين من المؤمنين وجزائهم خير الجزاء حيث قال: «مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ» [النساء: 147]، وقال تعالى: «وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ» [آل عمران: 145]، وقال عز من قائل: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» [إبراهيم: 7].
فوائد سجود الشكر
وواصل: ولوجوب شكر نعمة الله تعالى على عباده شُرعت سجدة الشكر عند حدوث نعمةٍ أو دفعِ بليةٍ؛ فروى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء الشيء يُسر به خر ساجدًا شكرًا لله تعالى".
وروى أبو داود بسنده عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبًا من عَرْوَزا -بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الواو، هضبة الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة- نزل فرفع يديه فدعا الله تعالى ساعة، ثم خر ساجدًا فمكث طويلًا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدًا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه قال: «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي».

حكم سجود الشكر
وأردف: ولهذه الأحاديث وغيرها ذهب محمد وأبو يوسف من الحنفية والشافعي وأحمد إلى أن سجدة الشكر سنة، وذهبوا إلى أنها يُشترط لها ما يُشترط في الصلاة من الطهارة وستر العورة ونحوهما؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ»؛ فيدخل في عمومه السجود، ولأنه صلاة فيشترط له ذلك كالصلاة المعتادة، وبالقياس على سجود السهو؛ فإنه يُشترط له ذلك.

ونقل قول الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع": [وهي -أي سجدة التلاوة وسجدة شكر- صلاة؛ (فيُعتبر لهما ما يُعتبر لصلاة نافلة من الطهارة وغيرها)؛ كاجتناب النجاسة واستقبال القبلة وستر العورة والنية؛ لأنه سجود لله تعالى يُقصد به التقرب إليه، له تحريم وتحليل، فكان صلاة كسجود الصلاة والسهو]. وروي عن الإمام الشعبي ما ينبئ عن أنه لا تُشترط فيها الطهارة ولا استقبال القبلة، فقد ورد ذلك عنه في سجود التلاوة؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني": [وعن الشعبي فيمن سمع السجدة على غير وضوء: يسجد حيث كان وجهه].
هل يشترط الوضوء لسجود الشكر؟
وأكد أن عدم اشتراط الوضوء لسجدة الشكر هو ما ذهب إليه بعض المالكية وعلماء آخرين وابن القيم والشوكاني والصنعاني، قال العلامة قاسم بن ناجي التنوخي المالكي في "شرحه على متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني": [(ولا تسجد السجدة في التلاوة إلا على وضوء): ... ويقوم -يعني يَتَحَصَّلُ- من كلام الشيخ -ابن أبي زيد القيرواني- أن سجود الشكر على القول به يفتقر إلى طهارة وهو كذلك على ظاهر المذهب، واختار بعض من لقيناه من القرويين عدم افتقاره إليها، بل يسجد بلا طهارة؛ لأنه إذا تركه حتى يتطهر أو يتوضأ أو يتيمم زال سؤال سجوده منه].
ولفت إلى أنه ذهب الشوكاني إلى أن سجدة الشكر لا يُشترط فيها الوضوء وطهارة الثياب والمكان؛ قال في "نيل الأوطار" بعد ذكر الأحاديث التي وردت فيها سجدة الشكر: [ومما يؤيد ثبوت سجود الشكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتقدم في سجدة ﴿ص﴾: «هِيَ لَنَا شُكْرٌ، وَلِدَاوُد تَوْبَةٌ»، وليس في أحاديث الباب ما يدل على اشتراط الوضوء وطهارة الثياب والمكان، وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى وأبو طالب، وذهب أبو العباس والمؤيد بالله والنخعي وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه يُشترط في سجود الشكر شروط الصلاة، وليس في أحاديث الباب أيضًا ما يدل على التكبير في الشكر، وفي "البحر" أنه يُكبر].
وأكمل: واستدل من لم يشترط الوضوء لسجود الشكر بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا جاءهم الخبر السارُّ يسجدون عقبه، ولم يأمرهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالوضوء، وأن هذه الأمور تفاجئ العبد وهو على غير طهارة، وتركها مضيع لمصلحتها، كما أنَّ الله تعالى أذن في هذا السجود وأثنى على فاعله، وأطلق ذلك دون اشتراط الطهارة فيه، ولم يأمر بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه، وأجابوا عن قياس سجود الشكر على الصلاة بأن سجود الشكر يختلف عن الصلاة في أنه لا قراءة فيه ولا ركوع، كما يجوز في سجود الشكر أن يكون القارئ خلف الإمام وأنه لا تشترط المصافَّة فيه؛ كما قال شرف الحق العظيم آبادي في كتابه "تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته" : [وليس إلحاق محل النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق].
وجمع الإمام الونشريسي المالكي أدلة عدم اشتراط الطهارة لسجود الشكر والجواب عن أدلة القائلين به في كتابه "المعيار المعرب" حيث نقل عن سيدي محمد بن مرزوق المالكي أنه قال بعد ذكر كلام من اشترط الطهارة لها: [ويبقى فيه من البحث أن يُقال: لا نُسلم حكم اشتراط الطهارة في الأصل الذي هو سجود التلاوة، وما نُقل عن القاضي فيه من نفي الخلاف لا يصح لما بوب عليه البخاري قوله: باب سجود المسلمين ثم المشركين. والمشرك نجس ليس له وضوء.
وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء، وذكر حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وآله وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس].وقال: [وذكر ابن العربي في شرحه المسمى ب"العارضة" فقال فيه: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "كَانَ إذا جَاءهُ أمرُ سُرُورٍ خَرَّ ساجدًا شكرًا لله". خرَّجه أبو داود وأبو عيسى، وقال: العمل عليه عند أكثر أهل العلم. انتهى. فحذف الصلة أقوى في الاستدلال؛ لأنها تفيد العموم إن قلنا: إن النكرة في سياق الشرط تفيده، ولابد في العموم من اعتبار الأحوال والأزمنة على ما هو التحقيق، فتخصيص المخصص هو السجود بكونه على طهارة يحتاج إلى دليل والأصل عدمه، وإن لم نقُل بإفادتها العموم.
فإن قلنا: الفعل المثبت يدل على العموم على القول به فواضح، وإلا كان العموم فيه من القرائن كلفظ كان الدال على الدوام عند من يرى ذلك أو غيرها من القرائن، أو يكون العموم فيه من الملاحظة معنى قاعدة الشافعية في ترك الاستفصال في حكاية الأحوال، والله تعالى أعلم]. ثم نقل عن الإمام الوانوغي المالكي أنه قال: [لا نص في اشتراط الطهارة لسجود الشكر. وقال بعضهم: لا تشترط لأنه يأتي فجأة].كيفية سجود الشكروأفاد بأن الأولى لمن أراد أن يسجد سجدة الشكر أن يكون متوضئًا متجهًا إلى القبلة، وينوي ويُكبر فيهوي سجودًا ثم يُسلِّم؛ لأن الخروج من الخلاف مستحب؛ فإن باغتته النعمة وتعذر عليه الوضوء وشق عليه ترك ما شَغَلَهُ من شأنٍ، فيجوز له أن يسجد على حاله؛ متوضئًا أو لا، متجهًا للقبلة أو لا؛ تقليدًا لمن أجاز ذلك من العلماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.