«الفقر والجهل والعرف» ثالوث مدمر للمجتمعات، وقد أفرز هذا الثالوث زواج القاصرات ظنا من أوليائه أنه دواء للفقر والعجز أو أنه ستر واستعفاف وإحصان لبناتهم، أو أنهم لم يستيقنوا أن الله تكفل بالرزق لجميع مخلوقاته، قال تعالى فى شأن الآباء والأبناء: «نحن نرزقكم وإياهم ويكثر زواج القاصرات فى القرى والمناطق النائية والعشوائية لغلبة التقاليد الموروثة على الدين، ويحتال أولياء الأمور لتزويج بناتهم القاصرات إما باللجوء إلى مكاتب الصحة لتسنين البنت، أو الزواج العرفى عن طريق أحد أئمة المساجد أو المحامين حتى تبلغ السن القانونية فيوثقون الزواج هربا من الفقر أو طمعا فى الثراء السريع. يجب صدور قانون لتجريم العقود العرفية دون السن القانونية، لأننا وجدنا أن هناك قسائم مزورة من قبل منتحلى صفة المأذون، والمشكلة إنه يتم الإعلان عنهم فى الجرائد ومحطات المترو بأنه مأذون شرعي، وليس بمأذون، كما حدث الأسبوع الماضى فى واقعة القبض على أحد العاملين بوزارة الأوقاف فى واقعة زواج أقل من السن القانونية. الأسباب الحقيقية لزواج القاصرات تنحصر فى تفشى الجهل والتقاليد الموروثة، والأب الذى يعلم أن ابنته الصغيرة لا تتحمل المسئولية ثم يزوجها فهو بذلك يخالف تعاليم الإسلام، والنبي، صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته...)، والإسلام أسند الرأى للولى فلا زواج إلا بولي، فإذا كان الولى يدرى ثم يتجاهل فهذا أمر يحاسب عليه أمام الله، ولا يليق أن يلقى الأب بابنته لغريب تحت دعاوى أو مبررات واهية كالخوف من الفقر أو أن يفوتها قطار الزواج أو ضيق ذات اليد، فى حين أن الله تبارك وتعالى يقول: «وفى السماء رزقكم وما توعدون»، ويقول تعالي: «نحن نرزقهم وإياكم»، فالله تبارك وتعالى ضمن الأرزاق للآباء والأبناء، ولا يليق برجل ذى مروءة أن يزوج ابنته لمن هو فى عمر أبيها، وكذلك على الرجل أن يختار الزوجة الصالحة الملائمة له، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس». لذا ينبغى ألا تزوج البنت إلا إذا كانت تستطيع تحمل المسئولية، وتقوم بأعباء بيت وأسرة وأطفال وتتولى تربيتهم والقيام على شئونهم وتوجيههم الوجهة السليمة، وأيضا ينبغى أن تكون قادرة على تحمل مسئوليات الزواج، وتستطيع أن تنهض ببيتها، والقاصر لا تستطيع أن تفعل ذلك، ولا تقوم به ولا تتحمله، وهذا لا يقوى عليه إلا ذات عقل راجح وفكر سليم، والقانون حدد سنا للزواج، فلا ينبغى أن نخترق القانون، لأن فيه مصلحة الجميع، للبنات والبنين. وأضاف: إن هناك أكثر من مشكلة فى هذا الشأن للتحايل على القانون، وهى تسنين البنت، وبشهادة التسنين التى يستخرجها والدها من وزارة الصحة، (وهذه الظاهرة خطيرة وموجودة بالفعل فى بعض القري) يعقد بها القران على ابنته، ومن هنا يتم التزوير، ومخالفة القانون والشرع، ومن ناحية أخري، يعقدون عقدا عرفيا فى ورقة غير معترف بها، ثم ينتظرون حتى تبلغ السن القانونية، ثم يزوجونها زواجا شرعيا، وكل ذلك مخالف للقانون.