قال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والباحث في الشأن التركي، الدكتور بشير عبد الفتاح، إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لديه دوافع عدة للتقرب من القاهرة منها فشل استراتيجيته في توظيف جماعة الإخوان الإرهابية ، وفرض القوة العسكرية في المنطقة لتحقيق حلم الهيمنة واستعادة الإمبراطورية العثمانية. وأضاف عبد الفتاح ، في تصريحات ل"صدى البلد"، أنه بعد أن تأكد الرئيس التركي أردوغان من هذا الفشل بدأ في التودد ل مصر لأنها مفتاح للتقارب مع الدول العربية ودول منطقة شرقي المتوسط، معقبا: أول مرة يحدث هذا التودد من قبل كل الأطراف داخل تركيا الرئيس والحكومة والمعارضة وهذا يعكس الإلحاح والرغبة الشديدين في التقارب. وتابع عبد الفتاح، مطلوب من الجانب التركي وفقا للرؤية المصرية أن تترجم الأقوال إلى أفعال، بمعنى أن الأمنيات وحدها والخطاب السياسي الإيجابي وحده ليس المطلوب، بل يجب على أردوغان أن يتخذ سياسات وقرارات فعلية، فيما يتعلق بجماعة الإخوان الإرهابية "المنابر الإعلامية التي تستضيفها تركيا"، كذلك عدم التدخل العسكري في ليبيا وسوريا والعراق، وتهديد الأمن المائي العربي والتوقف عن استخدام دبلوماسية البوارج البحرية في الشرق المتوسط، معقبا: لابد أن يكون الخطاب السياسي التوددي مصحوبا ب سياسات واقعية تضمن تحولا في الموقف التركي وليس مسألة الأمنيات أو الخطاب الإيجابي فقط.
وأكد عبد الفتاح أن تعيين مصر للحدود البحرية مع اليونان، والتنسيق المصري اليوناني القبرصي يصعب من التقارب مع تركيا لان القاهرة أعلنت أنه لا تقارب مع أنقرة إلا إذا كانت أثينا ونيقوسيا شريكتين، مشيرا إلى أن شراكة هذه الدول تفرض على أردوغان تسوية الخلافات معها، وأنه لن يكون هناك تقارب بين القاهرةوأنقرة على حساب شركاء مصر. ولفت عبد الفتاح أن الرئيس التركي أردوغان يلمح بأن تركيا أقرب لمصر من قبرص واليونان وهذا خطأ ، لأن المصالح مع قبرص واليونان أعلى بكثير وأكبر من المصالح مع تركيا والدول أخذت خطوات لا يمكن لمصر أن تتجاهلها في التعاون معها، وبتالي مصر لن تتحرك بمفردها مع تركيا وإنما تراعي دول الخليج والتنسيق معها وتراعي قبرص واليونان وهذا سيجعل التقارب المصري التركي ليس سهلًا وعلى أردوغان أن يتخذ خطوات لإرضاء كل هذه الأطراف أولا. واختتم عبد الفتاح حديثه مؤكدا أن مصر لا ترغب في العداء مع تركيا، ولن تعادي أي طرف، وفي نهاية المطاف تركيا دولة مسلمة وهي عمق استراتيجي وحضاري لمصر والدول الإسلامية. وقالت مصادر إن تركيا أجرت اتصالات دبلوماسية مع مصر وإنها تتطلع إلى توسيع التعاون بين البلدين. وذكرت المصادر أن تركيا اقترحت اجتماعًا مع الطرف المصري لبحث سبل التعاون بين البلدين، لكنها أوضحت أن الاتصالات لا تزال في مراحل أولية. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، قوله: "لدينا اتصالات مع مصر على المستوى الاستخباراتي، وعلى مستوى وزارة الخارجية. وبدأت الاتصالات على المستوى الدبلوماسي". وعقب تصريحات الوزير التركي، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن "مصدر رسمي" قوله إن الاتصالات الدبلوماسية بين القاهرةوأنقرة "لم تستأنف وأن الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية". وأضاف المصدر أن مصر تتوقع من أي دولة تتطلع إلى إقامة علاقات طبيعية معها أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وأن تكف عن محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وقال المصدر إن البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال، مشيرا إلى أنهما "يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقا للأعراف الدبلوماسية المتبعة". وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن هذه الاتصالات ليست على المستوى الأعلى ولكنها قريبة منه، وأعرب عن أمله في أن تتواصل هذه المساعي مع الطرف المصري بشكل أكبر.