فى زخم التحديات والتهديدات والقضايا والملفات والأزمات الإقليمية والدولية ومن فرط الاهتمام المشروع بقضايانا وإنجازاتنا ونجاحاتنا.. لا يجب أن نتجاهل فى عملية بناء الوعى وتشكيل الوجدان ثقافة الطفل.. وعلى الإعلام أن يولى صياغة استراتيجية شاملة لبناء الوعى وتشكيل وجدان الأطفال أهمية فى ظل محاولات التزييف والتغييب واختطاف الهوية المصرية.. وحملات الغزو والاحتلال الفكرى والثقافي.
فى ظل محاولات التغييب والتزييف والاحتلال الفكرى والغزو الثقافى .. هناك غياب لمضمون ومحتوى اعلامى يستهدف بناء الوعى وتشكيل وجدان الأطفال قضية مهمة أثارتها زميلتى الكاتبة الصحفية جمالات يونس فى إحدى حلقات صالون الجمهورية الثقافى ولفتت الانتباه إليها وهى غياب ثقافة الطفل.. وأيضاً يكاد يكون الإعلام خالياً من أى محتوى أو مضمون أو برامج أو أعمال تقدم للطفل. ربما يكون السبب الرئيسى لعدم وجود محتوى أو مضمون أو برامج أو مواد درامية للأطفال هو الحجم الهائل من التحديات والقضايا والملفات الكثيرة خاصة فى ظل زخم الانشغال الإعلامى بالقضايا السياسية على الصعيدين المحلى والدولى وكثرة الصراعات والقضايا والملفات والأزمات الإقليمية بالإضافة إلى تداعيات جائحة كورونا والقضايا الاقتصادية وحالة الحراك الدولي.. وعجلة التنمية والبناء التى تدور فى البلاد وأيضاً تحديات الإرهاب والتطرف وغيرها من القضايا التى يزدحم بها دولاب العمل الإعلامي. إذا كنا نتحدث عن تشكيل وجدان الأجيال الجديدة وأبناء المستقبل وبناء الوعى الحقيقى لهم.. فإن هذا الوجدان الراقى والوعى الحقيقى لابد أن يبدأ من الصغر ومن الطفولة.. خاصة أن المقولة المأثورة «التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر» أمر مهم للغاية.. وأعتقد أن الإعلام لا يجب أن يكون وحيداً فى هذه المهمة وإن كان له الدور الأكبر فى هذا التوقيت شديد الصعوبة فى ظل جائحة كورونا وتقييد الحركة والأنشطة بالنسبة للأطفال والصغار.. واختلال العام الدراسى ما بين الذهاب إلى المدارس أو اتخاذ قرار أولياء الأمور بعدم ذهاب أبنائهم إليها.. وأيضاً حتى وإن كان الذهاب فإن أهمية التباعد وعدم التزاحم ومحدودية الأعداد طبقاً لتداعيات تفرضها جائحة كورونا يكون من الصعب تنفيذ البرامج المدرسية التى تستهدف تشكيل وجدان الأطفال وبناء وعيهم سواء فى الذهاب إلى المكتبات وأنشطة المسرح والموسيقى أو حتى دور المدرس فى هذا الإطار. الإعلام والثقافة منوطان بمهمة الرعاية الفكرية للأطفال.. وأهمية بناء استراتيجية ثقافية وإعلامية لتشكيل وجدان الأطفال وبناء وعيهم ولابد أن يتكامل ويتعانق الإعلام والثقافة لإحداث نقلة نوعية فى مجال تشكيل الوجدان وبناء الوعى لدى الأطفال خاصة فى ظل الاحتياج إلى تحصين عقول أجيال المستقبل ضد تهديدات ومحاولات العبث فى العقول وتزييف وتغييب الوعي. غياب الإعلام الوطنى عن دوره فى تشكيل وجدان الأطفال وبناء وعيهم الحقيقى يفسح المجال أمام منصات وقنوات ومضامين ومحتوى آخر للنيل من عقولهم.. ولا نضمن جدوى المحتوى والمضمون الآخر.. لأن هناك قوى وجماعات تسعى من خلال ما تقدمه للأطفال إلى ترسيخ عملية احتلال وغزو عقلى لاختطاف الهوية والعبث فى الثوابت.. وضرب منظومة القيم والأخلاق والمبادئ المصرية والعربية التى تشكل جوهر الأديان السماوية وتلبى الحاجة إلى ثقافة وطنية.. وتجذير أسس الولاء والانتماء.. وقدسية الأرض والأوطان. نحن أمام حروب من نوع جديدة غير تقليدية تستهدف العقول والفكر والوجدان.. والعالم الافتراضى والالكترونى مليء بالخبائث الفكرية والمضامين والمحتوى المدفوع والممنهج للنيل من عقول أبنائنا الذين أصبحوا أسرى لدى جهاز المحمول بكل ما يحمله من سرعة فى الوصول إلى العالم باختلاف مكوناته ومضامينه وأفكاره ومن هنا يجب أن ندق ناقوس الخطر فى ظل افتقار الإعلام المصرى والعربى لمحتوى ومضمون إعلامى وثقافى