لا طالما ابهرتنا المرأة المصرية على مواجهة الظروف وتحدي الحياة، "قسمت" هي امرأة أربعينية تلفت انتباهك للوهلة الأولى بعفويتها وروحها الجميلة، تبلغ من العمر 47 عاما، تكافح من أجل تربية أولادها، وتجول شوارع طنطا بالدراجة الكهربائية لتوصيل الطلبات، تتخطى الصعاب، وتواجه مطبات الحياة، لتقدم رسالة عن قدرة المرأة المصرية على امتهان أي مهنة ما دامت توفر لها كسب حلال. خرجت "قسمت" للعمل بعدما تركها زوجها مع أربعة أبناء في أعمار مختلفة، لتتحمل هي مصاريفهم ومتطلباتهم بالحياة، امتهنت في البداية الكثير من الوظائف التي لم تلقى استحسانها، فقررت أن تؤسس مشروع خاص بها، وكانت فكرة توصيل الطلبات هي الأقرب إلى قلبها. ذكرت "قسمت" أنه في البداية كانت تتجه لشراء الطلبات وتوصلها لاصدقائها وأهلها ومعارفها فقط، وكانت تعتمد على نفسها بدون وسيلة مواصلات تنقلها من مكان لآخر، ولكن بعد أن قررت التوسع وتحويل الفكرة لمشروع خاص، اضطرت لتوفير وسيلة سهلة الحركة والتنقل وتكلفتها مناسبة لها، ولحبها لركوب العجل منذ الصغر كانت هي الوسيلة الأنسب لها، وبعد ذلك اعتمدت على الموتوسيكل والدراجة الكهربية. وتابعت أنها تواجه تعليقات الناس في الشارع بصدر رحب وابتسامة رضا، فتتردد على أذنيها كلمات سخيفة من قبل البعض، مثل: "عيب على سنك" ، "انتي ست ازاي تركبي موتوسيكل" ولكنها تتخطى كل ذلك من أجل تربية أبنائها كما تتمنى، وعلى النقيض يشيد الكثيرون بروحها الجميلة وابتسامتها وعفويتها ويشجعوها علي مواصلة السير في دروب الحياة. وأوضحت أنها تباشر عملها يوميًا بتلقي المكالمات على هاتفها من عملائها وزبائنها، لتقوم بتوصيلها وتسليمها في أسرع ما يمكن متخذه الموتوسيكل وسيلة في ذلك، ومؤخرا افتتحت محل صغير تتابع فيه سير العمل وتنظم الطلبات، وليكون مصداقية للعملاء عن مقر عملها، ويحبها الصغير والكبير بمنطقتها، ويلتمس لها زبائنها وعملائها الأعذار حال تأخرها عليهم. وتتمنى "قسمت" أن تتيسر أمور حياتها، وأن تحقق لها وظيفتها متطلباتها وتربي ابنائها بالحلال، فطموحها ليس التوسع في العمل، ولكن الاستثمار في أولادها ليكونوا ثمرة تعبها بالحياة. واختتمت حديثها برسالة لكل امرأة تحاول وتجتهد رغم الظروف، قائلة: " المهم اننا ندخل على ولادنا قرش حلال، المهم انك تكوني قادرة تكملي المشوار، المهم انك تقدري تقومي بعد ما تقعي".