يستهدف الأطفال وتشكيل وجدانهم وبناء وعيهم. الحقيقة نحن فى حاجة إلى إطلاق مشروع قومى أو مبادرة قومية أو حملة قومية لتشكيل وجدان أطفالنا وصغارنا.. وبناء الوعى الحقيقى لديهم من خلال استراتيجية متكاملة.. ومحتوى ومضمون يتضمن كافة أبعاد الغايات والأهداف الوطنية من خلال رسائل ومحتوى يتناسب مع كافة الأعمار فى سن الطفولة.. ويؤكد على الهوية المصرية.. والتعرف على التاريخ والحضارة المصرية بشكل سهل ومبسط ومشوق وفيه إبهار وأيضاً جوهر الدين الصحيح من خلال إطار إبداعى يحمل مضموناً تشرف عليه قائمة من المبدعين وعلماء الدين يقدم فى الإعلام التقليدى والإعلام الحديث وتأسيس منصات إلكترونية إعلامية خاصة بالأطفال تخاطب كل الفئات وتلبى أيضاً احتياجات أصحاب القدرات الخاصة وذوى الهمم.. بمعنى أننا يجب أن نقدم مضموناً ومحتوى متكاملاً وشاملاً يستهدف الجميع يرتقى بوجدان الأطفال ويربطهم لهويتهم.. ويرسخ التعاليم والقيم والمبادئ المصرية.. ويعلى من شأن منظومة الأخلاق.. ويحصن عقولهم ووعيهم ضد حملات وهجمات التزييف والتغييب.. ومحاولات الاحتلال والغزو الفكرى الذى يستهدف تغيير الهوية واختطاف العقول. من الضرورى الاهتمام بإفراد مساحات وأوقات فى الإعلام لعرض منتج ومحتوى ومضمون لحماية عقول أطفالنا.. وتشكيل وجدانهم وبناء وعيهم.. فى الماضى كان الجميع يستيقظ على برامج الأطفال فى الإذاعة كانت أبلة فضيلة وفى التليفزيون (ماما نجوي).. كانت برامج تناسب التوقيت والامكانيات وتعمل على التوعية بكافة أنواعها لدى الأطفال وأعمال درامية للأطفال مثل (بوجى وطمطم) وغيرها من الأعمال التى كانت تستهدف ترسيخ وإيصال رسائل مهمة فى وجدان وعقول الأطفال سواء صحية وأخلاقية وتعليمية. عندما نستعرض الإعلام فى مصر.. نجد عدم الاهتمام المطلوب بثقافة الطفل أو تلحظ غياب مضمون ومحتوى إعلامى وثقافى ودرامى مخصص للصغار.. ونتركهم فريسة للمواقع والمنصات العشوائية أو الممنهجة أو المدفوعة لبناء وعى مزيف لديهم أو حتى تغريبهم عن مجتمعاتهم ومنظومة القيم والأخلاق المصرية.. ولم تلتفت إلى طبيعة الألعاب التى يمارسونها على تليفوناتهم وأجهزة الكمبيوتر وأصبح لدينا قاموس غريب من التعبيرات والكلمات والمصطلحات والشتائم و«تكبير المخ».. و(طنش) وهى دعوات للسلبية ناهيك عن قاموس الألفاظ المسيئة والبذيئة. عدم الاهتمام بتقديم محتوى ومضمون وبرامج خصيصاً للطفل يخلق فراغات ومساحات من الممكن أن يتحرك فيها الآخرون بما يضر بفكر وعقل ووعى وجدان أبنائنا.. لذلك لابد أن نبادر بصياغة استراتيجية إعلامية ثقافية تستهدف بناء وعى ووجدان الطفل المصرى فى زخم فوضى المحتوى والمضمون الذى يملأ المنصات والمواقع والقنوات المعادية.. لذلك لابد من الاهتمام بتقديم برامج تليفزيونية وإذاعية وتخصيص منصات إلكترونية معروفة واضحة فيها إبداع وتشويق وأيضا مضمون هادف يحقق الغايات المصرية فى بناء أجيال المستقبل بشكل صحيح حفاظاً على مستقبل الوطن وأمنه القومي. من هنا أطالب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفى الكبير كرم جبر بعقد سلسلة من الندوات وورش العمل يشارك فيها خبراء الإعلام والثقافة والطفولة والتاريخ والحضارة وخبراء الأمن القومى وصولاً لصياغة استراتيجية كاملة وشاملة تستهدف بناء الوعى وتشكيل الوجدان وربط الطفل المصرى بالهوية المصرية ومنظومة القيم والأخلاق والثوابت المصرية فى زخم التحديات والتهديدات والاستهدافات الفكرية ومحاولات قوى الشر وأعداء مصر فى احتلال وغزو عقول أطفالنا وبالتالى شباب المستقبل الذين هم عماد الأمة ومستقبلها، من المهم أن تتضمن الاستراتيجية الإعلامية والثقافية للطفل تعليمهم أساليب التفكير والتنشئة والتربية الإعلامية وكيفية مجابهة الشائعات والأكاذيب وتعليمهم آلية الوصول إلى الخبر الصحيح والتدقيق من خلال مبادئ وأسس بسيطة ومبسطة وفى شكل إبداعى مبهر.